من غير الممكن أن نصل إلى فهم قرار المحور الذي تقوده أبوظبي، باجتياح طرابلس والشراكة الجديدة مع فرنسا، وتصريحات الأمين العام، التي تجاوز بها ممثله غسان سلامة، دون أن نستعرض رسائل الواقع الاجتماعي والميداني، الذي انتهى له مشهد الثورة الليبية اليوم.
فهذا الانقسام الاجتماعي الشرس، والمؤلم والحزين، لواقع ليبيا والذي برز بقوة في هجوم محور أبوظبي على طرابلس، وكيف أضحى موضوع اجتياح العاصمة وإسقاط ثورة الشعب، بقرار خليجي وغطاء دولي، لا يمثل رفضاً للنبض الوطني الجامع، وهذا بلا أدنى شك من آثار أخطاء الثورة، والتي يتحمل قسم منها مجموعات الثوار وممثليهم السياسيين، وهو توثيق لكارثة جديدة، في غياب الفكر الاستراتيجي المدني للإسلاميين، ثم قدرة الاختراق السريعة التي حققتها أبوظبي، لصالح الثورات المضادة في جسم المجتمع الليبي.
لكن خلل الثوار الأول، وعدم المسارعة بإعداد وتسليم بنية مدنية، تنتقل بها الدولة إلى ديمقراطية ناشئة، كانت الضمان بعد الله لهوية الشعب، ودولة النهضة التي تؤسس للمجتمع المدني، وهو النظام الذي يتفق مع روح الشريعة، وأن الناس سواسية بمواطنتهم لا قبائلهم، كما أن الفقه الذي روّجت له جماعات الثوار والمفتي، الذي تخلى عن فقه الإمام مالك، والعقل الإسلامي المغاربي العريق، والذي كان ضمن مصادر الفقه الدستوري لأوروبا الحديثة، بالضغط السلفي الذي تبنته بعض المجموعات، ساهم في هذه الكارثة.
من الواضح أن حالة تشظي الثوار، الذي انتهى في نموذجه السوري إلى مجموعات ميدانية تستخدم إقليميا ضمن اتفاق سوتشي، قد أثر على موقف الشعب الليبي، فأول الضرورات اليوم العمل على تصحيح تلك الأخطاء، التي ستساهم في إحباط مشروع الحرب على طرابلس، الذي فرض لحسابات تقدم محور أبوظبي وخشيته من تطورات السودان والجزائر.
وحسابات الصراع النفطي لأبوظبي مع قطر، ومشروع الحصار الذي تقود عبره الرياض، ومشروع الجنوب اليمني الضخم، الذي تعمل عليه أبوظبي، فتربط حساباتها بخططها الشاملة في حاضر العالم الإسلامي، وحلم نفوذها الكبير.
إن الدفع المهول الذي صنع هذه الترسانة لصالح قوات حفتر، ودفع أبوظبي للدور المصري لتثبيت بقاء السيسي، لعب دوراً أيضا في هذا المسار، غير أن قدرة القوى الوطنية الليبية للردع، ستقوم على تنظيم صفها ومعالجة أخطائها، بعد أن أتيحت لها فرصة، للتحالف والتكتل تحت مسمى، وهيكل مشروع وطني اجتماعي مدني، يقوده فائز السراج، وموقف الأخير أعطى دفعاً لارتباط طرابلس، بالهوية المدنية والتمسك بمشروع السلام السياسي، وزاد من شرعيتها، كحكومة انتقالية.
وهو البند الأول، الذي يحتاج أن يَعيَه أبناء المشروع الوطني الليبي عموما، وكل من يدعمهم، بالخروج من فكرة تشكيلات مجموعات سلفية أو إخوانية أو قبلية، والانتماء الرسمي، في جيش وطني يحمل صفة الجيش مصطلحاً وواقعاً، ولو صعب صهر هذه المجموعات حاليا، لكن الجسم القومي للجيش ضرورة، وسيشجع الضباط المتورطين في جيش أبوظبي لاجتياح عاصمتهم، بوقف الشراكة العسكرية ضد أهلهم في ليبيا، ودعم الحوار الوطني، وجهود السلام.
الجانب الآخر هو قناعة الداعمين من القوى الوطنية، للسيد السراج، بأن التدافع السياسي هو الحل الوحيد لما بعد الثورة، وأن وقف الحرب، هو أكبر مصدر لمنع محور أبوظبي، من العودة إلى التلاعب بالسلم الأهلي في ليبيا، كما أن الأطراف التي أيدت مشروع حفتر، أمامها اليوم واقع السيسي، وكيف أنقضّ على مؤيديه وقمعهم وسجنهم، وأن الجميع يجب أن يحذر من المصير الذي آلت إليه الثورة السورية، وتلاعب الأطراف الإقليمية والعربية بها.
لقد عهد المجاهد العظيم عمر المختار لأهل ليبيا وعبرهم، برسالة عظيمة انتصرت على إيطاليا وفاشيتها، وانتصرت على فرنسا واحتلالها المجاور لليبيا، فصادر الراية استبداد القذافي وقمع بنيانها، وما لم تنتصر في نفوس أهل ليبيا، وتشرق من جديد، فإن الخراب والدم هو المصير الأخير، فلا تغتالوا الرمز في قبره، فغيلتكم أشد عليه من مشنقة الطليان.بقلم: مهنا الحبيل
فهذا الانقسام الاجتماعي الشرس، والمؤلم والحزين، لواقع ليبيا والذي برز بقوة في هجوم محور أبوظبي على طرابلس، وكيف أضحى موضوع اجتياح العاصمة وإسقاط ثورة الشعب، بقرار خليجي وغطاء دولي، لا يمثل رفضاً للنبض الوطني الجامع، وهذا بلا أدنى شك من آثار أخطاء الثورة، والتي يتحمل قسم منها مجموعات الثوار وممثليهم السياسيين، وهو توثيق لكارثة جديدة، في غياب الفكر الاستراتيجي المدني للإسلاميين، ثم قدرة الاختراق السريعة التي حققتها أبوظبي، لصالح الثورات المضادة في جسم المجتمع الليبي.
لكن خلل الثوار الأول، وعدم المسارعة بإعداد وتسليم بنية مدنية، تنتقل بها الدولة إلى ديمقراطية ناشئة، كانت الضمان بعد الله لهوية الشعب، ودولة النهضة التي تؤسس للمجتمع المدني، وهو النظام الذي يتفق مع روح الشريعة، وأن الناس سواسية بمواطنتهم لا قبائلهم، كما أن الفقه الذي روّجت له جماعات الثوار والمفتي، الذي تخلى عن فقه الإمام مالك، والعقل الإسلامي المغاربي العريق، والذي كان ضمن مصادر الفقه الدستوري لأوروبا الحديثة، بالضغط السلفي الذي تبنته بعض المجموعات، ساهم في هذه الكارثة.
من الواضح أن حالة تشظي الثوار، الذي انتهى في نموذجه السوري إلى مجموعات ميدانية تستخدم إقليميا ضمن اتفاق سوتشي، قد أثر على موقف الشعب الليبي، فأول الضرورات اليوم العمل على تصحيح تلك الأخطاء، التي ستساهم في إحباط مشروع الحرب على طرابلس، الذي فرض لحسابات تقدم محور أبوظبي وخشيته من تطورات السودان والجزائر.
وحسابات الصراع النفطي لأبوظبي مع قطر، ومشروع الحصار الذي تقود عبره الرياض، ومشروع الجنوب اليمني الضخم، الذي تعمل عليه أبوظبي، فتربط حساباتها بخططها الشاملة في حاضر العالم الإسلامي، وحلم نفوذها الكبير.
إن الدفع المهول الذي صنع هذه الترسانة لصالح قوات حفتر، ودفع أبوظبي للدور المصري لتثبيت بقاء السيسي، لعب دوراً أيضا في هذا المسار، غير أن قدرة القوى الوطنية الليبية للردع، ستقوم على تنظيم صفها ومعالجة أخطائها، بعد أن أتيحت لها فرصة، للتحالف والتكتل تحت مسمى، وهيكل مشروع وطني اجتماعي مدني، يقوده فائز السراج، وموقف الأخير أعطى دفعاً لارتباط طرابلس، بالهوية المدنية والتمسك بمشروع السلام السياسي، وزاد من شرعيتها، كحكومة انتقالية.
وهو البند الأول، الذي يحتاج أن يَعيَه أبناء المشروع الوطني الليبي عموما، وكل من يدعمهم، بالخروج من فكرة تشكيلات مجموعات سلفية أو إخوانية أو قبلية، والانتماء الرسمي، في جيش وطني يحمل صفة الجيش مصطلحاً وواقعاً، ولو صعب صهر هذه المجموعات حاليا، لكن الجسم القومي للجيش ضرورة، وسيشجع الضباط المتورطين في جيش أبوظبي لاجتياح عاصمتهم، بوقف الشراكة العسكرية ضد أهلهم في ليبيا، ودعم الحوار الوطني، وجهود السلام.
الجانب الآخر هو قناعة الداعمين من القوى الوطنية، للسيد السراج، بأن التدافع السياسي هو الحل الوحيد لما بعد الثورة، وأن وقف الحرب، هو أكبر مصدر لمنع محور أبوظبي، من العودة إلى التلاعب بالسلم الأهلي في ليبيا، كما أن الأطراف التي أيدت مشروع حفتر، أمامها اليوم واقع السيسي، وكيف أنقضّ على مؤيديه وقمعهم وسجنهم، وأن الجميع يجب أن يحذر من المصير الذي آلت إليه الثورة السورية، وتلاعب الأطراف الإقليمية والعربية بها.
لقد عهد المجاهد العظيم عمر المختار لأهل ليبيا وعبرهم، برسالة عظيمة انتصرت على إيطاليا وفاشيتها، وانتصرت على فرنسا واحتلالها المجاور لليبيا، فصادر الراية استبداد القذافي وقمع بنيانها، وما لم تنتصر في نفوس أهل ليبيا، وتشرق من جديد، فإن الخراب والدم هو المصير الأخير، فلا تغتالوا الرمز في قبره، فغيلتكم أشد عليه من مشنقة الطليان.بقلم: مهنا الحبيل