أيقظت حرب غزة العالم من سباته، فمشاهد القتل والتدمير الهمجية لم يكن في مقدور، حتى أشد المؤيدين تعصبا لتل أبيب أن يتجاهلوها، وتوالي الاعترافات بدولة فلسطين، وقرار محكمة العدل الدولية، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، هي مجرد إجراءات تأخرت ليس إلا.
وبقدر ما يشعر العالم بالغضب إزاء حرب الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة، بقدر ما يشعر بالرضا وهو يشهد بداية إرساء العدالة حيث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت على وشك أن يصبحا مطلوبين للعدالة في جميع أنحاء العالم، وهو أمر مثير للغاية، بعد عقود طويلة من التماهي مع مواقف الاحتلال.
ما نشهده اليوم هو البداية فحسب، تأسيسا على ما يقوله المجتمع الدولي حول ضرورة وقف الحرب والتحرك باتجاه إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بعد نحو سبعة عقود من القتل والتدمير والظلم وغياب العدالة، وفي الواقع فإن الجريمة الإسرائيلية التي تتوالى فصولا في غزة، هي مجرد مشهد من المشاهد الدامية التي واجهها الشعب الفلسطيني، على مدى تاريخه، والمذهل أنه كلما كانت هناك محاولة للحل، زاد اشتعال الوضع ميدانيا، وكأن قوات الاحتلال تحاول قتل أكبر عدد من الفلسطينيين قبل اضطرارها لوقف إطلاق النار.
لقد استفاق العالم من «غيبوبته» أخيرا، وعودة الوعي هذه يجب ألا تقف عند حدود وقف إطلاق النار، وإنما يجب أن تستمر للدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام «1967»، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.