استشرف الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان عام 1936 أن شهر أيار سيكون شهر النكبة فقال قصيدته في هجاء هذا الشهر وهي القصيدة التي أخرجته من ملة المؤمنين إلى ملة الملحدين.. لكن من عاش في ذلك الزمن الذي يشبه هذا الزمن يكاد يخرج عن ملته... فقد كانت الدولة العظمى تقف ضد الشعب الفلسطيني وهي تنفذ وعدها للسير روتشيلد بمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين مقابل الدعم المالي اليهودي للدولة العظمى في الحرب العالمية الأولى.

ما مكن العصابات الصهيونية من سرقة الأرض وإقامة الدولة العنصرية الفاشية الصهيونية التي تحتفل في الخامس عشر من أيار بذكرى التأسيس وهو ذكرى النكبة، ذلك المصطلح الذي أطلقه الفلسطينيون على مأساتهم في 15 أيار/‏مايو 1948، بعد استكمال الحركة الصهيونية تهجيرهم من أرضهم، وإقامة ما تدعى اليوم «دولة إسرائيل» مر 75 عاما منذ ذلك الوقت والفلسطيني يحمل مفتاح بيته وقيشان ملكية أرضه..

ولنذكر فقد كانت البداية في عام 1799، عندما دعا نابليون بونابرت خلال الحملة الفرنسية على مصر، إلى إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين، إلا أن خطته لم تلق النجاح في حينه، لكنها شكلت شارة الانطلاق والبريطانيون كرروا الدعوة ذاتها في القرن التاسع عشر، خلال المؤتمر الصهيوني، بهدف إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.

كان لسقوط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، الأثر البارز في اتجاه تنفيذ المخططات تلك، إذ عمل الانتداب البريطاني في فلسطين على تهيئة الظروف كافة للمخطط الأكبر، الذي يذوق الشعب الفلسطيني ويلاته حتى يومنا هذا، ففي عام 1917 صدر وعد بلفور، الوعد الذي منح بموجبه من لا يملك -وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور- أرض فلسطين لمن لا يستحق -اليهود- لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وشكل ذلك الوعد المشؤوم، بداية لنقل اليهود من شتى أقطار الأرض إلى فلسطين.وبات هذا اليوم يوما يعيد ذكراه المشؤومة من عاشو النكبة وهو ما يؤكد أن الشعب الفلسطيني سيواصل النضال حتى إعادة أرضه التي اغتصبت وبناء بيوته التي هدمت وتكريم شهداءهم الذين دفنوا في مقابر جماعية..

وباشتراك فلسطينيي الداخل والشتات في إحياء الذكرى، هم يؤكدون وحدتهم كشعب، ويجددون تمسكهم الثابت بحقوقهم التاريخية، وخصوصا حق العودة. ومنذ سنة 2008، التي مثّلت منعطفاً في وعي الفلسطينيين النكبة بعد مرور ستين عاما على وقوعها، صار الوعي الجمعي الفلسطيني بأهمية إحياء الذكرى يتزايد عاما بعد عام، بكل ما يرمز إليه ويحمله من أبعاد ودلالات ومعان سياسية ووطنية.