في أقل التقديرات هناك وجبة تبريد، لأجواء التوتر في منطقة الخليج العربي اليوم، المسار الذي يتجه به المشهد، كان متوقعاً على نطاق واسع من المراقبين، وهو أن الحملة التصعيدية على إيران، تهدف إلى خلق أجواء ضغط للتهيئة لاتفاق جديد، يُحسّن الشروط الأميركية، التي عيّر بها ترامب أوباما كثيراً، قد تبقى مساحة التصعيد مفتوحة يلوح بها، لتعديل في موازين اللعبة، لكن الحرب الشاملة المزعومة غير واردة.
الطرف الأبرز في تبنّي قرار الحرب، ودفع التفاعل الشعبي معه، كان الرياض تحديداً، رغم أن محور أبو ظبي كان فاعلاً في هذا الخطاب، لكن الإمارات كانت حذرة جداً، من الدفع بأنها ستنخرط في حرب، كون أن ذلك يجعل بنيتها الاقتصادية والوظيفية الاجتماعية، التي تطرحها كدولة متقدمة كنموذج مؤهل للمشروع الغربي فكرياً، تحت القصف، ربما كانت بعض الرسائل الإيرانية أيضاً، محفّزة لهذا القلق، غير أن القاعدة الرئيسية، هي أن عزل ساحل الإمارات، عن نيران الحرب لا يُمكن ضمانه مطلقا. وهل الأمر اليوم سيقف عند رسائل ترامب، أم أنها مقدمة لجهود نجحت وتم بدء التفاوض بالفعل سرياً، بين طهران وبين واشنطن، قد تكون مسقط أو غيرها، وفي واشنطن ذاتها، فالتجربة الحوارية السابقة، بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران، شارك فيها شخصيات أميركية إيرانية، كان بعضهم من أطقم الشاه، ومع ذلك تحولوا إلى جسرٍ حيوي، لصالح مشروع الأمة الفارسية، وجسورها مع الغرب الجديد.
أحد أبرز الخسائر الكبرى للجانب العربي، رغم كل الضجيج الذي يتبناه محور أبو ظبي، هو أن طهران لن تُنفّذ أيَّ تراجعات أو انسحابات استراتيجية، من المناطق التي يزعم المحور، أنه يسعى لمعادلة تغيير فيها، وحتى لو شمل ذلك بناءً على اتفاق أميركي عراقي، فهو لن يتجاوز إعادة انتشار القوة والنفوذ الإيراني، وبالتالي لا تغيير أبداً في قواعد اللعبة، خاصة لو قدمت طهران، مقابلا اقتصاديا معقولا، للعقلية القومية الأميركية، التي ترى أن هذا المسار هو بيضة الذهب، المتدفق عليها من الخليج العربي.
إن من الواضح تماماً، أن حجم المساعدات التي قدمتها الرياض لحكومات العراق، الموالية لإيران، لم يُحقق أي تغييرٍ فعليٍ لصالحها، والأطقم السُنية التي تشارك من العراق، في التصعيد الإعلامي على إيران، ليست إلا ظواهر صوتية، لا تملك شيئاً لتغيير قواعد اللعبة، التي يستحوذها الإيرانيون، تحت قاعدة اتفاق مجملة، مع واشنطن منذ الاحتلال الأميركي العسكري عام 2003.وهنا يعود السؤال المفصلي: لماذا لا تقدم واشنطن وجبة كافية، عبر تعديلات جيوسياسية لصالح من أنفق لأجواء الحرب؟. إن الجواب على هذا السؤال، قد يبرز من خلال عودة صوت ترامب ثانيةً، لكي يبتز الرياض جهراً وبكل وقاحة، فهل تصرف ترامب هنا، مجرد غباء بسبب طبيعته المتهورة في التصريحات، أم أن عجلة الحصاد الأميركي هي فعّالة اليوم، فلماذا تُغير سياستها، ما دام سلوك الرياض بذاته يحصد لها أموالاَ ضخمة؟ ويعلن ترامب لناخبيه منذ اليوم، انها أحد مؤشراته الناجحة لعودته، رئيساً أميركياً في الدورة القادمة. ولماذا تُغيّر واشنطن، من واقع تطبيع التوتر في الأزمة الخليجية، فلنلاحظ هنا مسألة مهمة، وهي أن التجهيزات العسكرية واللوجستية الأمنية، التي طلبتها واشنطن من دول المجلس، تم إنجازها فوراً.
وضُمِنَ تنقّل الوفود القطرية إلى السعودية، لأجل تلك الاجتماعات، وبالتالي قيل للأميركيين عملياً، دعونا في حصارنا لقطر، وخسائرنا الخليجية والفوضى الخلّاقة لكم، ونحن لن يمنعنا ذلك من ضمان تلبية كل طلباتكم، هذا ليس وصفاً عاطفياً، وإنما رصد الواقع الذي قدمه مشهد الخليج الأخير. كارثية لا حدود لها، وتمسك بتوجهات استنزاف للذات، وقابلية للاستعمار الاستثماري للأرض، والثروات لصالح واشنطن، دون أن تحقق الرياض أي توازن إقليمي ولا تأمين لحدودها الجنوبية، لم يبق هنا الا المثل الخليجي المعبّر، لوصف الحماقة السياسية التي تعيشها المنطقة (منين تجيك العافية وبلاك من بطنك).بقلم: مهنا الحبيل
الطرف الأبرز في تبنّي قرار الحرب، ودفع التفاعل الشعبي معه، كان الرياض تحديداً، رغم أن محور أبو ظبي كان فاعلاً في هذا الخطاب، لكن الإمارات كانت حذرة جداً، من الدفع بأنها ستنخرط في حرب، كون أن ذلك يجعل بنيتها الاقتصادية والوظيفية الاجتماعية، التي تطرحها كدولة متقدمة كنموذج مؤهل للمشروع الغربي فكرياً، تحت القصف، ربما كانت بعض الرسائل الإيرانية أيضاً، محفّزة لهذا القلق، غير أن القاعدة الرئيسية، هي أن عزل ساحل الإمارات، عن نيران الحرب لا يُمكن ضمانه مطلقا. وهل الأمر اليوم سيقف عند رسائل ترامب، أم أنها مقدمة لجهود نجحت وتم بدء التفاوض بالفعل سرياً، بين طهران وبين واشنطن، قد تكون مسقط أو غيرها، وفي واشنطن ذاتها، فالتجربة الحوارية السابقة، بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران، شارك فيها شخصيات أميركية إيرانية، كان بعضهم من أطقم الشاه، ومع ذلك تحولوا إلى جسرٍ حيوي، لصالح مشروع الأمة الفارسية، وجسورها مع الغرب الجديد.
أحد أبرز الخسائر الكبرى للجانب العربي، رغم كل الضجيج الذي يتبناه محور أبو ظبي، هو أن طهران لن تُنفّذ أيَّ تراجعات أو انسحابات استراتيجية، من المناطق التي يزعم المحور، أنه يسعى لمعادلة تغيير فيها، وحتى لو شمل ذلك بناءً على اتفاق أميركي عراقي، فهو لن يتجاوز إعادة انتشار القوة والنفوذ الإيراني، وبالتالي لا تغيير أبداً في قواعد اللعبة، خاصة لو قدمت طهران، مقابلا اقتصاديا معقولا، للعقلية القومية الأميركية، التي ترى أن هذا المسار هو بيضة الذهب، المتدفق عليها من الخليج العربي.
إن من الواضح تماماً، أن حجم المساعدات التي قدمتها الرياض لحكومات العراق، الموالية لإيران، لم يُحقق أي تغييرٍ فعليٍ لصالحها، والأطقم السُنية التي تشارك من العراق، في التصعيد الإعلامي على إيران، ليست إلا ظواهر صوتية، لا تملك شيئاً لتغيير قواعد اللعبة، التي يستحوذها الإيرانيون، تحت قاعدة اتفاق مجملة، مع واشنطن منذ الاحتلال الأميركي العسكري عام 2003.وهنا يعود السؤال المفصلي: لماذا لا تقدم واشنطن وجبة كافية، عبر تعديلات جيوسياسية لصالح من أنفق لأجواء الحرب؟. إن الجواب على هذا السؤال، قد يبرز من خلال عودة صوت ترامب ثانيةً، لكي يبتز الرياض جهراً وبكل وقاحة، فهل تصرف ترامب هنا، مجرد غباء بسبب طبيعته المتهورة في التصريحات، أم أن عجلة الحصاد الأميركي هي فعّالة اليوم، فلماذا تُغير سياستها، ما دام سلوك الرياض بذاته يحصد لها أموالاَ ضخمة؟ ويعلن ترامب لناخبيه منذ اليوم، انها أحد مؤشراته الناجحة لعودته، رئيساً أميركياً في الدورة القادمة. ولماذا تُغيّر واشنطن، من واقع تطبيع التوتر في الأزمة الخليجية، فلنلاحظ هنا مسألة مهمة، وهي أن التجهيزات العسكرية واللوجستية الأمنية، التي طلبتها واشنطن من دول المجلس، تم إنجازها فوراً.
وضُمِنَ تنقّل الوفود القطرية إلى السعودية، لأجل تلك الاجتماعات، وبالتالي قيل للأميركيين عملياً، دعونا في حصارنا لقطر، وخسائرنا الخليجية والفوضى الخلّاقة لكم، ونحن لن يمنعنا ذلك من ضمان تلبية كل طلباتكم، هذا ليس وصفاً عاطفياً، وإنما رصد الواقع الذي قدمه مشهد الخليج الأخير. كارثية لا حدود لها، وتمسك بتوجهات استنزاف للذات، وقابلية للاستعمار الاستثماري للأرض، والثروات لصالح واشنطن، دون أن تحقق الرياض أي توازن إقليمي ولا تأمين لحدودها الجنوبية، لم يبق هنا الا المثل الخليجي المعبّر، لوصف الحماقة السياسية التي تعيشها المنطقة (منين تجيك العافية وبلاك من بطنك).بقلم: مهنا الحبيل