+ A
A -
قرأ الإمام في مسجد بعين خالد في صلاة التراويح «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( آل عمران 103)»..
نحيب الخاشعين ارتفع.. وتخضبت لحى من ذابوا في خشوعهم وانصهروا في حضرة الله وهم يستمعون لكلماته من إمام- جزاه الله خيرا- أجاد التلاوة ووهبه الله حسن الصوت ليصل إلى العقول والقلوب وينقل من يصلون خلفه إلى الحرمين المكي والمدني وإلى أولى القبلتين وثالث الحرمين.. بجواري هذا قادم من حلب.. وذاك قادم من إدلب وهذا قادم من درعا وهذا من القدس وذاك من القاهرة.. وهذا من بغداد.. والكل يحمل وجع العواصم والحواضر.. والكل يرى أن بلاده على شفا حفرة من الهلاك في ظل حكم طاغ في ذاك البلد وحكم غير رشيد في ذاك البلد..ويتساءلون هل خشع حاكم ظلم شعبه في صلاة وعلم أن الخشوع في الصلاة هو سر قبولها وذروة سنامها، لا يتصف به إلا من خامر الإيمان بشاشة قلبه، وملك عليه اليقين مشاعره ولبه؟.
قال تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)». سورة المؤمنون.
ولا يعرف قيمة الخشوع إلا من أحسه وعايشه، قال تعالى: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ». (45) سورة البقرة.
قلت: دخلت الصلاة إماما في مصلى تركي.. ودخل معي رجل من المسلمين الأتراك، ثم جاء مصل من المسلمين العرب.. فحاول أن يعود بالمسلم التركي إلى الخلف لكن التركي بقي مكانه.. وأكملنا الصلاة.. فسألته في ختامها لماذا لم يعد للخلف مع المصلين فقال: دخلت الصلاة ولم أشعر بشيء غير صوت الإمام وحركة الإمام سامحوني.. قلت: هذا هو الخشوع. وروى لي الإمام حكاية عروة بن الزبير لما خرج من المدينة متوجها إلى دمشق ليجتمع بالوليد، انتشر السرطان في رجله في واد قرب المدينة، وكانت بدايته هناك، فما وصل إلى دمشق إلا وهو قد أكل نصف ساقه فدخل على الوليد فجمع له الأطباء العارفين بذلك، فأجمعوا على أنه يجب أن يقطعها وإلا انتشر السرطان في الجسد كله فوافقهم على قطعها.
وقالوا له: ألا نسقيك مخدرا حتى يذهب عقلك فلا تحس بألم القطع؟ فقال: لا؟! معاذ الله أن أتناول شيئا يغيب عقلي وقلبي عن ذكر الله، ولكن إن كنتم لابد فاعلين فاقطعوها وأنا في الصلاة، فإذا دخلت الصلاة وجلست لقراءة التشهد فاقطعوا ساقي فإنني عندما أدخل الصلاة لا أفكر إلا في الله الواحد. فنشروا رجله وهو قائم يصلي، وهو صامت لا يتكلم فما تصور ولا اختلج، فلما انصرف من الصلاة عزاه الوليد في رجله..
تعلموا الخشوع واخشعوا..
بقلم : سمير البرغوثي
نحيب الخاشعين ارتفع.. وتخضبت لحى من ذابوا في خشوعهم وانصهروا في حضرة الله وهم يستمعون لكلماته من إمام- جزاه الله خيرا- أجاد التلاوة ووهبه الله حسن الصوت ليصل إلى العقول والقلوب وينقل من يصلون خلفه إلى الحرمين المكي والمدني وإلى أولى القبلتين وثالث الحرمين.. بجواري هذا قادم من حلب.. وذاك قادم من إدلب وهذا قادم من درعا وهذا من القدس وذاك من القاهرة.. وهذا من بغداد.. والكل يحمل وجع العواصم والحواضر.. والكل يرى أن بلاده على شفا حفرة من الهلاك في ظل حكم طاغ في ذاك البلد وحكم غير رشيد في ذاك البلد..ويتساءلون هل خشع حاكم ظلم شعبه في صلاة وعلم أن الخشوع في الصلاة هو سر قبولها وذروة سنامها، لا يتصف به إلا من خامر الإيمان بشاشة قلبه، وملك عليه اليقين مشاعره ولبه؟.
قال تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)». سورة المؤمنون.
ولا يعرف قيمة الخشوع إلا من أحسه وعايشه، قال تعالى: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ». (45) سورة البقرة.
قلت: دخلت الصلاة إماما في مصلى تركي.. ودخل معي رجل من المسلمين الأتراك، ثم جاء مصل من المسلمين العرب.. فحاول أن يعود بالمسلم التركي إلى الخلف لكن التركي بقي مكانه.. وأكملنا الصلاة.. فسألته في ختامها لماذا لم يعد للخلف مع المصلين فقال: دخلت الصلاة ولم أشعر بشيء غير صوت الإمام وحركة الإمام سامحوني.. قلت: هذا هو الخشوع. وروى لي الإمام حكاية عروة بن الزبير لما خرج من المدينة متوجها إلى دمشق ليجتمع بالوليد، انتشر السرطان في رجله في واد قرب المدينة، وكانت بدايته هناك، فما وصل إلى دمشق إلا وهو قد أكل نصف ساقه فدخل على الوليد فجمع له الأطباء العارفين بذلك، فأجمعوا على أنه يجب أن يقطعها وإلا انتشر السرطان في الجسد كله فوافقهم على قطعها.
وقالوا له: ألا نسقيك مخدرا حتى يذهب عقلك فلا تحس بألم القطع؟ فقال: لا؟! معاذ الله أن أتناول شيئا يغيب عقلي وقلبي عن ذكر الله، ولكن إن كنتم لابد فاعلين فاقطعوها وأنا في الصلاة، فإذا دخلت الصلاة وجلست لقراءة التشهد فاقطعوا ساقي فإنني عندما أدخل الصلاة لا أفكر إلا في الله الواحد. فنشروا رجله وهو قائم يصلي، وهو صامت لا يتكلم فما تصور ولا اختلج، فلما انصرف من الصلاة عزاه الوليد في رجله..
تعلموا الخشوع واخشعوا..
بقلم : سمير البرغوثي