+ A
A -
د. أشرف حسينمي

نحن نعيش في هذه الأيام لا نعرف سوى أنفسنا وأولادنا فقط، لا نهتم بالآخرين، وقد نسينا أننا خلقنا من أجل عمارة الأرض، وخير الناس أنفعهم للناس، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولئنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، -يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا-، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ)؛ فالمسلم الحق هو الذي يحس بالآخرين، خاصة الأقارب والجيران، وأن يتفقد أحوالهم، وأن يساعد من يحتاج إلى مساعدة، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وللأسف نسينا التراحم بيننا، وما أصابنا من ضعف في هذه الأيام؛ بسبب حب الدنيا وكراهية الموت، وقد عمرنا دنيانا ونسينا آخرتنا، فلو أحب إنسان أن يترك بيته القديم ويذهب إلى بيته الجديد ماذا يفعل؟! يبحث عن أحدث التصميمات، وأحدث الموديلات، ويختار مهندس ديكور يرتب ويباشر شركة المقاولات ويستلم منهم، كأنه البيت الخالد، ويختار الحمام الإيطالي والأثاث الفرنسي، والمطبخ الأميركي، لقد عمر دنياه ونسي آخرته، وفجأة ينزل الحفرة؛ ليحساب على جميع أعماله الدنيوية، وما قدم وما أخر في هذه الدنيا، للأسف الكبير يندم الإنسان الندم الشديد عند الاحتضار قال تعالى: ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) فيا أخي المسلم كن الناصح الأمين، وجّه، أرشد، انصح، تابع، ذكّر؛ فإن الذكرى تنفع المؤمنين، والله سنترك الدنيا، فالكلمة الطيبة صدقة والكلمة أمانة فأحرص دائمًا على فعل الخير، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه) بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لِكُلِّ عَبدٍ وَقفةً بَينَ يَدَيِ اللهِ تَعالى يَومَ القيامةِ، يَسألُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ عن كُلِّ شَيءٍ؛ وذلك حَثًّاً منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الاستِعدادِ لِهذا المَوقِفِ، وإعدادِ الجَوابِ له.

وأخيرًا نرى أن الدنيا مهما طالت فإنها قصيرة ومهما عظمت فإنها حقيرة.

copy short url   نسخ
21/06/2024
20