تعيش المنطقة اليوم تحت كل أنواع الضغوط والتهديدات فلا توجد دولة واحدة لا تشعر بتهديد داخلي أو إقليمي أو دولي.. فكل الكيانات العربية هي الآن كيانات هشة غير ثابتة. فحتى الكيانات الثابتة ورغم قلّتها فإنها ليست في مأمن من مؤامرات الجوار المباشر أو غير المباشر. فما الذي أوصل المنطقة العربية إلى هذه الحالة من التفتت والانهيار؟
هذه الحالة ليست جديدة بل تعود إلى منتصف القرن الماضي حيث كان التهديد يستهدف حواضر بعينها مثل فلسطين في منتصف القرن التاسع عشر والعراق حوالي نصف قرن بعدها. أي أن التهديد كان تهديدا خارجيا دوليا أساسا ثم إنه كان تهديدا يخص منطقة بعينها دون غيرها. أما اليوم فإن الظاهرة تكاد تشمل الوطن العربي برمته من المشرق إلى المغرب بعد أن سقطت حواضر كثيرة في العنف والفوضى.
في مرحلة ثانية لم يعد التهديد خارجيا كما كان سابقا بل صار تهديدا داخليا بشكل أساسي. حيث تنبع الأزمات في منطقة الخليج مثلا من الداخل وتحولت دول كثيرة داخل المنظومة الخليجية إلى مصدر تهديد حقيقي للجوار المباشر فحرب اليمن وحصار قطر وانقلاب مصر والأزمة في سوريا كلها صدرت عن الداخل الخليجي ممثلا أساسا في الإمارات والسعودية.
لكن من جهة أخرى فإن هذه الدول الخالقة للأزمات والفوضى في المنطقة وجوارها الإقليمي واقعة تحت تهديد من نوع آخر. فليس الابتزاز الذي تتعرض له السعودية على لسان ترامب في كل خطاباته إلا جزءاً من هذا التهديد الذي يتضمن أمرا مباشرا بالدفع وإلا فإن الولايات المتحدة سترفع يدها عن حماية النظام. وهي كذلك واقعة تحت تهديد الانفجار الداخلي بسبب عدوى الثورات العربية التي لم تتوقف بعد.
بناء على ما تقدم فإن أخطر ما يهدد المنطقة اليوم هو سعي القوى الدولية بما هي الرابح الأكبر من اقتتال الإخوة إلى إبقاء التهديد قائماً لأنه الرافعة الأساسية لصفقة القرن من جهة أولى ولأنه الشرط الوحيد لصفقات التسليح الضخمة في المنطقة من جهة ثانية. لم تدرك أغلب الدول العربية وخاصة منها الدول الكبرى أن الفتن والمؤامرات والانقلابات التي تدعمها في جوارها المباشر ستعود عليها بالوبال يوما ما. فبعد أن تنتهي أسباب التهديد وتنضب الثروة سوف تتحول القوى الحامية إلى قوات احتلال مباشر.
بناء عليه لن يكون استقرار المنطقة العربية إلا جماعيا ولن تستطيع الدول العربية الخروج من هذه المصيدة إلا إذا تجاوزت خلافاتها التي هي في حقيقتها مدخل الاستعمار العائد إلى المنطقة بقوة السلاح.بقلم: محمد هنيد
هذه الحالة ليست جديدة بل تعود إلى منتصف القرن الماضي حيث كان التهديد يستهدف حواضر بعينها مثل فلسطين في منتصف القرن التاسع عشر والعراق حوالي نصف قرن بعدها. أي أن التهديد كان تهديدا خارجيا دوليا أساسا ثم إنه كان تهديدا يخص منطقة بعينها دون غيرها. أما اليوم فإن الظاهرة تكاد تشمل الوطن العربي برمته من المشرق إلى المغرب بعد أن سقطت حواضر كثيرة في العنف والفوضى.
في مرحلة ثانية لم يعد التهديد خارجيا كما كان سابقا بل صار تهديدا داخليا بشكل أساسي. حيث تنبع الأزمات في منطقة الخليج مثلا من الداخل وتحولت دول كثيرة داخل المنظومة الخليجية إلى مصدر تهديد حقيقي للجوار المباشر فحرب اليمن وحصار قطر وانقلاب مصر والأزمة في سوريا كلها صدرت عن الداخل الخليجي ممثلا أساسا في الإمارات والسعودية.
لكن من جهة أخرى فإن هذه الدول الخالقة للأزمات والفوضى في المنطقة وجوارها الإقليمي واقعة تحت تهديد من نوع آخر. فليس الابتزاز الذي تتعرض له السعودية على لسان ترامب في كل خطاباته إلا جزءاً من هذا التهديد الذي يتضمن أمرا مباشرا بالدفع وإلا فإن الولايات المتحدة سترفع يدها عن حماية النظام. وهي كذلك واقعة تحت تهديد الانفجار الداخلي بسبب عدوى الثورات العربية التي لم تتوقف بعد.
بناء على ما تقدم فإن أخطر ما يهدد المنطقة اليوم هو سعي القوى الدولية بما هي الرابح الأكبر من اقتتال الإخوة إلى إبقاء التهديد قائماً لأنه الرافعة الأساسية لصفقة القرن من جهة أولى ولأنه الشرط الوحيد لصفقات التسليح الضخمة في المنطقة من جهة ثانية. لم تدرك أغلب الدول العربية وخاصة منها الدول الكبرى أن الفتن والمؤامرات والانقلابات التي تدعمها في جوارها المباشر ستعود عليها بالوبال يوما ما. فبعد أن تنتهي أسباب التهديد وتنضب الثروة سوف تتحول القوى الحامية إلى قوات احتلال مباشر.
بناء عليه لن يكون استقرار المنطقة العربية إلا جماعيا ولن تستطيع الدول العربية الخروج من هذه المصيدة إلا إذا تجاوزت خلافاتها التي هي في حقيقتها مدخل الاستعمار العائد إلى المنطقة بقوة السلاح.بقلم: محمد هنيد