«ليس هناك شغف بوسعك العثور عليه من خلال لعب أدوار صغيرة!». بهذه الكلمات الحكيمة نقل إلينا نيلسون مانديلا رؤيته لحياة الناجحين، وهو أحد روادهم. ويقصد بمقولته تلك أن الحياة من دون مجازفة لا تستحق العيش من أجلها؛ فلا شيء يستحق الكفاح والسعي الحثيث ما لم تخاطر في سبيله، لا شيء يستحق منك وقتك وجهدك ما لم تجازف من أجله حتى تصل إلى أفضل نتيجة.
إن الرضا بحياة تخالف ما حلمت به، بحياة أقل بكثير من تلك التي باستطاعتك أن تعيشها هو عين الشقاء والفشل. في خطاب ألقاه الممثل الشهير «دينزل واشنطن»، أمام خريجي إحدى الجامعات الأميركية، تحدث كيف أن الجميع ينصحون بأن يكون لدينا شيء نستند إليه حين نسقط، معبراً عن رأيه في أن الناجح هو من لا يطلب شيئاً يستند إليه حين يسقط باستثناء إيمانه، بحيث إذا سقط فإنه يحرص على السقوط إلى الأمام لا إلى الخلف.
عندما تسقط إلى الأمام دون أن تستند إلى شيء، فعندها يمكنك رؤية ما أنت موشك على الاصطدام به. والمقصود بهذا التعبير، هو أن الإخفاقات تصنع النجاحات عندما نتعلم منها؛ حين نسقط إلى الأمام فنرى جوانب قصورنا، فإننا نعاود المحاولة من خلال العمل على تصحيح أخطائنا إلى أن نحقق غاياتنا المنشودة. هكذا فعل كثير من الناجحين أمثال «توماس أديسون» الذي أجرى 1000 تجربة فاشلة من أجل اختراع المصباح الكهربائي، ونجح في المحاولة 1001 لينير اختراعه العالم.
إن كل إخفاق هو خطوة باتجاه النجاح، لهذا عليك أن تجازف لا أن تبقى في مكانك دون حراك، خائفاً من المخاطرة؛ لأنك إن لم تملك قلباً شجاعاً فلن تتقدم أبداً. كل إنسان على وجه البسيطة سيفشل في مرحلة ما من حياته، لكن هذا لا يعني الاستسلام، بل يعني أن تواصل المشوار حتى تحقق ما تريده.
في بداية مسيرة دينزل واشنطن، رفض مرات عديدة في مجال الغناء، ثم في مجال التمثيل، لكنه لم ييأس إطلاقاً، ولم يسقط للخلف بل سقط للأمام، واستمر يخوض تجارب الأداء الواحدة تلو الأخرى حتى وجد فرصته أخيراً، وأصبح اليوم ذاك الممثل الشهير الذي يحبه ملايين الناس حول العالم، ويشهدون له ببراعة الأداء.
إن امتلاك الشجاعة للفشل هو الطريق إلى النجاح، فإذا لم تفشل فأنت لم تحاول. وبالتالي عليك أن تدرك بأن تقبل الإخفاق هو الخطوة الأولى نحو الفوز بما تتمناه. يقول مثل شهير: «إذا أردت الحصول على شيء لم يكن بحوزتك من قبل، فعليك أن تفعل أمراً لم تفعله من قبل».
ولا يكفي أن تطلب الفشل لتتعلم وتقترب من النجاح أكثر، بل عليك في البداية أن تعرف الوجهة التي ستتجه إليها قبل أن تنطلق. فمن لا يعرف إلى أين هو ذاهب، لن يصل إلى أي مكان.
إذن فمعرفتك لوجهتك، واستعدادك للفشل والمخاطرة هو أساس تحقيق الأحلام. والمخاطرة لا تعني السعي خلف وظيفة أو عمل حر فحسب، بل تعني اطلاعك على ما لا تعرفه من خلال الانفتاح على الناس والأفكار من حولك.
لا يمكن تحقيق النجاح إذا بقيت متقوقعاً على ذاتك، لا تقبل أي رأي أو فكر يخالفك، أما إذا بدأت في المخاطرة من خلال اتخاذ خطوات صغيرة، وانفتحت على ثقافات الشعوب الأخرى، وكل الآراء الجديدة؛ فستبدأ مداركك بالتفتح، وستكتشف أشياء مدهشة كنت تجهلها سابقاً، بوسعها أن تعزز تقدمك إلى حيث تطمح.
كن منفتحاً على الحياة، وتقبل الآراء الجديدة، وخاطر في سبيل الأشياء التي تريدها مهما كنت متردداً أو خائفاً، فهكذا يُصنع النصر، وهكذا يفعل الناجحون.