قليلة جداً بل نادرة هي النماذج العربية التي يتنازل فيها الحاكم عن السلطة بمحض إرادته بل إن القاعدة تقول إنه لا يترك السلطة إلا إلى القبر كما هو الحال في أغلب النماذج التي نعرفها. هذا هو جوهر الأزمة في البلاد العربية إنها مشكلة التداول على السلطة. اليوم في الجزائر وفي مصر وفي سوريا وفي ليبيا... لا تدور المعركة إلا على السلطة ومن سيفوز بها في نهاية المطاف ولو كلف ذلك دمار الوطن كما هو الحال في كل هذه البلدان. أي أن السلطة أهم من الوطن ومن الدولة ومن مستقبل أجيال بكاملها وإلا فكيف نفهم أن يرضى الحاكم بتدمير الوطن مقابل البقاء في الحكم أو الوصول إليه؟
الثابت هو أن طبيعة الأنظمة العربية خاصة الجمهوريات العسكرية إنما تأسست على الانقلابات العسكرية المغلّفة بغلاف الثورة مثلما هو الحال في مصر منذ 1952 أو في ليبيا أو في سوريا أو غيرها من الدول العربية. لكنها رغم العقود الطويلة التي أمضتها في السلطة فإنها لم تنجح في تحقيق أي نهضة اقتصادية أو اجتماعية بل كرست أبشع الأشكال الدكتاتورية التي لم تتردد في استعمال كل أنواع القمع في التعامل مع شعوبها. رغم هذا الفشل الذريع ترفض الأنظمة العربية التنازل عن السلطة بل تتمسك بها مع كل الفوضى والخراب الذي تسبب فيه ذلك.
في مصر يتحرك النظام العسكري من أجل تعديل الدستور لتمكين الجنرال الانقلابي من الحكم أطول فترة ممكنة وفي سوريا التي تحولت إلى أطلال لايزال الرئيس هناك متشبثا بالسلطة أما في الجزائر فإن الرئيس المترشح للعهدة الخامسة لا يقوى على الحراك. هذا المشهد الحزين الذي يغلب على المنطقة يتأسس على أزمة تداول السلطة الذي تحول إلى سبب من أسباب الخراب الرئيسية التي تهدد وجود المنطقة ككل.
تملك المنطقة من الموارد البشرية والطبيعية ما يجعلها تطمح إلى أن تكون في مصاف الدول المتقدمة لكنها تعاني أعقد أنواع العجز والتخلف والتراجع الحضاري بسبب غياب آليات التداول السلمي على السلطة بشكل أضعفها وكشفها على كل الأطماع الممكنة. لقد كانت ثورات الربيع العربي في مجملها تطالب بمزيد من الحرية ومن ضرورة القطع مع المنظومات الاستبدادية لكنها لم تنجح على ما يبدو في إقناع السلطة السياسية بهذه المطالب وهو ما يفتح المنطقة على احتمال قوي لاندلاع موجة ثورية ثانية ستكون مختلفة تماما عن سابقتها.بقلم: محمد هنيد
الثابت هو أن طبيعة الأنظمة العربية خاصة الجمهوريات العسكرية إنما تأسست على الانقلابات العسكرية المغلّفة بغلاف الثورة مثلما هو الحال في مصر منذ 1952 أو في ليبيا أو في سوريا أو غيرها من الدول العربية. لكنها رغم العقود الطويلة التي أمضتها في السلطة فإنها لم تنجح في تحقيق أي نهضة اقتصادية أو اجتماعية بل كرست أبشع الأشكال الدكتاتورية التي لم تتردد في استعمال كل أنواع القمع في التعامل مع شعوبها. رغم هذا الفشل الذريع ترفض الأنظمة العربية التنازل عن السلطة بل تتمسك بها مع كل الفوضى والخراب الذي تسبب فيه ذلك.
في مصر يتحرك النظام العسكري من أجل تعديل الدستور لتمكين الجنرال الانقلابي من الحكم أطول فترة ممكنة وفي سوريا التي تحولت إلى أطلال لايزال الرئيس هناك متشبثا بالسلطة أما في الجزائر فإن الرئيس المترشح للعهدة الخامسة لا يقوى على الحراك. هذا المشهد الحزين الذي يغلب على المنطقة يتأسس على أزمة تداول السلطة الذي تحول إلى سبب من أسباب الخراب الرئيسية التي تهدد وجود المنطقة ككل.
تملك المنطقة من الموارد البشرية والطبيعية ما يجعلها تطمح إلى أن تكون في مصاف الدول المتقدمة لكنها تعاني أعقد أنواع العجز والتخلف والتراجع الحضاري بسبب غياب آليات التداول السلمي على السلطة بشكل أضعفها وكشفها على كل الأطماع الممكنة. لقد كانت ثورات الربيع العربي في مجملها تطالب بمزيد من الحرية ومن ضرورة القطع مع المنظومات الاستبدادية لكنها لم تنجح على ما يبدو في إقناع السلطة السياسية بهذه المطالب وهو ما يفتح المنطقة على احتمال قوي لاندلاع موجة ثورية ثانية ستكون مختلفة تماما عن سابقتها.بقلم: محمد هنيد