مقال رئيس التحرير لا تتورع السعودية عن الكذب نهاراً جهاراً حتى وإن كنا في شهر رمضان المبارك، سواء عبر أجهزتها الرسمية، التي يمثلها وزيرها «الببغاء»، عبر تردديه لروايات ساذجة وقصص ماسخة، لم يعد لها أي قبول حتى عند المواطن السعودي البسيط، والذي انتظر من حكومته إثبات التهم على قطر، وعلى رأسها الإرهاب، كما انتظرت كل دول العالم، فلم يكن لديهم سوى التأتأة.. والخشخشة.. والجعجعة !
وكذلك عبر أذرعها الإعلامية التي تتنفس الكذب وتبروزه وتواصل الفجور في الخصومة والتحريض المستمر بقيادة كوكبة من «أباليس الإنس» التي تعمل في رمضان «عمل إضافي» لتعويض تصفيد الشياطين في هذا الشهر الكريم !
فتعمل كل ما في وسعها لمواصلة قطع الأرحام والتهجم على قطر ورموزها وشعبها عبر برامج ساقطة وأغانٍ هابطة ومسلسلات منحطة.. وهكذا دواليك من صحيفة لمحطة !
وتواصل الرياض بكل بجاحة ووقاحة الكذب على المجتمع الدولي بأنها تسهل مهمة أداء القطريين للعمرة عبر خطوات هي في الأساس بمثابة «محلك سر» لم تغير من الواقع شيئا ولكن تهدف من خلالها إلى الهروب للأمام وهي تعلم تماماً أنها لا تحقق الحد الأدني من حقوق المعتمر ولا الحد الأسفل من واجباتهم تجاه الحرمين.. وعموم المسلمين.
وتكمل دعايتها الرخيصة بالادعاء أن قطر تحظر على مواطنيها أداء العمرة في أيام رمضان الفضيلة، وقبل ذلك بأنها حظرت عليهم أداء فريضة الحج، وكلها افتراءات وأكاذيب وادعاءات، تجافي الواقع، وتأتي استمرارا لحملة استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية.
فدولة قطر لم تمنع مواطنيها من السفر كما لم تحظر دخول مواطني دول الحصار، ولم تمنع الحج أو العمرة ولكن بحكم مسؤوليتها عن الشعب، مواطنين ومقيمين، وعن سلامتهم وأمنهم، طالبت ومازالت بتأمين وتوفير متطلبات النجاح للمعتمر والحاج أسوة بكل الدول، ولا تريد مكرمة ولا منّة من أحد.
فهذه الحملات المسمومة هدفها واحد، كشأن الأكاذيب المفضوحة التي تستهدف حرف الأنظار عن المعوقات التي لازالت قائمة بالفعل، فالمنفذ البريّ مغلق أمام المعتمرين والحجاج القطريين والمقيمين من ذوي الدخل المحدود أو الذين يتعذر عليهم السفر جوّاً لأسباب مختلفة، كما أن منع الطائرات من نقل المعتمرين والحجاج من الدوحة إلى جدّة أسوةً بجميع دول العالم لا زال قائما، هذا إضافةً إلى عدم وجود آلية واضحة لاستخراج تأشيرات الحجّ للمقيمين بدولة قطر، وعدم السماح ببعثة حج رسمية أسوة بكل الدول الإسلامية الأخرى، ولو كانت الرياض جادة بتذليل العقبات أمام المعتمرين والحجاج القطريين فإن أول ما عليها أن تفعله هو السماح بالطيران وفتح الحدود البرية ووجود بعثة حج قطرية وتداول العملة القطرية، بعيدا عن الأساليب الفاشلة والادعاءات الباطلة كما هو الحال بالنسبة للتسجيل الإلكتروني الغامض، والمشبوه، أو بالنسبة لمحاولة جذب بعض المعتمرين القطريين، بغرض تصويرهم وعرضهم على محطات التحريض التابعة لهم.
والمفارقة الغربية، بل والمدهشة، أن المعتمر والحاج الإيراني بإمكانه القدوم إلى الأراضي المقدسة لممارسة الشعائر الدينية بسهولة، مع أن السعودية وجهت اتهاما صريحا لإيران بإعطاء الأوامر للحوثيين بمهاجمة منشآتها النفطية قرب الرياض بطائرات من دون طيار.
وكتب نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان في تغريدة على تويتر «ما قامت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم ارهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة ارامكو السعودية، يؤكد على انها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران».
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في تغريدة إن «الحوثي يؤكد يوماً بعد يوم بأنه ينفذ الأجندة الإيرانية ويبيع مقدرات الشعب اليمني، وقراراته لصالح إيران».
نحن أمام اتهام صريح باستهداف الأراضي السعودية من قبل إيران، ومع ذلك فإن في مقدور المواطن الإيراني أن يعتمر أو يحج بمنتهى اليسر والسهولة، وبطبيعة الحال فأنا لا أقصد من هذه المقارنة عرقلة وصول الإيرانيين إلى الأراضي المقدسة، فنحن ننادي دائما وأبدا بعدم خلط الخلافات السياسية بأداء الشعائر الإسلامية أو الإضرار بالعلاقات الإنسانية والاجتماعية، وإنما نطرح هذا المثال من باب التناقضات السعودية عبر المقارنة بين بلد دأب على بناء أفضل العلاقات وأعمقها مع السعودية، ودافع عنها في المنابر الدولية والجبهات الحربية وأحبط المخططات الإجرامية التي كانت تستهدف أمنها، فكان أن تعرض للحصار والتآمر، وآخر تزعم الرياض أنه يتآمر عليها، لكنها تفتح أمامه الأبواب وتحرص على بناء أطيب العلاقات معه.. مما يؤكد حقيقة أخرى أن السعودية لا تقدر على زعل إيران وتتفادى مواجهتها.. وفي المقابل تحاول ومعها 3 دول أن «تتفرعن» على قطر، معتقدين أن صغر المساحة والكثافة السكانية هي من تحسم المواجهات، متناسين أن الدول تقاس بأفعالها لا بأحجامها، فكانت قطر لهم بالمرصاد على مدار سنتين واعطتهم درسا لن ينسوه، ودرسا للتاريخ تتعلم منه الأجيال.
هذا التناقض يشبه تناقض إمارة الشر التي لا تترك مؤتمرا أو منتدى أو اجتماعا دون تضمين بيانه الختامي موضوع الجزر الثلاث، في حين تقوم بين الإمارات وإيران علاقات اقتصادية وتجارية تُقدر بمليارات الدولارات.
هذه التناقضات لا يمكن فهمها على الإطلاق، وهذه الازدواجية في المعايير تؤكد أن هذه الدول تعاني من انفصام في الشخصية وتريد دائما أن تلعب الدور ونقيضه في نفس الوقت، حتى تضمن القفز من المركب الغرقان، وهو ما حدث مؤخرا من أبوظبي عندما زحلقت حفتر لمصيره المجهول، وبدأت تعطي إشارات توضح سهولة التخلي عنه، اذ قال وزيرها لشؤون تويتر قرقاش:
حفتر لم يشاورنا قبل الهجوم على طرابلس !!
من يصدق هذا الكلام ؟ والسلاح الإماراتي في يد هذا المجرم يقصف به الليبيين !
أما السعودية.. فعلى كومة مشاكل وبلاوي وتحريض وتجييش توجه الدعوة إلى قمتين خليجية وعربية «طارئتين» لبحث «الاعتداءات» في الخليج، وتداعياتها على المنطقة، وكعادتها تريد توريط العرب والمسلمين جميعا في مشاكل من تخطيط إمارة أبوظبي وتنفيذ الرياض وتحميلهم ما لا يطيقونه ولا يرغبونه، بدلا من الجلوس على طاولات الحوار والوصول لنتائج موضوعية ومنطقية بعيدا عن الحروب ولغتها وأضرارها التي تعم الجميع.
القمة مشبوهة في توقيتها ومكانها وأهدافها، أولا بسبب تورط السعودية ومعها الإمارات في مجموعة من المشكلات، أبرزها حصار قطر والعمل بكل سبيل من أجل إلحاق الضرر بها وعلى كل مواطن ومقيم على أرضها، وثانيا بسبب حرب اليمن التي دمرت هذا البلد العربي وأعادته عقودا إلى الوراء، ناهيك عن تدمير المؤسسات التعليمية والصحية وقتل الآلاف من أبنائه، ونهب ثرواته والسيطرة على خيراته ومقدراته.
وثالثا بسبب الدور التآمري ضد الشعوبب العربية التواقة للكرامة والحرية عبر دعم الثورات المضادة والأنظمة الديكتاتورية.
من هنا تبدو الدعوة للقمتين غير مفهومة أبدا، لأن من أول شروط التضامن وبناء علاقات أخوية حقيقية التواصل وفتح الحدود والأجواء والكف عن تشتيت الأسر وبث روح الشر وقطع الأرحام.
المدهش في الأمر أن الإمارات رحبت بالدّعوة إلى القمّتين.
والسؤال الذي نوجهه لها هو: كيف يمكن بناء موقف خليجي وعربي موحّد، وهي تقود كل هذه الأعمال الشريرة في المنطقة.. وبأي وجه ستحضر القمة.. هل بوجه المحاصر لقطر أم المعتدي على اليمن أم القاتل في ليبيا أم المتآمر على الجزائر والسودان ؟
فيما الحشد ضد إيران يستمر ويتصاعد، أدلى الجبير الأجير بتصريحات ضد قطر اتهمها فيها مجددا بدعم الإرهاب، واليوم تدعو بلاده إلى قمة خليجية وأخرى عربية لبناء موقف خليجي وعربي موحد، في ظل التحديات والأخطار المحيطة، والمقصود بذلك اندلاع حرب جديدة في المنطقة سيكون المستهدف فيها هذه المرة إيران، وأموال الخليج على السواء، ومن المؤسف أن هناك من يدفع في اتجاه التصعيد غير مدرك للعواقب الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن أي حرب جديدة في المنطقة رافعاً شعار «من ليس معي فهو ضدي» وهذا فهم خاطئ ومنطق أعوج، لا يصح التعاطي معه في عالم السياسة، فكل دولة تستشعر الخطر بطريقتها وتحاول تجنب ما يهددها تبعا لرؤاها وإمكانياتها، ووفقا لمعاييرها ومصالحها.
السعودية تريد من وراء القمتين استئجار واستجرار دول الخليج والدول العربية لمواقف عدائية، هدفها الوحيد خدمة أجندتها وتحميلهم تبعات فشل سياساتها وتدخلاتها.
ولو كانت السعودية جادة لإقامة قمم ناجحة وفعالة، لبادرت أولاً على إعادة ترتيب البيت الخليجي ودعمت أشقاءها العرب وحينها ستجد من يلبي النداء ويسارع لمساندتها ويقف إلى جانبها، أما أن تملأ الفضاء خلافات ونزاعات وثم تدعو لقمم وسط أجواء مشحونة وملغومة فهذا «كلام مأخوذ خيره» لتسجيل مواقف على من يغيب، وهو بالأساس معذور لانعدام الظروف الصحية لنجاح القمة، ولوكانوا جادين أكثر لحضروا قمة الكويت «البلد الوسيط» ومنها حلحلوا الأزمة وفككوا تشابكاتها، ومن بعدها سيكون من الطبيعي استمرار القمم واللقاءات والحوارات.. لكن واضح أن المسألة لاتعدو كونها «ضحك على الذقون»!
لذلك تبدو الدعوة للقمتين شعارات فارغة من مضمونها، فالخصم المعلن إيران، والمستهدف الحقيقي آخرون، خاصة وأن القمة العربية الإسلامية التي شهدتها الرياض في «2017» بهدف مواجهة إيران انتهت إلى حصار قطر، والخوف أن يكون هدف القمتين هذه المرة بلدا آخر، كتركيا على سبيل المثال، ربما تحت زعم التصدي لإيران، خاصة وأن وسائل إعلام دول الحصار تُصعد بصورة مريبة للغاية ضدها وتحاول النيل منها عبر كل وسيلة ممكنة.. خاصة بعد أن احرجتهم وأوجعتهم عبر مواقفها المشرفة مع عموم المسلمين ومع العرب في ليبيا وفلسطين.. لتسقط الأقنعة عن المتصهينين !
من حق الرياض أن تستشعر القلق وأن تتحرك طبقا لمصالحها، وأن تطلب دعم الأشقاء والأصدقاء، لكن ليس من حقها أن تفعل ذلك عندما توظف ذلك لخدمة سياساتها وتحركاتها لحصار الآخرين، ومحاولة النيل منهم، كما تفعل مع قطر ومع كل الشعوب العربية التي خرجت طلبا للحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.
آخر نقطة..
على الرياض أن تحسن قراءة الوضع السياسي، ولو أنها فعلت لعادت «3» سنوات إلى الوراء، واعترفت بحجم ما ارتكبته بحق قطر وعملت مجددا على ترتيب البيت الخليجي الذي تحيط به العواصف اليوم من كل حدب وصوب..
فالحروب دمار على المناطق والقارات التي تندلع فيها وليس على الدول المتنازعة فحسب، وما يحدث اليوم ليس الهدف منه «الحرب» بقدر ما هو مطلوب «الحلب» لأسباب انتخابية، اذ إن الرئيس المتحمس ترامب يسعى لنسف أي عمل ناجح قام به سلفه أوباما، كما يسعى للدخول في الانتخابات الجديدة بـ «اتفاق ترامب» كورقة اضافية تدعم موقفه في صراع الرئاسة.
وهذه حقيقة يجب أن يفهمها مراهقو السياسة في دول الحصار.. فالحرب ليست لعبة بوبجي.. حتى وإن طبّلت بعض الطبول الفارغة للمواجهة العسكرية.. فالإمارات ترتعد فرائصها من المواجهات، ويكفي أنها «ول ولت» من عمليات تخريبية محدودة على سفنها وهي لا تقدر على المواجهة حتى لو رموها بألعاب نارية.. ولا السعودية قادرة على التصدي لذراع صغير من أذرع إيران.. ونرى في الحوثي مثالا واضحا إذ اصبحت من تسمي نفسها العظمى في وضع لا تحسد عليه بعد ان اعطبوا انابيب النفط بطائرات مسيرة وكأنهم يلعبون أتاري..!
فدولتان تشعلان المنطقة بالتصعيد وتشغلان العالم بالتهديد.. وهما غير قادرتين على حماية حدودهما ولا تحرير جزرهما وغير جاهزتين لمواجهة «شراخيات» أو بلاي استيشن !
وكذلك عبر أذرعها الإعلامية التي تتنفس الكذب وتبروزه وتواصل الفجور في الخصومة والتحريض المستمر بقيادة كوكبة من «أباليس الإنس» التي تعمل في رمضان «عمل إضافي» لتعويض تصفيد الشياطين في هذا الشهر الكريم !
فتعمل كل ما في وسعها لمواصلة قطع الأرحام والتهجم على قطر ورموزها وشعبها عبر برامج ساقطة وأغانٍ هابطة ومسلسلات منحطة.. وهكذا دواليك من صحيفة لمحطة !
وتواصل الرياض بكل بجاحة ووقاحة الكذب على المجتمع الدولي بأنها تسهل مهمة أداء القطريين للعمرة عبر خطوات هي في الأساس بمثابة «محلك سر» لم تغير من الواقع شيئا ولكن تهدف من خلالها إلى الهروب للأمام وهي تعلم تماماً أنها لا تحقق الحد الأدني من حقوق المعتمر ولا الحد الأسفل من واجباتهم تجاه الحرمين.. وعموم المسلمين.
وتكمل دعايتها الرخيصة بالادعاء أن قطر تحظر على مواطنيها أداء العمرة في أيام رمضان الفضيلة، وقبل ذلك بأنها حظرت عليهم أداء فريضة الحج، وكلها افتراءات وأكاذيب وادعاءات، تجافي الواقع، وتأتي استمرارا لحملة استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية.
فدولة قطر لم تمنع مواطنيها من السفر كما لم تحظر دخول مواطني دول الحصار، ولم تمنع الحج أو العمرة ولكن بحكم مسؤوليتها عن الشعب، مواطنين ومقيمين، وعن سلامتهم وأمنهم، طالبت ومازالت بتأمين وتوفير متطلبات النجاح للمعتمر والحاج أسوة بكل الدول، ولا تريد مكرمة ولا منّة من أحد.
فهذه الحملات المسمومة هدفها واحد، كشأن الأكاذيب المفضوحة التي تستهدف حرف الأنظار عن المعوقات التي لازالت قائمة بالفعل، فالمنفذ البريّ مغلق أمام المعتمرين والحجاج القطريين والمقيمين من ذوي الدخل المحدود أو الذين يتعذر عليهم السفر جوّاً لأسباب مختلفة، كما أن منع الطائرات من نقل المعتمرين والحجاج من الدوحة إلى جدّة أسوةً بجميع دول العالم لا زال قائما، هذا إضافةً إلى عدم وجود آلية واضحة لاستخراج تأشيرات الحجّ للمقيمين بدولة قطر، وعدم السماح ببعثة حج رسمية أسوة بكل الدول الإسلامية الأخرى، ولو كانت الرياض جادة بتذليل العقبات أمام المعتمرين والحجاج القطريين فإن أول ما عليها أن تفعله هو السماح بالطيران وفتح الحدود البرية ووجود بعثة حج قطرية وتداول العملة القطرية، بعيدا عن الأساليب الفاشلة والادعاءات الباطلة كما هو الحال بالنسبة للتسجيل الإلكتروني الغامض، والمشبوه، أو بالنسبة لمحاولة جذب بعض المعتمرين القطريين، بغرض تصويرهم وعرضهم على محطات التحريض التابعة لهم.
والمفارقة الغربية، بل والمدهشة، أن المعتمر والحاج الإيراني بإمكانه القدوم إلى الأراضي المقدسة لممارسة الشعائر الدينية بسهولة، مع أن السعودية وجهت اتهاما صريحا لإيران بإعطاء الأوامر للحوثيين بمهاجمة منشآتها النفطية قرب الرياض بطائرات من دون طيار.
وكتب نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان في تغريدة على تويتر «ما قامت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم ارهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة ارامكو السعودية، يؤكد على انها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران».
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في تغريدة إن «الحوثي يؤكد يوماً بعد يوم بأنه ينفذ الأجندة الإيرانية ويبيع مقدرات الشعب اليمني، وقراراته لصالح إيران».
نحن أمام اتهام صريح باستهداف الأراضي السعودية من قبل إيران، ومع ذلك فإن في مقدور المواطن الإيراني أن يعتمر أو يحج بمنتهى اليسر والسهولة، وبطبيعة الحال فأنا لا أقصد من هذه المقارنة عرقلة وصول الإيرانيين إلى الأراضي المقدسة، فنحن ننادي دائما وأبدا بعدم خلط الخلافات السياسية بأداء الشعائر الإسلامية أو الإضرار بالعلاقات الإنسانية والاجتماعية، وإنما نطرح هذا المثال من باب التناقضات السعودية عبر المقارنة بين بلد دأب على بناء أفضل العلاقات وأعمقها مع السعودية، ودافع عنها في المنابر الدولية والجبهات الحربية وأحبط المخططات الإجرامية التي كانت تستهدف أمنها، فكان أن تعرض للحصار والتآمر، وآخر تزعم الرياض أنه يتآمر عليها، لكنها تفتح أمامه الأبواب وتحرص على بناء أطيب العلاقات معه.. مما يؤكد حقيقة أخرى أن السعودية لا تقدر على زعل إيران وتتفادى مواجهتها.. وفي المقابل تحاول ومعها 3 دول أن «تتفرعن» على قطر، معتقدين أن صغر المساحة والكثافة السكانية هي من تحسم المواجهات، متناسين أن الدول تقاس بأفعالها لا بأحجامها، فكانت قطر لهم بالمرصاد على مدار سنتين واعطتهم درسا لن ينسوه، ودرسا للتاريخ تتعلم منه الأجيال.
هذا التناقض يشبه تناقض إمارة الشر التي لا تترك مؤتمرا أو منتدى أو اجتماعا دون تضمين بيانه الختامي موضوع الجزر الثلاث، في حين تقوم بين الإمارات وإيران علاقات اقتصادية وتجارية تُقدر بمليارات الدولارات.
هذه التناقضات لا يمكن فهمها على الإطلاق، وهذه الازدواجية في المعايير تؤكد أن هذه الدول تعاني من انفصام في الشخصية وتريد دائما أن تلعب الدور ونقيضه في نفس الوقت، حتى تضمن القفز من المركب الغرقان، وهو ما حدث مؤخرا من أبوظبي عندما زحلقت حفتر لمصيره المجهول، وبدأت تعطي إشارات توضح سهولة التخلي عنه، اذ قال وزيرها لشؤون تويتر قرقاش:
حفتر لم يشاورنا قبل الهجوم على طرابلس !!
من يصدق هذا الكلام ؟ والسلاح الإماراتي في يد هذا المجرم يقصف به الليبيين !
أما السعودية.. فعلى كومة مشاكل وبلاوي وتحريض وتجييش توجه الدعوة إلى قمتين خليجية وعربية «طارئتين» لبحث «الاعتداءات» في الخليج، وتداعياتها على المنطقة، وكعادتها تريد توريط العرب والمسلمين جميعا في مشاكل من تخطيط إمارة أبوظبي وتنفيذ الرياض وتحميلهم ما لا يطيقونه ولا يرغبونه، بدلا من الجلوس على طاولات الحوار والوصول لنتائج موضوعية ومنطقية بعيدا عن الحروب ولغتها وأضرارها التي تعم الجميع.
القمة مشبوهة في توقيتها ومكانها وأهدافها، أولا بسبب تورط السعودية ومعها الإمارات في مجموعة من المشكلات، أبرزها حصار قطر والعمل بكل سبيل من أجل إلحاق الضرر بها وعلى كل مواطن ومقيم على أرضها، وثانيا بسبب حرب اليمن التي دمرت هذا البلد العربي وأعادته عقودا إلى الوراء، ناهيك عن تدمير المؤسسات التعليمية والصحية وقتل الآلاف من أبنائه، ونهب ثرواته والسيطرة على خيراته ومقدراته.
وثالثا بسبب الدور التآمري ضد الشعوبب العربية التواقة للكرامة والحرية عبر دعم الثورات المضادة والأنظمة الديكتاتورية.
من هنا تبدو الدعوة للقمتين غير مفهومة أبدا، لأن من أول شروط التضامن وبناء علاقات أخوية حقيقية التواصل وفتح الحدود والأجواء والكف عن تشتيت الأسر وبث روح الشر وقطع الأرحام.
المدهش في الأمر أن الإمارات رحبت بالدّعوة إلى القمّتين.
والسؤال الذي نوجهه لها هو: كيف يمكن بناء موقف خليجي وعربي موحّد، وهي تقود كل هذه الأعمال الشريرة في المنطقة.. وبأي وجه ستحضر القمة.. هل بوجه المحاصر لقطر أم المعتدي على اليمن أم القاتل في ليبيا أم المتآمر على الجزائر والسودان ؟
فيما الحشد ضد إيران يستمر ويتصاعد، أدلى الجبير الأجير بتصريحات ضد قطر اتهمها فيها مجددا بدعم الإرهاب، واليوم تدعو بلاده إلى قمة خليجية وأخرى عربية لبناء موقف خليجي وعربي موحد، في ظل التحديات والأخطار المحيطة، والمقصود بذلك اندلاع حرب جديدة في المنطقة سيكون المستهدف فيها هذه المرة إيران، وأموال الخليج على السواء، ومن المؤسف أن هناك من يدفع في اتجاه التصعيد غير مدرك للعواقب الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن أي حرب جديدة في المنطقة رافعاً شعار «من ليس معي فهو ضدي» وهذا فهم خاطئ ومنطق أعوج، لا يصح التعاطي معه في عالم السياسة، فكل دولة تستشعر الخطر بطريقتها وتحاول تجنب ما يهددها تبعا لرؤاها وإمكانياتها، ووفقا لمعاييرها ومصالحها.
السعودية تريد من وراء القمتين استئجار واستجرار دول الخليج والدول العربية لمواقف عدائية، هدفها الوحيد خدمة أجندتها وتحميلهم تبعات فشل سياساتها وتدخلاتها.
ولو كانت السعودية جادة لإقامة قمم ناجحة وفعالة، لبادرت أولاً على إعادة ترتيب البيت الخليجي ودعمت أشقاءها العرب وحينها ستجد من يلبي النداء ويسارع لمساندتها ويقف إلى جانبها، أما أن تملأ الفضاء خلافات ونزاعات وثم تدعو لقمم وسط أجواء مشحونة وملغومة فهذا «كلام مأخوذ خيره» لتسجيل مواقف على من يغيب، وهو بالأساس معذور لانعدام الظروف الصحية لنجاح القمة، ولوكانوا جادين أكثر لحضروا قمة الكويت «البلد الوسيط» ومنها حلحلوا الأزمة وفككوا تشابكاتها، ومن بعدها سيكون من الطبيعي استمرار القمم واللقاءات والحوارات.. لكن واضح أن المسألة لاتعدو كونها «ضحك على الذقون»!
لذلك تبدو الدعوة للقمتين شعارات فارغة من مضمونها، فالخصم المعلن إيران، والمستهدف الحقيقي آخرون، خاصة وأن القمة العربية الإسلامية التي شهدتها الرياض في «2017» بهدف مواجهة إيران انتهت إلى حصار قطر، والخوف أن يكون هدف القمتين هذه المرة بلدا آخر، كتركيا على سبيل المثال، ربما تحت زعم التصدي لإيران، خاصة وأن وسائل إعلام دول الحصار تُصعد بصورة مريبة للغاية ضدها وتحاول النيل منها عبر كل وسيلة ممكنة.. خاصة بعد أن احرجتهم وأوجعتهم عبر مواقفها المشرفة مع عموم المسلمين ومع العرب في ليبيا وفلسطين.. لتسقط الأقنعة عن المتصهينين !
من حق الرياض أن تستشعر القلق وأن تتحرك طبقا لمصالحها، وأن تطلب دعم الأشقاء والأصدقاء، لكن ليس من حقها أن تفعل ذلك عندما توظف ذلك لخدمة سياساتها وتحركاتها لحصار الآخرين، ومحاولة النيل منهم، كما تفعل مع قطر ومع كل الشعوب العربية التي خرجت طلبا للحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.
آخر نقطة..
على الرياض أن تحسن قراءة الوضع السياسي، ولو أنها فعلت لعادت «3» سنوات إلى الوراء، واعترفت بحجم ما ارتكبته بحق قطر وعملت مجددا على ترتيب البيت الخليجي الذي تحيط به العواصف اليوم من كل حدب وصوب..
فالحروب دمار على المناطق والقارات التي تندلع فيها وليس على الدول المتنازعة فحسب، وما يحدث اليوم ليس الهدف منه «الحرب» بقدر ما هو مطلوب «الحلب» لأسباب انتخابية، اذ إن الرئيس المتحمس ترامب يسعى لنسف أي عمل ناجح قام به سلفه أوباما، كما يسعى للدخول في الانتخابات الجديدة بـ «اتفاق ترامب» كورقة اضافية تدعم موقفه في صراع الرئاسة.
وهذه حقيقة يجب أن يفهمها مراهقو السياسة في دول الحصار.. فالحرب ليست لعبة بوبجي.. حتى وإن طبّلت بعض الطبول الفارغة للمواجهة العسكرية.. فالإمارات ترتعد فرائصها من المواجهات، ويكفي أنها «ول ولت» من عمليات تخريبية محدودة على سفنها وهي لا تقدر على المواجهة حتى لو رموها بألعاب نارية.. ولا السعودية قادرة على التصدي لذراع صغير من أذرع إيران.. ونرى في الحوثي مثالا واضحا إذ اصبحت من تسمي نفسها العظمى في وضع لا تحسد عليه بعد ان اعطبوا انابيب النفط بطائرات مسيرة وكأنهم يلعبون أتاري..!
فدولتان تشعلان المنطقة بالتصعيد وتشغلان العالم بالتهديد.. وهما غير قادرتين على حماية حدودهما ولا تحرير جزرهما وغير جاهزتين لمواجهة «شراخيات» أو بلاي استيشن !