+ A
A -
أعاد التراجع الانتخابي للعدالة التركي مؤخراً، السؤال الإستراتيجي للعلاقة، بين تركيا والخليج العربي، في ظل انقلاب موازين كثيرة، والصدام الشرس بين الرياض وأنقرة، الذي كان يعيش مواسم توتر خفيفة، قبل حسم ولي العهد السعودي، لكل مواقع السلطة وهيمنته المطلقة، على القرار السياسي والسيادي، والذي تحول إلى مواجهة دبلوماسية عنيفة، وصلت لمداها بعد الجريمة التي اعترفت بها الرياض، في اغتيال الشهيد جمال خاشقجي، وإن بقيت شعرة معاوية تتأرجح حتى اليوم.
والتغيّر هنا يشمل الموقف التركي، بعد تحسن علاقاته مع إيران، واشتراكه مع محور موسكو، لما بعد تصفية الثورة السورية، وتنسيقه مع طهران لمواجهة كردستان العراق، وهو ما ألقى ظلالاً من الشك، على أي دور ممكن أن تقوم به أنقرة، لتوازن إقليمي لصالح الخليج العربي، وهذا أمرٌ يحتاج لتفكيك.
أما البعد الثاني، فهو دور أنقرة في منع الاجتياحات والتصعيد العسكري، بين دول الخليج العربية نفسها، وذلك من خلال قرار إنشاء القاعدة التركية في قطر، ضمن الاتفاق الدفاعي مع الدوحة، ومباشرة تمركز بعض القوات في الأراضي القطرية بالتزامن، مع توجهات الاجتياح العسكري للرياض وحلفائها، ورغم انهيار هذا المشروع، وتعثر فرص تكراره، بل ارتدادات هذا الموقف على السعودية، ومنه تفويج الملف القبلي المسلح، والذي يحمل بعداً دولياً قانونياً حساساً.
إلا أن هذا الخطر لم تنته فرصه داخل المجلس الخليجي، فالتوتر مع الكويت قائم، وهناك مؤشرات بأن الرياض، بعد استيعاب قضية الشهيد خاشقجي، وتوقيع الاتفاق الاقتصادي مع أولياء الدم، تحضّر لجولة توتر جديدة، وهو أمرٌ غريب، في ظل خسائر الرياض المستمرة، من أزمة الخليج، وفشل مشروع أبوظبي الذي دُفعت إليه دولة الخليج الكبرى. وهنا نعيد الحوار لفهم السؤال المنطقي، كيف تحولت تركيا أولاً لموقف جديد مع إيران، وما الذي سبق هذا الموقف؟
فهناك سجل من الأخطاء السعودية في التصعيد مع الأتراك، وهذا لا يعني مطلقاً، عدم وجود طموحات قومية تركية تتصادم بعضها مع الوطن العربي، وإشكالية ثقة قديمة بين العرب والأتراك، لأسباب لا يسعنا تفصيلها، لكن كان بالإمكان أن يتم تنظيم الموقف، في إطار مصالح مشتركة.
وحتى اليوم، لا يمكن اعتبار علاقة المصالح في سوريا وكردستان العراق، بين أنقرة وطهران، بعداً استراتيجياً نهائياً، تخضع له كل ملفات أنقرة، كلا..
فالمصالح القومية لتركيا، وتحولها إلى دولة إقليمية مؤثرة، خارج اتفاق سوتشي، وخارج اتفاق المشروع الأروروسي، الذي تعاملت معه مؤخرا، هو ضمن مساحة المصالح الذاتية التي تستطيع تحقيقها منفردة، وتعطيها أوراقاً حيوية لدبلوماسيتها ولسياستها الخارجية، وهذا قد يحسب على أنه ضمن قياس الدولة التركية القومية، المتحدة في الفكرة، بغض النظر عن الرئيس أو الحزب الفائز، وهو عدم التخلي عن فرص مشاركة الغرب، الحضور الاستراتيجي في الخليج العربي.
في ذات الوقت تدرك أنقرة، أن دول الخليج العربي التي اهتزت ثقتها بالقرار الغربي، بعد أن فتح ترامب بوابة العسكرة بين أهل الخليج ذاتهم، وعجزت عن وقفه لندن وباريس، لا ترغب في التخلي عن الحضور الغربي، وقد تعززه وهذا ما حصل، وإنما تفضّل وبقوة وخاصة في حالة الكويت، إضافة الاتفاق العسكري التركي، على سلة الموازنات.
مشكلة أنقرة أنها ضاعفت خسائرها ومكنت لمنابر خصومها، وحملته إعلامياً وسياسياً، حينما تحوّل بعض خطابها ومنابرها الإعلامية، إلى التجاوب مع الخطاب الإسلامي العربي الشعبوي، بأن الولاء لتركيا اليوم، هي كدولة للسلطنة الدستورية الجديدة، وليست البلد المسلم الذي يجمعه مبادئ الشرق المسلم، ومصالح مع العرب.
وممكن أن تساهم هذه المصالح في اتفاقات مشتركة، وبما أن رسالة الانتخابات البلدية، قد تعيد تخطيط مشروع حزب العدالة داخلياً أولاً ثم خارجياً، فقد تبقى فرص التقاطع معها قائمة، وخاصة في ظل أزمة اللاجئين، وموقف الشعب التركي الحاد منها، والذي لا يعالجه خطاب التقديس للعثمانيين، وإنما التعامل الواقعي لصالح اللاجئين والمستقبل التركي.بقلم: مهنا الحبيل
والتغيّر هنا يشمل الموقف التركي، بعد تحسن علاقاته مع إيران، واشتراكه مع محور موسكو، لما بعد تصفية الثورة السورية، وتنسيقه مع طهران لمواجهة كردستان العراق، وهو ما ألقى ظلالاً من الشك، على أي دور ممكن أن تقوم به أنقرة، لتوازن إقليمي لصالح الخليج العربي، وهذا أمرٌ يحتاج لتفكيك.
أما البعد الثاني، فهو دور أنقرة في منع الاجتياحات والتصعيد العسكري، بين دول الخليج العربية نفسها، وذلك من خلال قرار إنشاء القاعدة التركية في قطر، ضمن الاتفاق الدفاعي مع الدوحة، ومباشرة تمركز بعض القوات في الأراضي القطرية بالتزامن، مع توجهات الاجتياح العسكري للرياض وحلفائها، ورغم انهيار هذا المشروع، وتعثر فرص تكراره، بل ارتدادات هذا الموقف على السعودية، ومنه تفويج الملف القبلي المسلح، والذي يحمل بعداً دولياً قانونياً حساساً.
إلا أن هذا الخطر لم تنته فرصه داخل المجلس الخليجي، فالتوتر مع الكويت قائم، وهناك مؤشرات بأن الرياض، بعد استيعاب قضية الشهيد خاشقجي، وتوقيع الاتفاق الاقتصادي مع أولياء الدم، تحضّر لجولة توتر جديدة، وهو أمرٌ غريب، في ظل خسائر الرياض المستمرة، من أزمة الخليج، وفشل مشروع أبوظبي الذي دُفعت إليه دولة الخليج الكبرى. وهنا نعيد الحوار لفهم السؤال المنطقي، كيف تحولت تركيا أولاً لموقف جديد مع إيران، وما الذي سبق هذا الموقف؟
فهناك سجل من الأخطاء السعودية في التصعيد مع الأتراك، وهذا لا يعني مطلقاً، عدم وجود طموحات قومية تركية تتصادم بعضها مع الوطن العربي، وإشكالية ثقة قديمة بين العرب والأتراك، لأسباب لا يسعنا تفصيلها، لكن كان بالإمكان أن يتم تنظيم الموقف، في إطار مصالح مشتركة.
وحتى اليوم، لا يمكن اعتبار علاقة المصالح في سوريا وكردستان العراق، بين أنقرة وطهران، بعداً استراتيجياً نهائياً، تخضع له كل ملفات أنقرة، كلا..
فالمصالح القومية لتركيا، وتحولها إلى دولة إقليمية مؤثرة، خارج اتفاق سوتشي، وخارج اتفاق المشروع الأروروسي، الذي تعاملت معه مؤخرا، هو ضمن مساحة المصالح الذاتية التي تستطيع تحقيقها منفردة، وتعطيها أوراقاً حيوية لدبلوماسيتها ولسياستها الخارجية، وهذا قد يحسب على أنه ضمن قياس الدولة التركية القومية، المتحدة في الفكرة، بغض النظر عن الرئيس أو الحزب الفائز، وهو عدم التخلي عن فرص مشاركة الغرب، الحضور الاستراتيجي في الخليج العربي.
في ذات الوقت تدرك أنقرة، أن دول الخليج العربي التي اهتزت ثقتها بالقرار الغربي، بعد أن فتح ترامب بوابة العسكرة بين أهل الخليج ذاتهم، وعجزت عن وقفه لندن وباريس، لا ترغب في التخلي عن الحضور الغربي، وقد تعززه وهذا ما حصل، وإنما تفضّل وبقوة وخاصة في حالة الكويت، إضافة الاتفاق العسكري التركي، على سلة الموازنات.
مشكلة أنقرة أنها ضاعفت خسائرها ومكنت لمنابر خصومها، وحملته إعلامياً وسياسياً، حينما تحوّل بعض خطابها ومنابرها الإعلامية، إلى التجاوب مع الخطاب الإسلامي العربي الشعبوي، بأن الولاء لتركيا اليوم، هي كدولة للسلطنة الدستورية الجديدة، وليست البلد المسلم الذي يجمعه مبادئ الشرق المسلم، ومصالح مع العرب.
وممكن أن تساهم هذه المصالح في اتفاقات مشتركة، وبما أن رسالة الانتخابات البلدية، قد تعيد تخطيط مشروع حزب العدالة داخلياً أولاً ثم خارجياً، فقد تبقى فرص التقاطع معها قائمة، وخاصة في ظل أزمة اللاجئين، وموقف الشعب التركي الحاد منها، والذي لا يعالجه خطاب التقديس للعثمانيين، وإنما التعامل الواقعي لصالح اللاجئين والمستقبل التركي.بقلم: مهنا الحبيل