‏لو سألتني: هل تتمنى نهاية الحرب غداً؟

لقلتُ لكَ: أتمنى نهايتها اليوم!

النَّاسُ في غزَّة اُنهكوا وإن كانوا يعضُّون على جراحهم!

والمقاومة نزفتْ كثيراً وإن كانت لم ولن تركع إلا لله!

ولكنَّ الحياة بالوقائع لا بالأمنيات!

هذه الحربُ من الواضح أنّها خرجتْ من أيدي الجميع، وأنَّ يد اللهِ هي التي تُسيِّرها، فسبحان من إذا أراد أن يلتقي الفريقان جمعهما على غير تقديرٍ من أحدهما!

في بدرٍ خرجَ المسلمون يريدون القافلة، وخرجتْ قريشٌ تريدُ نجاتها، ولكنَّ اللهَ شاء شيئاً غير هذا فكان!

يوم العبور المجيد، خرجتِ الكتائب المُظفّرة تريدُ فرقة غزّة، في قتالٍ قدَّروه أن لا ينتهي بثلاثة أيامٍ فانتهى في ساعتين! فوجدوا أمامهم المستوطنات مشرعة، فجاسوا خلال الدِّيار!

وجاء المغول الجُدد بخيلهم ورَجْلِهم ومركافاتهم ليُنقذوا سمعة جيشهم، فمرّغتهم كتائب العزِّ في تراب غزَّة!

لا نحن كنا نتوقعُ أن ينهاروا بهذه السُّرعة، ولا هم كانوا يتوقّعون أن نثبتَ كلَّ هذا الثبات، فسبحان من جعل جنده هم الغالبون!

هذه المرَّة يمكن القول إن بين أيدي الجميع مسوّدة اتفاق لنهاية الحرب هو الأكثر اكتمالاً ونضوجاً، ولكنّه لن يكون في ملك الله إلا ما أراد مهما سعى النَّاسُ بخلافه!

فلا تُعشِّموا أهل غزَّة باقتراب نهاية الحرب لأن خيبة الأمل بعد العشم تفتكُ بالصبر!

‏ولا تضغطوا على المقاومة من حيث لا تدرون، حتى إذا انهار مشروع الاتفاق بدتْ كأنها التي لا تريد وقف الحرب! وهي تريدُ هذا فعلاً ولكنها لن تخون دماء النّاس وتضحياتهم!

المطروح ليس خفياً على أحد، قاله بايدن على الهواء مباشرة، اللهم إلا من بقية تفاصيل تُناقش في الأروقة الضيقة مع الوسطاء هنا وهناك!

المطروح يُلبي كثيراً من مطالب المقاومة، هذا صحيح، ولكن الحقيقة أن الكرة الآن ليست في ملعب المقاومة، ولا في ملعب دولة الاحتلال، إنها في ملعب شخص واحد هو نتانياهو الذي يتحسس رقبته، وينظر في مستقبله، فهو يعرف كما نعرف جميعاً أنه انتهى سياسياً، وأن نهايته المحاكم، وللحفاظ على حكومته عليه أن يرضخ لليمين المتطرف، وكلهم متطرفون بالطبع، وتحديداً سيموتريتش وبن غفير! وهذا أمر تعرفه المعارضة الهشة في دولة الاحتلال، مما دفع لابيد إلى عرض حماية لنتانياهو إن قبل بالصفقة وانسحب بن غفير وسيموتريتش من الحكومة!

‏والحراك الدبلوماسي المتسارع في الساعات الماضية سببه أن أميركا مرعوبة من فهم شعبها لحقيقة الصراع بيننا وبين الاحتلال، ومن الحراك الطلابي في جامعاتها!

‏وما يحدث في أميركا لا يبقى في أميركا هذه بديهية سياسية!

النظام العالمي بكامله مهدد بالانهيار، هذه الحرب أثبتتْ أن غزَّة أكبر مما كنا نظنها، ومما كانت هي تظنُّ نفسها!

‏أميركا لها حساباتها الانتخابية..

‏ولها حسابات أكثر رعباً من هذا برأيي..

‏وهو أن النظام الفدرالي الأميركي ليس بهذه الصلابة التي تبدو عليها أميركا بالنظر إليها من الخارج، أميركا عاجلاً أم آجلا ستتفكك وستُصبح الولايات دُويلات ويذيقهم الله بأس بعض!

أميركا نجتْ قريباً من محاولة انفصال تكساس، وقد تنجو مما سيترتب عليه إدانة ترامب ومنعه من الانتخابات، وقد لا تنجو!

المهم الكل، وبما في ذلك الساسة الأميركان أنفسهم، يعلمون أنه سيأتي هذا اليوم، وعسى أن يكون قريباً!

‏ثمة ربٌّ صيّرَ الأمور إلى هنا لحكمة يعلمها..

‏وشخصياً أتوقع أن يحدث شيء ليس في حسبان أحد، ولا على بال أحد، لا بالنا ولا بال الاحتلال ولا بال أميركا!

‏شيءٌ يُشبه ريح الأحزاب يوم غزوة الخندق، وللريح أشكالها العديدة، فاللهُمَّ!