أكد عدد من الخبراء الإعلاميين ريادة قطر في مجال حرية الصحافة على مستوى المنطقة الخليجية والعربية، خاصة في أعقاب إعلان مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود الدولية المعنية برصد حرية الصحافة بالعالم، عن تصدّر دولة قطر خليجيا في مستوى حرية الصحافة، فيما حلّت في المركز الثالث عربيا والـ «84» عالميا.
وأعربوا في حديثهم لـ الوطن عن أملهم في أن يستمر هذا التقدم بتحقيق مراكز أفضل خلال السنوات القادمة، لافتين إلى أن الكرة الآن في ملعب الصحفيين، لكي يستغلوا هذا المناخ في معالجة القضايا، وطرح الآراء بشكل مهني واحترافي، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الصحف القطريَّة اليوميَّة تسعى جاهدة إلى أن تخدِم المجتمع وتلبِّي رغبات القُرَّاء من خلال تقديم خدمات متميزة في قوالب صحفية متعددة.
فخر واعتزاز
بداية أعرب الأستاذ صادق العماري، مدير عام المركز القطري للصحافة، عن فخرهم واعتزازهم بنتائج مؤشر منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية المعنية برصد حرية الصحافة بالعالم، التي أعلنت تصدّر دولة قطر خليجيا في مستوى حرية الصحافة، فيما حلّت في المركز الثالث عربيا والـ «84» عالميا، مؤكدا أن هذا دليل على سقف الحريات لدينا في مستوى جيد، والمحررون والصحفيون يعملون بأمان ولا يوجد سجناء رأي أو معتقلون بسبب كتاباتهم الصحفية، وهذا مؤشر طيب ومشجع لنا وللصحفيين في قطر لكي يمضوا قدما في معالجة قضايا المجتمع وللتعبير عن آرائهم بشكل مهني وبعيدا عن المخالفات الخاصة بقوانين النشر في دولة قطر.
وأوضح مدير عام المركز القطري للصحافة أن الحريات الصحفية في قطر شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تقدما ملحوظا وتحسنا ملموسا، مبينا أن الكرة الآن في ملعب الصحفيين لكي يستغلوا هذا المناخ في معالجة القضايا وطرح الآراء بشكل مهني واحترافي، بحيث إنهم يعملون على توعية المجتمع، وفي ذات الوقت الحفاظ على خصوصية الناس وعدم اتهامهم بالباطل، لأن مثل هذه القضايا تتعارض مع القانون وتعرض ناشرها للمساءلة القانونية في حال أنه خالف القوانين الخاصة بالنشر، معربا عن أمله في أن يستمر هذا التقدم بتحقيق مراكز أفضل.
حرية التعبير
من جانبها قالت الإعلامية إيمان الكعبي، مدير المركز الإعلامي القطري، إن تصدّر دولة قطر خليجيا في مستوى حرية الصحافة، لم يأت من فراغ بالنظر إلى الأدوار والمبادرات الرائدة لدولة قطر في إطار حماية الصحافة والصحفيين وكل العاملين في قطاع الإعلام، ويمكن الإشارة هنا إلى أن دولة قطر تولَّت رعاية أول قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن حماية الصحفيين في حالات النزاع المسلح، والذي تمَّ تبنّيه في ظل رئاسة قطر المجلس عام 2006، بالإضافة إلى احتضان مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة عام 2015، والذي اعتمد «إعلان الدوحة» الذي تعهَّد فيه رؤساء الدول والحكومات بمنع ومكافحة العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام.
وأشارت الكعبي إلى تأكيد دولة قطر المستمر على مسؤولية الدول في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين في فلسطين وأفراد أُسَرهم، منوهةً بأن حرية التعبير مضمونة بالدستور القطري وكذلك التزاما بالمادة الثانية والثلاثين من مقتضيات الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تعتبر دولة قطر طرفا فيه، لافتة إلى المنجزات الكبيرة التي تحققت على صعيد الصحافة القطرية وخاصة ما يتعلق منها بالصحف المحلية التي شهدت طفرة إيجابية هائلة في السنوات الأخيرة تحديدا على مستوى الشكل والمضمون.
وأوضحت الكعبي أن الصحافة المحلية اليوم تنتهج نهج الاقتراب من مشاغل وتطلعات الناس والجمهور في كافة المجالات، وتعمل على توفير مساحات أوسع للتعبير عن الواقع المجتمعي، وذلك بإتاحة زوايا أكثر للكتاب القطريين لإدراج مقالاتهم التي يعبرون فيها عن رأيهم بكل حرية مسؤولة، مؤكدة أن الصحف تعمل من خلال نسختها الورقية أو وسائطها الرقمية لتعزيز لدورها في دعم نهضة الوطن وتقدمه.
مصداقية الإعلام
من ناحيتها تقول خولة مرتضوي، الباحثة الأكاديمية في الإعلام والصحافة، إن تصنيف قطر الأولى خليجيا والثالثة عربيا في حرية الصحافة يعكس تطورات إيجابية في المشهد الإعلامي القطري، ويمكن اعتبار هذا الترتيب دليلاً على جهود قطر في تعزيز حرية التعبير والشفافية، قائلة: بالنسبة لأداء الصحف المحلية القطرية، يمكن ملاحظة تنوع في المحتوى والمواضيع المطروحة مما يعزز من ثراء النقاش العام ويساهم في توعية المجتمع. ومع ذلك، من المهم أن تستمر هذه الصحف في السعي نحو تعزيز معايير الشفافية والموضوعية والاستقلالية، لضمان مصداقية الإعلام وتأثيره الإيجابي في المجتمع. هذه الجهود المستمرة في تحسين جودة الصحافة وحريتها ستساهم ليس فقط في رفع ترتيب قطر على المستوى العالمي بل أيضاً في تعزيز دور الإعلام كركيزة أساسية في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأشارت مرتضوي إلى أنَّ نشأة وتطوُّر الصحافة القطريَّة واكبَت بداية العمل الجادّ لوضع أساس دولة قطر العصريَّة بُعيد الاستقلال، وارتبطَت ارتباطا وثيقا بنشأة دُور الطباعة والنشر، التي كانَ لها بصمتها الإضافيَّة في هذا المجال، فمنذُ ذلك الحين حتى وقتنا الحاضر، استطاعت الصحافة القطريَّة أن تشهَدَ نهضَة صحفيَّة واسعة بصُدور المزيد من الصُحُف والمجلات النوعيَّة، وإقرار عدد من القوانين الإعلاميَّة الضابطة والموجهة، كما شَهِدَت الصحافة القطريَّة طفرةً في استخدام التكنولوجيا الحديثَة في الخدمة الصحفيَّة، وذلك ابتداءً من الإعداد وصُولا إلى التنفيذ والطباعة، فضلا عن تأسيسها مواقِعها الإلكترونيَّة الرسميَّة على شبكة المعلومات الدوليَّة (الإنترنت)، وتدشِينها لصفحاتِها وحِساباتِها الخاصَّة عبر منصَّات الإعلام الجديد المختلفة.
وقالت الباحثة الأكاديمية في الإعلام والصحافة، إن الصحف القطريَّة اليوميَّة تسعى جاهدة إلى أن تخدِم المجتمع وتلبِّي رغبات القُرَّاء من خلال تقديم خدمات صحفيَّة متميزة، مستعينة بكوكبة من الكُتاب المرموقين من داخل دولة قطر وخارجها، فضلا عن شبكة واسعة من الصحفيين المحليين والمراسلين المتمكنين في مختلف العواصم العربيَّة والدوليَّة، ممَّن يغذُّون هذه الصحُف برسائل صحفيَّة وتحقيقات وتحليلات وتقارير وافيَة وشاملة على مدار الساعة، من مكانِ وقوع الحدث ومن البقاع الساخنة التي يتواجدون فيها، حيثُ يعمل في مكاتبها المحليَّة والإقليميَّة طواقمٌ من المحررين المتخصصين والمتميزين في التغطية الصحفيَّة السريعة والمباشرة.
المناخ الإعلامي
بدوره يقول الدكتور كمال حميدو، أستاذ مشارك في قسم الإعلام بجامعة قطر، إن ورود اسم قطر في المرتبة الأولى على مستوى الخليج والثالثة عربيا في حرية الصحافة، وفقا لآخر تصنيف أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود، يعتبر إنجازا يستحق الاعتراف به، كما يعكس جهودا إيجابية قامت بها الحكومة القطرية ومازالت تقوم بها لتعزيز المناخ الإعلامي ولدعم حرية التعبير في البلاد، مبينا إن هذا الترتيب يتوج مساعي دولة قطر منذ سنوات لتحسين ظروف عمل الصحفيين خلال التغطية الصحفية للأحداث، ولتوسيع نطاق حرية الصحفيين في ممارسة عملهم دون تدخل أو ضغوط، وفي تشجيع مختلف الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، على أن تكون هذه الأخيرة منصات لمختلف الآراء والأصوات المعبر عنها في المجتمع القطري، كما يمكن اعتبار مستوى النقاش العام حول القضايا الهامة والحساسة في البلاد دليلا على المكانة تحظى بها الصحافة في البلاد وعلى الدور الذي تقوم به.وقال د. حميدو إن بلوغ الإعلام القطري هذه المكانة كأفضل دولة في الخليج وإحدى الدول الرائدة عربيا في حرية الصحافة، يعكس التزام دولة قطر بتعزيز حقوق الإنسان، والممارسات الديمقراطية، وتشجيع الحوار العام داخل البلاد، وهو ما يأتي كخطوة متوجة لعدة خطوات أخرى سبقتها، كتوسيع المشاركة السياسية في المجالس المنتخبة، وتعزيز الفعل الديمقراطي خلال الحملات الانتخابية لمختلف المجالس، مؤكدا أنه يبقى هناك دائما مجال للتحسين، فقطر باعتبارها قطبا إعلاميا مميزا على المستوى العالمي، يمكنها أن تصبو لما هو أحسن مما بلغته. وأفاد د. حميدو أنه يتوجب على الفاعلين في القطاع أخذ هامش الحرية الذي أعطته لهم السلطات السياسية في البلاد بكامله، وذلك منذ أن ألغت الدولة وزارة الإعلام، وينبغي كذلك على المسؤولين والجهات المعنية في مختلف القطاعات الاستماع إلى الملاحظات البناءة من ممارسي مهنة الصحافة أنفسهم والعمل على معالجة أي مسائل قد تشكل عامل تقويض لحرية الصحافة وحقوق الصحفيين، خاصة منها حق الوصول إلى المعلومة المكفول للصحفيين بقانون الطباعة والنشر القطري، وبمواثيق المهنة والشرف العالميين، فالمعلومة هي جوهر العمل الإعلامي، وبدونها يصعب على الصحفيين ممارسة وظيفتهم الأساسية وهي نقل الحقيقة وإثراء النقاش العام داخل المجتمع، والدفاع عن الصالح العام، بمسؤولية والتزام.