النجاح هدف نسعى جميعاً إلى تحقيقه، ولا يمكن أن نحقق ما نريد إلا إذا عملنا بجد وكافحنا في سبيل أحلامنا بضراوة، وسرنا في طريق مملوءة بالعقبات والعراقيل بخطى واثقة وصولاً إلى حيث نحلم.
الفرق بين الإنسان الناجح والفاشل، هو أن الأول يخطط للرحلة قبل خوضها، ثم يسعى جاهداً إلى تحقيق أهدافه متسلحاً بالمعرفة والإرادة والمهارات والعمل الدؤوب الذي لا يعرف الكلل أو الملل؛ بينما يسير الشخص غير الناجح دون مخطط مسبق، ودون أن يدري إلى أين يتجه، طاقاته مبعثرة، ووقته ضائع، وذهنه مشتت، وحياته عبارة عن فوضى عارمة دون أهداف واضحة، وخطوات مدروسة، ثم يريد أن يبلغ القمة كما فعل الناجحون والأثرياء والمؤثرون، لكن هيهات!
وإذا ما تحدثنا عن رحلة النجاح، ففي الحقيقة هناك أشخاص يفضلون السير بخطى بطيئة ولكن مدروسة لتحقيق غاياتهم والوصول إلى أعلى مراتب الصدارة. بينما يوجد أشخاص آخرون يؤمنون بقفزات الكنغر الواسعة التي ينتقل بفضها الشخص عن طريق خطوة واحدة إلى مسافة طويلة. فأي الطريقتين أفضل؟
في الواقع، يعتمد قرارك في كيفية السير على طريق النجاح على طبيعة المجال الذي تختص به، وعلى مدى خبرتك والمهارات التي تمتلكها. لا يمكن لشخص جديد في التخصص أو المجال ويملك مهارات محدودة أن يحقق نجاحاً صارخاً بقفزة واحدة - فهذا محال!
الأمر أشبه بشاب طموح هزيل الجسد، يريد بشدة أن يشارك في بطولة العالم لكمال الأجسام جنباً إلى جنب مع البطل المصري العالمي «بيج رامي»، ويتفوق على الجميع دون استثناء خلال أسبوع أو شهر أو بضعة أشهر حتى، بينما جسده يخلو من أي عضلات، ولم يتدرب في حياته ليوم واحد!
بكل تأكيد فإن مثل هذه الطموحات الخيالية لا تتحقق على أرض الواقع، في حال حاول الشخص أن ينتقل بين ليلة وضحايا من مكان إلى آخر، وظن أن بلوغ القمة يمكن أن يتحقق بغمضة عين أو بقفزة كنغرية واحدة!
في الوقت نفسه، يمكن لشاب واظب على التمرينات الرياضية لسنوات طويلة، مع التقيد التام بنظام غذائي صحي، والخضوع لتدريبات شاقة صقل من خلالها عضلات جسده بشكل جميل أن يفكر في المشاركة ببطولة العالم لكمال الأجسام خلال فترة وجيزة؛ لأنه مهيأ جسدياً وفكرياً لخوض التحدي. وبالتالي فهو قادر على تحقيق قفزة نوعية كبيرة في فترة قياسية.
لهذا كله ينبغي على كل إنسان يطمح إلى النجاح، أن يدرس قدراته وإمكانياته جيداً قبل التفكير في المرحلة القادمة، ويقيم وضعه الحالي مقارنة بالهدف الذي يريد تحقيقه، وبالمكان الذي يأمل الوصول إليه؛ ثم يقرر ما إذا كان سيسير بخطى بطيئة لكن مدروسة بعناية وصولاً إلى حيث يطمح، أو سيقفز قفزة واسعة إلى المكان المأمول، وذلك بفضل الإمكانيات والمهارات العظيمة التي تكونت لديه خلال سنوات طويلة من العمل الشاق والتطوير الذاتي والمهني.
فقبل أن تقرر إجراء قفزة الكنغر لتجد نفسك في مكان بعيد عن مكانك الأصلي، أو بالأحرى لتجد نفسك في أقرب حفرة فشل؛ عليك أن تعرف ماذا تريد بالضبط، وأين أنت الآن، وتحدد ما يلزمك لتحقيق ما تصبو إليه؛ ثم بناء على كل تلك المعطيات، تضع خطة مناسبة تعتمد على الموارد والإمكانيات المتاحة، وتنطلق من تلك النقطة وصولاً إلى غايتك المنشودة بخطى بطيئة أو قفزة سريعة على حسب مكانك الحالي، والمكان الذي تنشد الوصول إليه.