شهدت فعاليات الصالون الثقافي بمعرض الدوحة الدولي للكتاب ندوة بعنوان «حوار الأجناس الأدبية والفنون» شارك فيها الدكتور نزار شقرون، وأدارها الدكتور عبدالحق بالعابد، وركزت على خصوصية الأجناس الأدبية ومدى تفاعلها مع الفنون، وخاصة البصرية منها ومدى تعاطيها مع الجنس الروائي، حيث استطاعت رواية ما بعد الحداثة أن تحاور الفنون وتتقاطع مع الأجناس الأدبية الأخرى.
استهل الدكتور نزار شكرون حديثه بالتعرض إلى خصوصية الإبداعات العربية، وأكد على أن الفنون البصرية لم تدخل ضمن ثقافتنا، وهو ما تسبب في عدم قدرتنا على التوثيق البصري، إلا ما تجلى من خلال إبداعات المستشرقين، وتحدث عن اثر المنمنمات على مسرح العرائس وخيال الظل، والتي كانت تظهر بشكل خجول، بسبب أن الصورة لم تكن تأخذ موقعا جيدا في ميدان الفنون العربية، إلا أنها عبرت بأشكال أخرى، وأصبحت حاضرة في المشهد الإبداعي، ذلك لان كل جنس فني يعد ابن زمنه، وأضاف أن العرب في عصور سابقة فقدوا الصلة ببعض الأنواع الإبداعية، فذهبوا في سبل أخرى واتحدوا مع بعض الانواع، ولكنهم في ازمان لاحقة تبنوا الفنون الوافدة كالفن التشكيلي والمسرح والرواية، والتي دخلت الينا من خلال الاستشراق أو باستيرادها، وهو ما رأى انه لا يقلل من قيمة ثقافتنا العربية، حيث هي طبيعة الثقافات التي تعتمد على المواكبة والحوار بينها وبين بعضها البعض، مشيراً إلى أن استيراد العرب لبعض الفنون كان في مقابل أن الغرب اخذوا الكثير عنا أيضاً، حيث يعلمون تماماً ان الحضارات لا تتقدم الا بهذا النحو.
وقال: نحن لا نمتلك وثائق بصرية عن تاريخنا إلا من خلال العمارة والزخارف الهندسية فقط ومازال عدم الاهتمام بالصورة حاضرا في مجتمعاتنا العربية، وهو ما يتجلى إذا ما نظرنا إلى نسب الحضور إلى المعارض الفنية التي تبدو وكأنها شبه خاوية من الجمهور، وفي هذا السياق اكد على ان العديد من الأشكال الأدبية أعلنت احتياجها للصورة سواء كان ذلك بصورة حقيقية، حيث الرسوم المعبرة عند بعض الروائيين، أو بصورة متخيلة، حيث يحتاج الاديب لذاكرة بصرية تمكنه من تخيل المشهد ووصفه، ثم ترجمته من قبل القارئ، وقال: لا يمكن للروائي ان يبني مشهدا دون دراية بصرية بالمكان، فالروائي يبني عالما، ويستنطق المادة فيجعلها مصورة بكلماته.
وخلصت الندوة إلى أن أدب ما بعد الحداثة وخاصة الرواية تجلت بها الصورة واخـــــــذت موقعا أهم من ذي قبل، كما ان محاورة الأجناس الأدبـــــــية قـد تجاوزت ما كان عليه الأمر من قبل، علماً بان تلك الحوارية ستظل مستمرة.