+ A
A -
ظاهر صالح كاتب وصحفي فلسطيني

منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر، يُطلق الاحتلال سيلاً من الروايات المفبركة وسرديات خيالية وتلفيقات متعددة، بهدف استغلال آلته الحربية الفاشية الدموية ضد قطاع غزة، التي لا تزال مستمرة منذ تسعة أشهر تقريباً، مرتكباً فيها أفظع المجازر بحق المواطنين الفلسطينيين، وتتكرر هذه المجازر في مخيم النصيرات، بدعم من الآلة الحربية الأميركية.

بعد مرور تسعة أشهر دون تحقيق أي من الأهداف التي حددها الاحتلال في بداية الحرب، يبدو أنه يسعى لتحقيق إنجازات وهمية على حساب دماء الشعب الفلسطيني ودماء النساء والأطفال الأبرياء. في المقابل، يظهر الاحتلال عدم اهتمامه بحياة أسراه، فعملية كهذه قد تؤدي إلى مقتلهم أو مقتل جنود آخرين شاركوا في العملية، أو حتى أسر جنود جدد، كما حدث مؤخراً في جباليا.

ومن الدلالات البارزة لمجزرة الاحتلال في مخيم النصيرات هي أنها تمثل جزءاً من إدارة المعركة السياسية الداخلية لدى الاحتلال. توقيت العملية جاء ليدعم نتانياهو في تجاوز إخفاقات الثمانية أشهر الماضية ولمنع تفكك تحالف الحرب. إضافة إلى ذلك، تعكس العملية استنفار الاحتلال بكامل جيشه وأسلحته وتخصصاته واستخباراته لإطلاق بعض الأسرى، ما يشير إلى العجز الذي وصل إليه الاحتلال وفقدان الثقة في قدراته ومقدراته، في مواجهة مقاومة باسلة أفقدت هذه المنظومة قيمتها وأحبطت أهدافها على مدى شهور.

ما حدث يُعتبر مجرد جزء من معركة مستمرة، وليس إنجازاً استثنائياً لجيش يتمتع بأقوى الأسلحة ودعم من أجهزة الاستخبارات العالمية، في مواجهة مقاومة بقدرات محدودة. القيام بمثل هذه المقارنة يُعد إجحافاً.

بحسب المعلومات الأولية، تنكرت قوات الاحتلال في شاحنة تحمل مساعدات إنسانية لتدخل إلى عمق مخيم النصيرات، حيث ارتكبت مجزرة شنيعة. عند اكتشافها، اندلعت اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل وإصابة عدد من ضباط وجنود الاحتلال. استخدم الاحتلال طيرانه الحربي وقصفه المدفعي ليغطي على انسحاب قواته بوابل من النيران، مما أسفر عن وقوع مجازر دامية خلفت أكثر من 250 شهيداً و400 جريح.

وهنا لابد من الإشارة إلى نجاعة المقاومة في اختراق الاحتلال وتعجيزه للوصول لها خلال الشهور الماضية مع امتلاكه وداعميه أحدث أنواع الطائرات التجسسية والعسكرية وسط النيران التي أفقدت العالم إنسانيته وآدميته.

يدفع الشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً في مواجهة حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بينما يبقى الاحتلال ونتنياهو، على وجه الخصوص، غير آبهين لهذه التكلفة، مصممين فقط على تحقيق مصالحهم على حساب دماء وأشلاء الشعب الفلسطيني، سيظل ذلك وصمة عار لن تمحى من على جبين العالم، وستترتب على هذه الحرب تكاليف باهظة لن يستطيع الاحتلال النهوض من تحتها يوماً ما.{ عربي بوست

copy short url   نسخ
10/06/2024
20