مثلت الأحداث الأخيرة وتطورات المشهد في ليبيا عنواناً جديداً من عناوين سعي القوى المضادة للشعوب إلى إخماد الموجة الثورية الثانية التي تتفاعل في الجزائر والسودان خاصة. فالحرب المحتدمة في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس هي آخر أشكال الانقلاب على ثورة ليبيا في محاولة مفضوحة لضرب حراك الجزائر والسودان؛إذ لا يمكن فصل المشاهد العربية بما تمثله من واقع يوحّد رغبة الشعوب في الإنهاء مع الأنظمة القديمة الساعية إلى إجهاض كل محاولات الانعتاق والتحرر.
لقد راهنت قوى عربية مكشوفة اليوم، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، على وأد الحراك الشعبي والثورات الجماهيرية تارة بالانقلاب السياسي وطوراً بالانقلاب العسكري وطوراً آخر بواسطة الحرب المفتوحة.
لا يختلف اثنان اليوم في أن الحرب التي يقودها أسير حرب تشاد السابق خليفة حفتر ليست إلا حرباً بالوكالة لصالح القوى الدولية والإقليمية التي تريد أن تضع يدها على مصير ليبيا ومصير ثرواتها؛ فالقوى العربية الداعمة للانقلاب على الشرعية في ليبيا ليست إلا أداة في يد قوى دولية أكبر تستعملها لمنع كل تحول ديمقراطي قد يقلب موازين القوى في المنطقة بالشكل الذي يلغي هيمنة هذه الأنظمة على شعوبها من ناحية ويهدد مصالح القوى الدولية ن ناحية أخرى.
هذا التوزيع للأدوار بين القوى الإقليمية والقوى الدولية هو الذي يفسر طبيعة القوى المتنازعة على الأرض؛ حيث تحشد القوى العربية الانقلابية كل أنواع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والأسلحة المتطورة من أجل تمكين القوات الانقلابية من حسم المعركة على الأرض والسيطرة على المراكز الحيوية، فما كان يمكن للانقلابي حفتر أن ينجح في حشد قواته المقاتلة من دون الإسناد المادي والعسكري الذي يتمتع به من قبل دول الخليج والضوء الأخضر الدولي لمغامراته في ليبيا.
لكن ورغم كل هذا الدعم والإسناد فقد فشلت كل محاولاته في قلب الموازين على الأرض، بل إن عدد الأسرى الذين تمخضت عنهم مغامرته الأخيرة نحو طرابلس تكشف عجزه عن تحقيق المخطط الذي رُسم له بعد زيارته الأخيرة للسعودية والإمارات.
وهو مخطط لا يستهدف فقط الشرعية في ليبيا، بل يهدف أيضاً وفي مرحلة موالية إلى ضرب الاستقرار في تونس وقلب المسار الانتقالي هناك وإلى زعزعة الثورة الجزائرية التي أطاحت ببوتفليقة مؤخراً.
بذلك تكون الثورة المضادة قد بلغت آخر أطوارها مع اندلاع الموجة الثورية الثانية التي وإن كانت أقل زخماً وسرعة من الموجة الأولى، لكنها ستصحح لا محالة مسار الموجة الأولى وتُبطل بشكل نهائي كل قدرات القوى المضادة للثورات على منع الشعوب من القطع مع منظومة الاستبداد العربية.بقلم: محمد هنيد
لقد راهنت قوى عربية مكشوفة اليوم، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، على وأد الحراك الشعبي والثورات الجماهيرية تارة بالانقلاب السياسي وطوراً بالانقلاب العسكري وطوراً آخر بواسطة الحرب المفتوحة.
لا يختلف اثنان اليوم في أن الحرب التي يقودها أسير حرب تشاد السابق خليفة حفتر ليست إلا حرباً بالوكالة لصالح القوى الدولية والإقليمية التي تريد أن تضع يدها على مصير ليبيا ومصير ثرواتها؛ فالقوى العربية الداعمة للانقلاب على الشرعية في ليبيا ليست إلا أداة في يد قوى دولية أكبر تستعملها لمنع كل تحول ديمقراطي قد يقلب موازين القوى في المنطقة بالشكل الذي يلغي هيمنة هذه الأنظمة على شعوبها من ناحية ويهدد مصالح القوى الدولية ن ناحية أخرى.
هذا التوزيع للأدوار بين القوى الإقليمية والقوى الدولية هو الذي يفسر طبيعة القوى المتنازعة على الأرض؛ حيث تحشد القوى العربية الانقلابية كل أنواع المرتزقة والمقاتلين الأجانب والأسلحة المتطورة من أجل تمكين القوات الانقلابية من حسم المعركة على الأرض والسيطرة على المراكز الحيوية، فما كان يمكن للانقلابي حفتر أن ينجح في حشد قواته المقاتلة من دون الإسناد المادي والعسكري الذي يتمتع به من قبل دول الخليج والضوء الأخضر الدولي لمغامراته في ليبيا.
لكن ورغم كل هذا الدعم والإسناد فقد فشلت كل محاولاته في قلب الموازين على الأرض، بل إن عدد الأسرى الذين تمخضت عنهم مغامرته الأخيرة نحو طرابلس تكشف عجزه عن تحقيق المخطط الذي رُسم له بعد زيارته الأخيرة للسعودية والإمارات.
وهو مخطط لا يستهدف فقط الشرعية في ليبيا، بل يهدف أيضاً وفي مرحلة موالية إلى ضرب الاستقرار في تونس وقلب المسار الانتقالي هناك وإلى زعزعة الثورة الجزائرية التي أطاحت ببوتفليقة مؤخراً.
بذلك تكون الثورة المضادة قد بلغت آخر أطوارها مع اندلاع الموجة الثورية الثانية التي وإن كانت أقل زخماً وسرعة من الموجة الأولى، لكنها ستصحح لا محالة مسار الموجة الأولى وتُبطل بشكل نهائي كل قدرات القوى المضادة للثورات على منع الشعوب من القطع مع منظومة الاستبداد العربية.بقلم: محمد هنيد