قررت تل أبيب منع القنصلية الإسبانية العامة في القدس من تقديم خدماتها للفلسطينيين، ردا على قرار مدريد الاعتراف بدولة فلسطين، ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي تصريحات نائب رئيس الوزراء الإسباني بأنها معادية للسامية، وهو الاتهام الذي لطالما استخدمه المسؤولون الإسرائيليون ضد كل من ينتقد السياسات الإسرائيلية، ومن ذلك ما قاله وزير الأمن القومي الإسرائيلي عن محكمة العدل الدولية بأنها معادية للسامية بعد القرار الذي أصدرته أمس وطالب فيه تل أبيب بوقف عملياتها العسكرية في رفح.

قبل ذلك تعرضت المحكمة الجنائية الدولية للاتهام عينه، وإذا كنا نفهم هذا الهجوم الإسرائيلي على المحكمة، فإن أحدا ليس في مقدوره فهم موقف دولة مثل الولايات المتحدة التي ترى أن القضاء الإسرائيلي، وليس المحكمة الجنائية الدولية، لديه القدرة على التعامل مع جرائم دولية، وبالتالي مع هذه القضية، في حين أن هذا القضاء لديه سجل حافل في تمكين كل الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب الفلسطيني من الإفلات من العقاب.

لقد فشلت منظومة فرض القانون في إسرائيل بسبب عدم فتح تحقيقات مع مسؤولين حرضوا على استهداف المدنيين، في غزة وفي الضفة الغربية، والقضاء الذي لم تحركه صور الأطفال والنساء القتلى في القطاع، لن يحركه أي شيء آخر، وفي كل الأحوال فإن توجيه سهام النقد اليوم للمحكمة الجنائية الدولية يندرج في إطار الدفاع الأعمى عن الجرائم الإسرائيلية وليس السعي للعدالة.

أخطر ما في الاتهامات الإسرائيلية، ووجود من يؤيدها على المستوى العالمي، هو تدمير مؤسسات العدالة الدولية، الحصن الأخير للأمن والسلم الدوليين.