+ A
A -
جريدة الوطن

«الاجتماعية» صفة متأصلة في الإنسان، فهو يحب التواجد بين الناس، ويأنس للحديث إليهم، ولا يستطيع النأي بنفسه عنهم، أو الانعزال عن المجتمع الانساني لفترة طويلة، وهذا ما يؤكده العالم الكبير أبن خلدون في مقدمة كتابه حين قال: «الإنسان مدنيّ بالطبع».

الشخصية الاجتماعية واحدة من أروع الشخصيات التي من الممكن أن تلتقي بها وتجلس إلى صاحبها، فهو صاحب مزاج معتدل، ولا يعاني من تقلبات المزاج كما في الشخصية المزاجية، وهو يحب الآخرين ويتعاون معهم، ولا يفضّل نفسه عنهم، كما يفعل صاحب الشخصية النرجسية.

الناس يميلون للجلوس والحديث إلى صاحب الشخصية الاجتماعية لأنه مستمع جيد، بل ويصغي إلى محدّثه في كثير من الأحيان، ويتعاطف معه دائماً، فيفرح لفرحه، ويحزن لحزنه، ويظهر ذلك جلياً على لغة جسده وتعابير وجهه، بالإضافة إلى أنه كاتم للأسرار، ولا يخون صديقاً بإفشاء أسراره المؤتمن هو عليها.

ويتميز صاحب الشخصية الاجتماعية بأسلوب الحديث الجذّاب، والطريقة المميزة في اقناع الآخرين، ودفعهم لتغيير قراراتهم، وبالتالي فهو يمتلك «الكاريزما»، أو الجاذبية الشخصية كما يسميها البعض.

الشخص الاجتماعي؛ شخص هيّن ليّن سهل التعامل، يبتعد عن التعقيدات في العلاقات، ولا يبحث عن تأويلات لتصرفات الآخرين، ولا يميل إلى المجادلات والخلافات، بل يحاول أن يصل إلى نقطة التقاء مع محدثه، حتى لو اضطره ذلك إلى التنازل أحياناً، ويحرص على أن ينهي لقاءه دائماً بذكرى طيبة مع جليسه.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثالاً للشخصية الاجتماعية، يلتقي الناس بصدر رحب، ويستمع إليهم جيداً، ويتعاطف معهم، ولا ينزع يده من يد من سلّم عليه حتى ينزعها هو، وإذا حدّث أحدهم أقبل عليه بوجهه وصدره، ولا يكتفي بإدارة وجهه.

كما أن الاجتماعي شخص متفائل، مؤمن دائماً بأن القادم أفضل، لذلك يميل له الناس، لأنه يدفع بالأمل إلى نفوسهم، ويطمئنهم من مخاوفهم، ويعمل على رفع ثقتهم بأنفسهم.

كما أنه شخص منفتح على التعلّم، لا يغلق بابه أمام جديد العلوم، بل يسعى دائماً إلى تطوير قدراته وزيادة معلوماته، كما أنه يقبل المعلومات من الآخرين بسهولة ويسر، ولا يشكك في معلوماتهم، بل يبحث ويتأكد من صحتها، وإذا كانت لديه تلك المعلومات قبلاً؛ أكّد عليها بمثال أو بقصة أو بدليل.

أن تكون اجتماعياً ليس مستحيلاً، أنت بحاجة إلى الالتزام بنهج النبي القدوة محمد عليه الصلاة والسلام، فلقد كان أحب إلى أصحابه من أهلهم وأموالهم وأنفسهم، لما فيه عليه الصلاة والسلام من الخصال الاجتماعية الحسنة.

copy short url   نسخ
07/06/2024
20