نجحت القوى اليمينية المتطرفة في الفوز بالانتخابات الأوروبية الأخيرة أو بالتحديد في إحراز تقدم ملموس مقارنة ببقية الأحزاب التقليدية الأخرى. الأحزاب البيئية أو الخضر نجحت هي الأخرى في تسجيل نقاط أساسية جعلتها في موقع مريح نسبيا. لكن أهم الخلاصات المستوحاة من هذه الانتخابات إنما تتمثل في التقدم الملحوظ للأحزاب الشعبوية المتطرفة ذات الخلفية النازية المعلنة وهو صعود متوقع في ظل الأزمات التي تعاني منها أوروبا على أصعدة كثيرة. ولعل أهمها الأزمات الاجتماعية التي تفسر هي الأخرى انتشار ظاهرة الاحتجاجات العنيفة في كثير من الدول الأوروبية على غرار فرنسا واحتجاجات السترات الصفراء.
تقدم حزب التجمع الشعبي الفرنسي الوريث الشرعي لحزب الجبهة الوطنية بقيادة ابنة الزعيم التاريخي للحزب جان ماري لوبان على حزب الرئيس ماكرون وبقية الأحزاب الأخرى بل وطالبت زعيمة الحزب بحل الجمعية الوطنية. في إيطاليا أيضا تقدم الحزب اليميني الشعبوي حليف حزب التجمع الشعبي الفرنسي كما اكتسحت الأحزاب المسيحية الديمقراطية أغلب دول أوروبا الشرقية.
هذه الحصيلة الكارثية للقارة العجوز يضاف إليها خروج بريطانيا المتوقع من الاتحاد الأوروبي بعد فشل رئيسة الوزراء في تحقيق البقاء داخل البيت الأوروبي تعمق من الأزمة التي تعيشها دول الاتحاد وتطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبله. المشكل يطرح بأكثر حدة على مستقبل المهاجرين والمسلمين في هذه البلدان خاصة أن الإعلام العمومي قد استثمر كثيرا في شيطنتهم وفي بناء الحملات الانتخابية على حسابهم. هاته الحملات لا تقتصر على الأحزاب المتطرفة والجماعات المعادية للمسلمين بل إن أنظمة وحكومات عربية باتت هي الأخرى تشجع الدول الغربية على مزيد التضييق على المسلمين مثلما فعل نظام الإمارات ومصر مؤخرا.
من جهة أخرى لا تبدو أوروبا بمنأى عن التدخلات الخارجية فالصراع الروسي الأميركي على القارة العجوز لم يتوقف يوما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فروسيا تعتبر أوروبا امتدادا جغرافيا لها وهي مجالها الحيوي المباشر بلا منازع أما الولايات المتحدة فترى أن القارة العجوز هي صيدها الثمين الذي حررته من براثن النازية ثم الشيوعية في مرحلة موالية وهي التي هندست له نمط عيشه ووعيه واقتصاده منذ مشروع مارشال الشهير.
بناء عليه فإن أوروبا الموحدة والقوية ستعصف بمصالح العملاقين وهو ما يجعل من إبقائها ممزقة أفضل الحلول الممكنة. لكن أوروبا أيضا لم تتعاف بعد من تاريخها القديم ومن نزعاتها القومية والانفصالية القوية التي تمثل حجر الزاوية في تأرجح البناء الأوروبي بين الوعي بوحدة المصير من جهة واشتداد النزعة القومية من جهة ثانية.بقلم: محمد هنيد
تقدم حزب التجمع الشعبي الفرنسي الوريث الشرعي لحزب الجبهة الوطنية بقيادة ابنة الزعيم التاريخي للحزب جان ماري لوبان على حزب الرئيس ماكرون وبقية الأحزاب الأخرى بل وطالبت زعيمة الحزب بحل الجمعية الوطنية. في إيطاليا أيضا تقدم الحزب اليميني الشعبوي حليف حزب التجمع الشعبي الفرنسي كما اكتسحت الأحزاب المسيحية الديمقراطية أغلب دول أوروبا الشرقية.
هذه الحصيلة الكارثية للقارة العجوز يضاف إليها خروج بريطانيا المتوقع من الاتحاد الأوروبي بعد فشل رئيسة الوزراء في تحقيق البقاء داخل البيت الأوروبي تعمق من الأزمة التي تعيشها دول الاتحاد وتطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبله. المشكل يطرح بأكثر حدة على مستقبل المهاجرين والمسلمين في هذه البلدان خاصة أن الإعلام العمومي قد استثمر كثيرا في شيطنتهم وفي بناء الحملات الانتخابية على حسابهم. هاته الحملات لا تقتصر على الأحزاب المتطرفة والجماعات المعادية للمسلمين بل إن أنظمة وحكومات عربية باتت هي الأخرى تشجع الدول الغربية على مزيد التضييق على المسلمين مثلما فعل نظام الإمارات ومصر مؤخرا.
من جهة أخرى لا تبدو أوروبا بمنأى عن التدخلات الخارجية فالصراع الروسي الأميركي على القارة العجوز لم يتوقف يوما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فروسيا تعتبر أوروبا امتدادا جغرافيا لها وهي مجالها الحيوي المباشر بلا منازع أما الولايات المتحدة فترى أن القارة العجوز هي صيدها الثمين الذي حررته من براثن النازية ثم الشيوعية في مرحلة موالية وهي التي هندست له نمط عيشه ووعيه واقتصاده منذ مشروع مارشال الشهير.
بناء عليه فإن أوروبا الموحدة والقوية ستعصف بمصالح العملاقين وهو ما يجعل من إبقائها ممزقة أفضل الحلول الممكنة. لكن أوروبا أيضا لم تتعاف بعد من تاريخها القديم ومن نزعاتها القومية والانفصالية القوية التي تمثل حجر الزاوية في تأرجح البناء الأوروبي بين الوعي بوحدة المصير من جهة واشتداد النزعة القومية من جهة ثانية.بقلم: محمد هنيد