نقل لي أحد الأصدقاء، أنه في لقاء مع مسؤولين غربيين حضره مثقف خليجي بارز، سأل أحدهم كيف نقيس تصرفات الحكم السعودي، فنحن في حالة ذهول، حيث نتفاجأ بصورة مستمرة، من أن الخطوات التي تصدر، لا تتفق مع مصالح هذا البلد، فكيف نفهم طريقة تفكير الرياض الجديدة، مشيراً إلى أن خطواتها تأتي في اتجاه معاكس مع مصالحها القومية.
لا أعتقد أن هذا الذهول محصور على الحالة الغربية، بل ممتد وخاصة خليجياً، ولو لاحظنا تصعيد القمع للداخل السعودي، والتركيز على استهداف شخصيات كبرى، كرسائل إهانة الشيخ سلمان العودة بصورة مستمرة، وأن حياته بالفعل مهددة بالقتل، واتهام حاضرة الحجاز، بأن الوزير الأقرب لولي العهد السعودي، في الملف الاقتصادي، د. عادل فقيه يقود حركة انفصالية منهم.
وهي مسألة حاولت أبوظبي تكرارها، مع سُنة الأحساء من خلال عميل إسرائيلي مزدوج مع أبوظبي، غير أن تقدير الرياض حينها، أن هذا المشروع الظبياني يشكل خطراً سياسياً لحساسية الإقليم، حين يوظّف إعلامياً، فأوقف المشروع وأغلقت صحيفته الإلكترونية، وقد كان التحفظ في حينها، من كلا طرفي الحكم قبل إقصاء، ولي العهد السعودي السابق، كل هذه الأمور تزامنت مع إعلان رسمي، عن استهداف قطر.
وهناك سلة من المشاريع والاستفزازات للوضع الاجتماعي، والضغط على الضمير الحقوقي، رغم كل ما سببته جريمة اغتيال الفريق السعودي، للشهيد جمال خاشقجي المعترف بها رسمياً، هنا نستطيع أن نقول: هناك جواب ممكن أن يحرره المحلل السياسي في منقطة الخليج بعد هذه الرحلة الصعبة، هي رفض ولي العهد السعودي، تقييم تجربته وفشل ما وعدته أبوظبي به.
ونحن نكتب هذه السطور، والشيخ طالب بن شريم، الذي يمثل شخصية لها حضور في بادية الأحساء رهن الاعتقال، والأخطر من ذلك الإهانة التي تعرض لها، الأمير القبلي ذو النفوذ بحسب تعبير الإعلام السعودي نفسه، على القبيلة في السعودية، فأراد أن يُصحح موقفه أخلاقيا، في قضية الزج بالقبائل، في مفصل الصراع الاجتماعي الخطير الذي سُعّر في الأزمة.
حين اعتذر لقطر وبوضوح، وسواءً أُلزم بالتصريح المعاكس مستقبلاً، أو أُبقي رهن السجن، أو أُطلق، فقد ارتد مشروع توظيفه، ونجدد هنا الدعوة لإطلاقه وبنيه.
لقد تجاوزت قطر بقوة وبتضامن اجتماعي ملفت، مشروع تقسيم مجتمعها الذي تبنته السعودية رسمياً، وبعثت رسالة مهمة للغاية، أن المجتمع القطري، يعتمد بصلابة مرجعية الأمير والدولة فوق الزعامة القبلية، هذا لو كانت هذه الزعامة ذات بعد اجتماعي عابر للحدود، والحقيقة أن توظيف محور أبوظبي للأزمة، أساء كثيرا لمقام الزعامة القبلية، وامتدت كارثة الخطاب العنصري على كل الشرائح، حيث روّج لتكريسها بدلاً من الإطار الوطني الجامع.
غير أن هذا الهجوم الاجتماعي، والتحفيز العنصري ارتد لصالح قطر، وكانت الرسالة واضحة خلال زيارة الشيخ طالب القصيرة، فماذا عن السعودية؟
ما هو موقفها اليوم بعد استخدام القبلية، وإشعال نيران الفتنة التي حاول الملك عبدالعزيز إخمادها، بعد أن استخدمها كوقود يدعم القتال الديني ضد مناطق المملكة السنية، خلال تأسيس السيادة الإقليمية لسلطنة نجد منذ 1902م.
إن التأمل العميق اليوم يُعطي دلالة مهمة لا يمكن إغفالها، وهي أن أبوظبي هي من يمسك بتدوير الملفات، ومن هنا لم تبادر الرياض بأي مراجعات تصحيحية، داخلياً وخليجياً ودولياً، واستمرت خديعة أبوظبي بأن المخرج من فشل ملفات الرياض، هو في تكرار المحاولة ضد قطر، وهو في الحقيقة نوع من التدمير الذاتي.
فلم يتغير موقع الدوحة، وإنما اتخذ مناعة أقوى، خاصة بعد سلته الاستراتيجية، التي أنهت الحلم التوسعي لمباغتة الدوحة، وكل ما في الأمر أن الفشل يكرر طرق بابه، وعليه فالمأزق هو أن الرياض تحت الحصار، الذي يتلاعب بها، ولن تخرج ما لم تهدم حصن أبوظبي، قبل أن تُهدم دولتها.بقلم: مهنا الحبيل
لا أعتقد أن هذا الذهول محصور على الحالة الغربية، بل ممتد وخاصة خليجياً، ولو لاحظنا تصعيد القمع للداخل السعودي، والتركيز على استهداف شخصيات كبرى، كرسائل إهانة الشيخ سلمان العودة بصورة مستمرة، وأن حياته بالفعل مهددة بالقتل، واتهام حاضرة الحجاز، بأن الوزير الأقرب لولي العهد السعودي، في الملف الاقتصادي، د. عادل فقيه يقود حركة انفصالية منهم.
وهي مسألة حاولت أبوظبي تكرارها، مع سُنة الأحساء من خلال عميل إسرائيلي مزدوج مع أبوظبي، غير أن تقدير الرياض حينها، أن هذا المشروع الظبياني يشكل خطراً سياسياً لحساسية الإقليم، حين يوظّف إعلامياً، فأوقف المشروع وأغلقت صحيفته الإلكترونية، وقد كان التحفظ في حينها، من كلا طرفي الحكم قبل إقصاء، ولي العهد السعودي السابق، كل هذه الأمور تزامنت مع إعلان رسمي، عن استهداف قطر.
وهناك سلة من المشاريع والاستفزازات للوضع الاجتماعي، والضغط على الضمير الحقوقي، رغم كل ما سببته جريمة اغتيال الفريق السعودي، للشهيد جمال خاشقجي المعترف بها رسمياً، هنا نستطيع أن نقول: هناك جواب ممكن أن يحرره المحلل السياسي في منقطة الخليج بعد هذه الرحلة الصعبة، هي رفض ولي العهد السعودي، تقييم تجربته وفشل ما وعدته أبوظبي به.
ونحن نكتب هذه السطور، والشيخ طالب بن شريم، الذي يمثل شخصية لها حضور في بادية الأحساء رهن الاعتقال، والأخطر من ذلك الإهانة التي تعرض لها، الأمير القبلي ذو النفوذ بحسب تعبير الإعلام السعودي نفسه، على القبيلة في السعودية، فأراد أن يُصحح موقفه أخلاقيا، في قضية الزج بالقبائل، في مفصل الصراع الاجتماعي الخطير الذي سُعّر في الأزمة.
حين اعتذر لقطر وبوضوح، وسواءً أُلزم بالتصريح المعاكس مستقبلاً، أو أُبقي رهن السجن، أو أُطلق، فقد ارتد مشروع توظيفه، ونجدد هنا الدعوة لإطلاقه وبنيه.
لقد تجاوزت قطر بقوة وبتضامن اجتماعي ملفت، مشروع تقسيم مجتمعها الذي تبنته السعودية رسمياً، وبعثت رسالة مهمة للغاية، أن المجتمع القطري، يعتمد بصلابة مرجعية الأمير والدولة فوق الزعامة القبلية، هذا لو كانت هذه الزعامة ذات بعد اجتماعي عابر للحدود، والحقيقة أن توظيف محور أبوظبي للأزمة، أساء كثيرا لمقام الزعامة القبلية، وامتدت كارثة الخطاب العنصري على كل الشرائح، حيث روّج لتكريسها بدلاً من الإطار الوطني الجامع.
غير أن هذا الهجوم الاجتماعي، والتحفيز العنصري ارتد لصالح قطر، وكانت الرسالة واضحة خلال زيارة الشيخ طالب القصيرة، فماذا عن السعودية؟
ما هو موقفها اليوم بعد استخدام القبلية، وإشعال نيران الفتنة التي حاول الملك عبدالعزيز إخمادها، بعد أن استخدمها كوقود يدعم القتال الديني ضد مناطق المملكة السنية، خلال تأسيس السيادة الإقليمية لسلطنة نجد منذ 1902م.
إن التأمل العميق اليوم يُعطي دلالة مهمة لا يمكن إغفالها، وهي أن أبوظبي هي من يمسك بتدوير الملفات، ومن هنا لم تبادر الرياض بأي مراجعات تصحيحية، داخلياً وخليجياً ودولياً، واستمرت خديعة أبوظبي بأن المخرج من فشل ملفات الرياض، هو في تكرار المحاولة ضد قطر، وهو في الحقيقة نوع من التدمير الذاتي.
فلم يتغير موقع الدوحة، وإنما اتخذ مناعة أقوى، خاصة بعد سلته الاستراتيجية، التي أنهت الحلم التوسعي لمباغتة الدوحة، وكل ما في الأمر أن الفشل يكرر طرق بابه، وعليه فالمأزق هو أن الرياض تحت الحصار، الذي يتلاعب بها، ولن تخرج ما لم تهدم حصن أبوظبي، قبل أن تُهدم دولتها.بقلم: مهنا الحبيل