+ A
A -
كلما أكتب مقالا أذكر فيه محاسن وأفضال الكويت.. يأتيني السؤال: لماذا غادرت الكويت؟ وهو السؤال الذي واجهتني به ابنتي عام 1994 وهي من مواليد الكويت.. ولم يتغير جوابي.. وهو الاحتلال العراقي وتبعاته.. وما كان سيجري لي لو بقيت في الكويت إذا رفضت التعامل معهم وماذا سيجري لو تعاملت معهم سواء من رجال الثورة الكويتيين الناشطين والذين كان قلبي وعقلي معهم.. فمنهم أبناء أعزاء وذوو قربى ونسب..
وفي شهر فبراير من كل عام تثار الأسئلة نفسها..
وعندما كتبت مقال (شعب واحد) تحدثت فيه عن التراث والتاريخ المشترك بين قطر والكويت.. اتصل بي مواطن عربي قطري فلسطيني يقول لي لماذا خرج 450 ألف فلسطيني من الكويت.. وأنت لماذا غادرت الكويت ؟
قلت في عام 1990 احتلت العراق الكويت.. حينها كنت أعمل محررا بجريدة الوطن الكويتية خلال الفترة المسائية.. وكنت مكلفا بأمانة سر محافظة حولي في الفترة الصباحية بقرار من المحافظ عبد اللطيف البرجس.. رحمه الله وطيب ثراه..
فحاصرتني وظيفتي.. وبينما كنت أعبر الطريق ذاهبا إلى مبنى الوطن لكي أحضر أوراقي الخاصة من مكتبي اعترضتني سيارة وتفاجأت بالمدعو حامد الملا الملحق الثقافي العراقي يقول لي: نريدك معنا سوف نصدر جريدة النداء.. قلت أنا مجاز.. فقال.. أنت مجاز من العهد البائد.. اقطع إجازتك وعد غدا للعمل.. رفضت فهددني وقال: كل من لم ينصع للأوامر يعرف ما هو عقابه..
مضت أيام وأنا لا أنام في بيتي ولا أذهب للمنطقة التي أعيش فيها.. وصدر قرار يطلب من كل العاملين بوزارة الداخلية الالتحاق بأعمالهم.. فحاصرتني وظيفتي الإعلامية ووظيفتي الأمنية.. فأنا واقع لا محالة في براثن حامد الملا أو السجن.. وما أدراك ما السجن في زمن الفوضى.. واللاحكم..
ذهبت إلى البيت مع أسرتي وقد اتخذت قرارا بالرحيل.. وتتفست الصعداء حين غادرت الحدود العراقية..
تحررت الكويت.. وتم القبض على كل من عملوا بالنداء وصدرت عام 1994 أحكام بإعدامهم.. ولكن إنسانية الكويت استجابت لوساطة جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا وتم تخفيض الإعدام إلى المؤبد.. واستجاب أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد لوساطة العاهل الأردني المغفور له الملك حسين عام 1999 بالإفراج عن الأردنيين الثمانية عشر الذين كانوا محكومين بالإعدام.. ليعودوا للأردن.
أما لماذا خرج 450 ألف أردني فلسطيني من الكويت.. فقد كان بسبب خطأ ارتكبته منظمة التحرير وهو أمر اعترف به الزعيم نايف حواتمة في حوار معي نشرته في الوطن عام 1998.. وقال إن هناك خطأ ارتكبته قيادة المنظمة في اجتماع القمة العربية بوقوفها ضد قرار الجامعة في طرد القوات العراقية بالقوة.. وهو ما قاله أحد الناجين من الإعدام الذي قال «إن الفلسطينيين أخطأوا خطأً جسيماً عندما اتخذوا موقفاً مؤيداً لعراق صدام حسين وعندما تناسوا، في سوادهم الأعظم، فضل الكويت عليهم. ولعل ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع بالذات هو إحساسي التام والذي لا تشوبه شائبة بأننا أخطأنا خطأً جسيما حين قررت قيادتنا الفلسطينية، التي تعودت على ارتكاب الأخطاء الجسام، بل القاتلة أحياناً، الانحياز إلى تأييد الغزو، لا، على الأقل، الوقوف موقفاً محايداً، وكانت النتيجة أن حل بفلسطينيي الكويت ما حل بهم من ويلات نتجت عن هجرة أخرى اضطروا إليها. وأحياناً أميل إلى الاعتقاد بأن الفلسطينيين كانوا ضحية استغفال مورس عليهم من جانب قوى كانت لها مآرب شريرة ووقعوا في فخ ماكر نصب لهم وشربوا جراء ذلك من الكأس ما أفقدهم وعيهم وجعلهم يتخبطون. وللحقيقة أقول إنني لا ألوم الكويتيين على تطبيقهم لمبدأ «الخير يخص والشر يعم» وذلك أن الذي حصل للكويت والكويتيين لم يكن بالشيء السهل. ولا أجد غضاضة في القول وعلى رؤوس الأشهاد إن القيادة الفلسطينية أخطأت خطأ جسيماً حين وقفت ضد مصلحة الشعب الفلسطيني بالكويت».. أقول هذا فقط إجابة عن التساؤل ولا أطمح أو أبغي شيئا سوى التعبير عن ولاء وحب لوطن قدم للقضية الفلسطينية وما زال يدعو لأن نقول كلمة الحق وإن أغضبت من لا يريدون سماعها..
وفي شهر فبراير من كل عام تثار الأسئلة نفسها..
وعندما كتبت مقال (شعب واحد) تحدثت فيه عن التراث والتاريخ المشترك بين قطر والكويت.. اتصل بي مواطن عربي قطري فلسطيني يقول لي لماذا خرج 450 ألف فلسطيني من الكويت.. وأنت لماذا غادرت الكويت ؟
قلت في عام 1990 احتلت العراق الكويت.. حينها كنت أعمل محررا بجريدة الوطن الكويتية خلال الفترة المسائية.. وكنت مكلفا بأمانة سر محافظة حولي في الفترة الصباحية بقرار من المحافظ عبد اللطيف البرجس.. رحمه الله وطيب ثراه..
فحاصرتني وظيفتي.. وبينما كنت أعبر الطريق ذاهبا إلى مبنى الوطن لكي أحضر أوراقي الخاصة من مكتبي اعترضتني سيارة وتفاجأت بالمدعو حامد الملا الملحق الثقافي العراقي يقول لي: نريدك معنا سوف نصدر جريدة النداء.. قلت أنا مجاز.. فقال.. أنت مجاز من العهد البائد.. اقطع إجازتك وعد غدا للعمل.. رفضت فهددني وقال: كل من لم ينصع للأوامر يعرف ما هو عقابه..
مضت أيام وأنا لا أنام في بيتي ولا أذهب للمنطقة التي أعيش فيها.. وصدر قرار يطلب من كل العاملين بوزارة الداخلية الالتحاق بأعمالهم.. فحاصرتني وظيفتي الإعلامية ووظيفتي الأمنية.. فأنا واقع لا محالة في براثن حامد الملا أو السجن.. وما أدراك ما السجن في زمن الفوضى.. واللاحكم..
ذهبت إلى البيت مع أسرتي وقد اتخذت قرارا بالرحيل.. وتتفست الصعداء حين غادرت الحدود العراقية..
تحررت الكويت.. وتم القبض على كل من عملوا بالنداء وصدرت عام 1994 أحكام بإعدامهم.. ولكن إنسانية الكويت استجابت لوساطة جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا وتم تخفيض الإعدام إلى المؤبد.. واستجاب أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد لوساطة العاهل الأردني المغفور له الملك حسين عام 1999 بالإفراج عن الأردنيين الثمانية عشر الذين كانوا محكومين بالإعدام.. ليعودوا للأردن.
أما لماذا خرج 450 ألف أردني فلسطيني من الكويت.. فقد كان بسبب خطأ ارتكبته منظمة التحرير وهو أمر اعترف به الزعيم نايف حواتمة في حوار معي نشرته في الوطن عام 1998.. وقال إن هناك خطأ ارتكبته قيادة المنظمة في اجتماع القمة العربية بوقوفها ضد قرار الجامعة في طرد القوات العراقية بالقوة.. وهو ما قاله أحد الناجين من الإعدام الذي قال «إن الفلسطينيين أخطأوا خطأً جسيماً عندما اتخذوا موقفاً مؤيداً لعراق صدام حسين وعندما تناسوا، في سوادهم الأعظم، فضل الكويت عليهم. ولعل ما دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع بالذات هو إحساسي التام والذي لا تشوبه شائبة بأننا أخطأنا خطأً جسيما حين قررت قيادتنا الفلسطينية، التي تعودت على ارتكاب الأخطاء الجسام، بل القاتلة أحياناً، الانحياز إلى تأييد الغزو، لا، على الأقل، الوقوف موقفاً محايداً، وكانت النتيجة أن حل بفلسطينيي الكويت ما حل بهم من ويلات نتجت عن هجرة أخرى اضطروا إليها. وأحياناً أميل إلى الاعتقاد بأن الفلسطينيين كانوا ضحية استغفال مورس عليهم من جانب قوى كانت لها مآرب شريرة ووقعوا في فخ ماكر نصب لهم وشربوا جراء ذلك من الكأس ما أفقدهم وعيهم وجعلهم يتخبطون. وللحقيقة أقول إنني لا ألوم الكويتيين على تطبيقهم لمبدأ «الخير يخص والشر يعم» وذلك أن الذي حصل للكويت والكويتيين لم يكن بالشيء السهل. ولا أجد غضاضة في القول وعلى رؤوس الأشهاد إن القيادة الفلسطينية أخطأت خطأ جسيماً حين وقفت ضد مصلحة الشعب الفلسطيني بالكويت».. أقول هذا فقط إجابة عن التساؤل ولا أطمح أو أبغي شيئا سوى التعبير عن ولاء وحب لوطن قدم للقضية الفلسطينية وما زال يدعو لأن نقول كلمة الحق وإن أغضبت من لا يريدون سماعها..