+ A
A -
قراءات المشهد الحالي ودلالات التوافق الإقليمي والدولي الجديدة في مستقبل اليمن، تعطي مؤشرات واضحة في توجهاتها المركزية، فالمفاوضات المباشرة بين الرياض والحوثيين التي أكدتها كل الأطراف، تركز على تأمين حدود المملكة ووقف الحرب، وغير ذلك متروك لحسابات الأطراف اليمنية وصراعاتها، والحسابات الإقليمية والدولية الأخرى. وهي حسابات تتجه إلى أن يُعزل الشمال اليمني، بعد فصل جنوبه عمليا أو بالإعلان الرسمي للانفصال، ولكنه لن يتوقف عند ذلك بل يتوجه إلى حرب شمالية شرسة عشائرية ومذهبية، ستطحن الجميع ويعود فيها اليمن قرونا للوراء.
إن التسريبات التي تتحدث عن تولي السيد خالد بحاح تسويق هذه المرحلة، وإضعاف الرمزية الوحيدة لشرعية اليمن ووحدته، وحتى الفدرالية التي كان من الممكن أن تتحقق للجنوب بصورة واسعة، بتأمين سياسي استراتيجي عن طريق الشرعية بدل الحرب، مقدمات خطيرة على أهل اليمن ومستقبلهم.
ولكن قبل ذلك يجب أن نتوقف عند فكرة تسويق أحلام جنّة الجنوب، وهذه المرة في حادثة في إقليم جنوبي وهو حضرموت، من خلال مواجهات المكلا بين قوات جنوبية من عدن وقوات حضرمية، رغم أن الممول والراعي واحد.
هذا الصراع الجنوبي/الجنوبي، يشير إلى حجم العبثية التي يدفع فيها الانفصال قبل استعادة البيت اليمني الموحد، وتنظيم ملفات صعبة وحرجة جدا، لا يقوى عليها الجنوب، والذي قد تعود له القاعدة بكل قوة بعد أن يعلن انفصاله، كما أن مشروع الحوثي وحتى مصالح علي صالح، لن تسلّم لهذا الاستقرار، الذي قد يجد من أطراف الصراع الجنوبي من يساعده في حرب وكالات لا تنتهي.
لكن مسؤولية مقاومة مواسم الحرب الكبرى في داخل اليمن وتحديدا في الشمال، بتحول الصراع إلى صراع قبلي بين حاشد وحلفائها وبين الحوثي وحلفائه، وصراع مذهبي لم يكن له أصل في اليمن، واُقحمت عليه مفرزات التوظيف الإيراني، هو من مهام وواجبات أهل الشمال أنفسهم.
إن المشروع الدولي والإقليمي، لن يلتفت لحرب أهلية أقسى من حرب لبنان، إلا بعد أن تطحن هذه الحرب الشمال وتفتته، وحتى حسم الحوثي ورهانه، على كشف ظهر هادي والحكومة الشرعية دوليا، وبالتالي توجهه لحرب تصفية دموية تتشجع فيها إيران لزيادة دعمه، لن يَضمن أبداً استقراره بعدها، بل ستُفتح حروب المذهبية المسيسة بالوكالة وتُنشأ دواعش، بدلاً من داعش واحدة.
كل ذلك يؤكد أن الشمال اليمني وقواه العشائرية والفكرية من مؤتمر وإصلاح، ومعتدلي التيار الحوثي، وشباب الثورة، تحتاج إلى مراجعة عاجلة للمستقبل الذي يُدفع له اليمن، وهو مستقبل لن يقف عند اليمن بل سيتجاوز تأثيره إلى العرب، وخاصة دول الخليج العربية والحدود السعودية.
إن حكومة الرئيس هادي هي الخيار القائم اليوم، لوضع توافقات يمنية/يمنية، بدلاً من حروب يمنية/يمنية، ومن ثم سيبقى الصراع السياسي فيها مفتوحا، وحتى التدخلات ستبقى، لكن ذلك ارحم بملايين المرات، من ترك الشمال يطحن نفسه.
بحجة عزل الجنوب وترك الشمال للجحيم، وأهل الشمال قادرون على تسويات توافقية تنقذهم من هذا المستقبل، بتنازل مؤلم لكل طرف لكنه يحفظ الشعب، ويُبقي الدولة كحاضن ممكن أن يقود الاستقرار الاجتماعي وينتظم فيها الصراع الفكري بدلا من الحرب الاهلية المتعددة، التي لا تبقي ولا تذر.
وهي مسؤولية على قوى الشمال التي تعرضت لظلم الحوثي، والتفكير في موازين الأمور بدقة، وأين هي المصلحة النسبية لأهل اليمن، وهي نسبية قد تحفظ عشرات الآلاف من الأرواح، لكن ذلك لن يتحقق دون وعي وتصحيح جاد من الحوثيين والخروج من مأزق تأميم المذهب الزيدي، الذي تتقدم فيه إيران، ثم تحوله إلى مخزن وقود سياسي يئن منه اليوم شيعة العراق، بعد أن أسقطوا عهده الوطني الجامع، عهدٌ لم يؤسسه نظام ولكن ثقافة قرون.
بقلم : مهنا الحبيل
إن التسريبات التي تتحدث عن تولي السيد خالد بحاح تسويق هذه المرحلة، وإضعاف الرمزية الوحيدة لشرعية اليمن ووحدته، وحتى الفدرالية التي كان من الممكن أن تتحقق للجنوب بصورة واسعة، بتأمين سياسي استراتيجي عن طريق الشرعية بدل الحرب، مقدمات خطيرة على أهل اليمن ومستقبلهم.
ولكن قبل ذلك يجب أن نتوقف عند فكرة تسويق أحلام جنّة الجنوب، وهذه المرة في حادثة في إقليم جنوبي وهو حضرموت، من خلال مواجهات المكلا بين قوات جنوبية من عدن وقوات حضرمية، رغم أن الممول والراعي واحد.
هذا الصراع الجنوبي/الجنوبي، يشير إلى حجم العبثية التي يدفع فيها الانفصال قبل استعادة البيت اليمني الموحد، وتنظيم ملفات صعبة وحرجة جدا، لا يقوى عليها الجنوب، والذي قد تعود له القاعدة بكل قوة بعد أن يعلن انفصاله، كما أن مشروع الحوثي وحتى مصالح علي صالح، لن تسلّم لهذا الاستقرار، الذي قد يجد من أطراف الصراع الجنوبي من يساعده في حرب وكالات لا تنتهي.
لكن مسؤولية مقاومة مواسم الحرب الكبرى في داخل اليمن وتحديدا في الشمال، بتحول الصراع إلى صراع قبلي بين حاشد وحلفائها وبين الحوثي وحلفائه، وصراع مذهبي لم يكن له أصل في اليمن، واُقحمت عليه مفرزات التوظيف الإيراني، هو من مهام وواجبات أهل الشمال أنفسهم.
إن المشروع الدولي والإقليمي، لن يلتفت لحرب أهلية أقسى من حرب لبنان، إلا بعد أن تطحن هذه الحرب الشمال وتفتته، وحتى حسم الحوثي ورهانه، على كشف ظهر هادي والحكومة الشرعية دوليا، وبالتالي توجهه لحرب تصفية دموية تتشجع فيها إيران لزيادة دعمه، لن يَضمن أبداً استقراره بعدها، بل ستُفتح حروب المذهبية المسيسة بالوكالة وتُنشأ دواعش، بدلاً من داعش واحدة.
كل ذلك يؤكد أن الشمال اليمني وقواه العشائرية والفكرية من مؤتمر وإصلاح، ومعتدلي التيار الحوثي، وشباب الثورة، تحتاج إلى مراجعة عاجلة للمستقبل الذي يُدفع له اليمن، وهو مستقبل لن يقف عند اليمن بل سيتجاوز تأثيره إلى العرب، وخاصة دول الخليج العربية والحدود السعودية.
إن حكومة الرئيس هادي هي الخيار القائم اليوم، لوضع توافقات يمنية/يمنية، بدلاً من حروب يمنية/يمنية، ومن ثم سيبقى الصراع السياسي فيها مفتوحا، وحتى التدخلات ستبقى، لكن ذلك ارحم بملايين المرات، من ترك الشمال يطحن نفسه.
بحجة عزل الجنوب وترك الشمال للجحيم، وأهل الشمال قادرون على تسويات توافقية تنقذهم من هذا المستقبل، بتنازل مؤلم لكل طرف لكنه يحفظ الشعب، ويُبقي الدولة كحاضن ممكن أن يقود الاستقرار الاجتماعي وينتظم فيها الصراع الفكري بدلا من الحرب الاهلية المتعددة، التي لا تبقي ولا تذر.
وهي مسؤولية على قوى الشمال التي تعرضت لظلم الحوثي، والتفكير في موازين الأمور بدقة، وأين هي المصلحة النسبية لأهل اليمن، وهي نسبية قد تحفظ عشرات الآلاف من الأرواح، لكن ذلك لن يتحقق دون وعي وتصحيح جاد من الحوثيين والخروج من مأزق تأميم المذهب الزيدي، الذي تتقدم فيه إيران، ثم تحوله إلى مخزن وقود سياسي يئن منه اليوم شيعة العراق، بعد أن أسقطوا عهده الوطني الجامع، عهدٌ لم يؤسسه نظام ولكن ثقافة قرون.
بقلم : مهنا الحبيل