+ A
A -

تستعد دولة الكيان المحتل إلى ما بعد المذبحة التي لا تزال جارية في غزة بعد أن ارتكبت كل أنواع المجازر والانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم بعد أن ضربت عرض الحائط كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية. تصرف الكيان في غزة كقوة احتلال وارتكب جرائم لم يرتكبها أحد قبله بين المدنيين العزل فقتل الأطفال والنساء ودمر كل البنية التحتية من مستشفيات ومدارس وجامعات ومساجد وسوى المدينة بالأرض.

لن يهتم الكيان المحتل بصورته كقوة إجرامية عالمية لأنه يملك المنصات ووسائل القوة الناعمة والإعلام العالمي ليظهر من جديد في ثوب الضحية كما فعلت الولايات المتحدة بعد غزو العراق وأفغانستان. لكنه قد يواجه على الأرض تغيرات جديدة قد تحدّ من قدرته على الحركة التي كانت له قبل أحداث السابع من أكتوبر.

لا تتعلق هذه التغيرات بموضع الكيان المحتل من النظام العالمي الذي شارك معه في إبادة غزة بل يتعلق بالتحولات التي قد تؤثر في مستقبل الحزام العالمي للكيان الصهيوني. فالسرديات التي بنت عليها الصهيونية صورة دولة إسرائيل باعتبارها أرض الميعاد وبأن شعبها هو شعب الله المختار وبأن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المشرق العربي وغيرها من السرديات قد تلقت خلال الأشهر السابقة ضربة كبيرة لم تعرفها من قبل.

صحيح أن النفوذ الصهيوني في العالم الغربي لا يزال قويا بحكم تقاطع المصالح بين المحتل وبين القوى الحامية له لكن الرأي العام العالمي لا يتحرك وفق نفس النظم التي تحكم الرأي العام العربي. فهناك حركة وعي عميقة بإعادة بناء السردية الحقيقية المتعلقة بتاريخ اليهود والصهيونية والدولية اليهودية خاصة عند الأجيال الجديدة وهو ما قد يشكل نقطة انطلاق مغايرة لأنساق فكرية وسياسية مختلفة.

بناء عليه فإن استمرار الصلف الصهيوني لن يكون ممكنا دون النجاح في اختراق الحواضر الشعبية بعد أن نجح إلى - حد كبير- في اختراق النظام الرسمي عبر مشاريع التطبيع. إن الحاضنة الشعبية العربية هي آخر قلاع الأمة أمام مشاريع التمدد الصهيوني وهي الضامن الوحيد لبقاء المقاومة ووعي المقاومة لأن صمود الأجيال القادمة أمام التطبيع الشعبي سيقطع الطريق أمام ذوبان الاحتلال في مجتمعات المنطقة والقبول به كأمر واقع.

copy short url   نسخ
20/06/2024
65