+ A
A -
جريدة الوطن

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، بدءًا من راعي الأسرة وصولا إلى راعي الوطن والأمة، فكلكم مسؤول عن رعيته، سمعت قولا لأحد المشايخ في شأن دولة فلسطين، وما يحدث لها من عدوان وقتل وحشي، أن الأمة الإسلامية هي التي جرَّأت خصومها على إهانتها، وأن الخصوم لو رأوا في الأمة الإسلامية كرامة وحميَّة لما تجرأوا عليها، وهذا بالفعل ما يحدث للأمة، هوانٌ وذلٌ وخضوع، وهو يحدث كذلك بين الحاكم الطاغي ورعيته الخاضعة، التي كلما زادت خضوعا واستسلاما له كلما ازداد جبروتا، ويحدث هذا الأمر كذلك بين المدير وموظفيه، الرئيس ومرؤوسيه، إذا جار عليهم بالقرار الظالم فسكتوا له وانحنوا، جار عليهم بالمزيد، إذًا المعادلة واضحة وبسيطة كلما تسامحت وانحنيت كلما انهدرت حقوقك وقلّت قيمتك ودفعت الكلاب لتنهش لحمك.

ومن يقول إن الكرامة لا ثمن لها، فقد أخطأ لأن ثمنها مُكلف وباهظ ولايعرف قدرها إلا الشريف، فحتى تحافظ وتدافع عن كرامتك عليك أن تتحمل مايترتب عن ذلك، فالدولة التي لاترضى بأن يستهان بحرمتها وأن لاتستباح نفوسها ولاتنتهك أعراضها، تدفع أرواحها ثمنا لذلك، وتدخل حربا قد تدمر بنيتها التحتية وتجعل معيشتها ضنكا، لكنها في المقابل تكسر كل يد تتطاول عليها وعلى شرفها، كذلك الأمر بين المدير وموظفيه، فإن تصدوا لقرارات ظالمة وقوانين مجحفة، لما استمر بانتهاكه وظلمه، وعلم أنه لايقود قطيعا متى ما أمال لهم الدفة مالوا، فما العيش الأفضل برأيكم، هوانٌ وسلم أم كرامة وحرب؟ {وما الحيَّاةٌ الدنْيا إلاَّ لَعِبٌ ولهْوٌ} وإني لا أجد أقرب مثال لمن لم يرض بهوان كرامته، كأهل فلسطين الذين ضربوا لنا مثلا في الصمود والمقاومة والشرف الذين أبوا أن يحنوا ظهورهم لمحتلٍ نذل رغم كل الخسائر البشرية في صفوفهم ورغم كل الألم والعذاب الذي يشهدونه، إنهم حقا شرفاء الأمة ومحاربوها التي ضيعنا كرامتها وشرفها فتجرأ علينا القاصي والداني، كما قال الشاعر الفلسطيني طاهر يونس حسين:

وَالنَّفْسُ إِنْ هَانَتْ عَلَيْكَ فَلَنْ تَرَى

قَدْرَاً لَهَا بَيْنَ الأَنَامِ مُقَدَّمَا

فَاحْفَظْ كَرَامَتَهَا وَلَا تُطِعِ الْهَوَى

وَحَذَارِ أَنْ تَطْغَى لِئَلَّا تَنْدَمَا.

copy short url   نسخ
07/06/2024
5