لطالما كانت العلاقات العُمانية الكويتية ضاربة بجذورها في الذاكرة لعقود من الزمن تجاريا وثقافيا، وكانت مثالا يحتذى وتعززت وترسخت في العقود الخمسة الأخيرة بفضل السياسة الحكيمة لقيادتي البلدين.

وتجلت مواقف سلطنة عمان تجاه قضايا الكويت بأعلى صورها إبان محنتها عام 1990 خلال الغزو العراقي لهذه الدولة الشقيقة صاحبة المواقف الإنسانية، وهناك تنسيق مشترك بين البلدين حيال مختلف القضايا والامور ذات الاهتمام المشترك في مختلف المجالات التي تخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.

ولم تتوقف الزيارات بين قيادتي البلدين والمسؤولين كذلك، وزيارة السلطان هيثم بن طارق للكويت هي تجسيد لهذه العلاقات الراسخة والمستدامة، واستمرار للنهج الحكيم بين سلاطين عمان وأمراء والكويت طوال العقود الماضية، وإن الدفع بمشاريع التكامل الاقتصادي بين مسقط والكويت يمثل واحدا من الخيارات الأساسية لازدهار هذه العلاقات واستمرارها ونموها على كافة الاصعدة.

فعُمان لا تنسى وقفة الكويت في بداية نهضتها المباركة ويوم الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام وتعطيل جميع الدوائر الحكومية لمدة ثلاثة أيام حدادا على وفاة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ ولا الكويت تنسى مواقف سلطنة عمان.

لذا فالعلاقات العُمانية الكويتية تجاوزت ومنذ سنوات طويلة الطابع التقليدي للعلاقات بين الدول، واصبحت هناك شراكة وتعاون في المجالات التجارية والاستثمارية نتيجة الروابط العميقة بين القيادتين والشعبين الشقيقين والتقدير والاحترام المتواصل الذي امتدت جذوره في العديد من المجالات التي اصبحت ملموسة سياسيا واقتصاديا.

فزيارة سلطان عمان لبلده الثاني الكويت تتويج للعلاقات الأخوية المتينة والروابط الوثيقة والوشائج العميقة التي تربط بينهما على كافة المستويات الرسمية والشعبية وفي كل المجالات، ولا ننسى ان كلا البلدان متفقتان في إيمانهما العميق بالسلام وبضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت أية ظروف أو مبررات.

وكلنا يعلم ان مسقط والكويت يحظيان بتقدير اقليمي ودولي كبيرين، وهو ما يضفي أهمية متزايدة على رؤيتهما وتحركاتهما وجهودهما ومساعيهما الخيرة المباركة لفرض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

واليوم فان اللجنة العمانية الكويتية المشتركة مطالبة بتكثيف الجهود لدفع وتوسيع نطاق التعاون للوصول للتكامل ورفع مستوى الشراكة الحقيقية بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات الهامة الغذائية والبحث العلمي والاستثمار الصحي والزراعي والسمكي بالاضافة للمجالات المختلفة ذات المنافع المشتركة على الجانبين.

فالمشاريع المشركة في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة مثل مصفاة الدقم ومجمع البتروكيماويات وتخزين النفط وغيرها، هي بداية حقيقية لتحقيق التكامل والتعاون، والتركيبة السياسية تجعل البلدين يمضيان بخطى واثقة ومتواصلة في الاستثمارات بينهما بما يعود بالخير والنماء على الشعبين الشقيقين.

فسلطنة عمان ودولة الكويت تسيران بخطوات ثابتة وفقا لمنهج واضح ومتين في تقوية العلاقات وبناء شراكة بينهما، خاصة وان عُمان يمكن تشكل بوابة رئيسة لعبور الصادرات الكويتية لما تتمتع به من موقع استراتيجي.. نسأل الله أن يوفق القيادتين الحكيمتين فيما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين في جميع المجالات لما للعلاقات العُمانية - الكويتية من خصوصية متفردة وعلاقات راسخة عبر الزمان.. والله من وراء القصد.