إن من أكثر الصفات التي يبغضها الناس، ويبتعدون عن صاحبها هي صفة الأنانية، فهي صفة ذميمة، وإذا تأصلت في نفس أحدهم؛ لا تتركه حتى تفض الناس من حوله، وتتركه يعاني الوحدة، ومجافاة الناس له.
الأنانيّ شخص يعمل على تضخيم ذاته في كافة المجالس والمحافل، ويصف نفسه بصفات قد لا تكون فيه، وإن كان يمتلكها؛ فانه يضخمها إلى الحد الذي يُشعر الآخرين بكذبه ومبالغته، فهو يرى نفسه بأن له المجدَ في كل المجالات الحسنة، وبعيدا كل البعد عن السوء.
ويسعى الأنانيّ عبر ذلك إلى لفت أنظار الآخرين نحوه، ويحب أن يكون موضع النظر والثناء دائماً، فهو يرى بأنه مميز، ويمتلك ما يفتقده الآخرون من الناس، وبالتالي هو أفضل من الجميع.
كما يحب أن يأخذ من كل شيء، حتى لو لم يكن بحاجته، فلا يجب أن يُكال المديح إلا له ولتصرفاته، ولا يجب أن يُعطى أحدهم قبله أو أكثر منه، بل يجب أن يكون الأول والأكثر دائماً.
وفي المقابل؛ تراه يأخذ ولا يشكر أحداً، ولا يُثني على تصرف جليس له، لأنه -حسب وجهة نظره- ما أخذ إلا حقه، وما قام به جليسه ما هو إلا واجبه، ويجد صعوبة في شكر الآخرين والثناء عليهم.
ويضع الأناني مصلحته في المقدمة، ولا ينظر إلى مصالح الآخرين وحاجتهم، بل حتى لا يلتفت إليهم ولو تم اشباع رغبته وحصل على ما يريد، ولكنه يطلب المزيد لنفسه دائماً.
وعلى الرغم من كل ما يأخذه الأنانيّ؛ إلا أنه يشعر دائماً بالظلم، فهو المهضوم حقه، الذي لم ينل ما يستحقه، ويتباكى دائماً طمعاً في المزيد.
ويدفعه ذلك إلى الغيرة من الآخرين، والحقد عليهم أحياناً، أو تزييف تصرفاته أمامهم، فيُظهر اللطف واللين والحب، ويبطن الكره والحقد والحسد، بل قد تدفعه غيرته منهم إلى تشويه صورتهم أمام الناس، أو التقليل من حجم إنجازاتهم، وشعاره دائماً: «إذا لم أستطع أن أصل إليهم؛ فلأنزلهم حتى عندي».
من السهل أن تتعرف إلى الأناني عبر تمجيده لذاته، وتقليله من قيمة الآخرين، وهو معروف ابتسامته المزيفة، وتباين أقوله، أو حديثه بالسوء عن الآخرين، كما أنه سريع الانفعال لو لم يأخذ ما يطمح اليه، أو لو أن أحداً شكك في إمكانياته وقدراته وأقواله.