بيارة جده في يافا

الحديث مع الزميل محمد الربيع رئيس القسم الثقافي يأخذني إلى حكايات وروايات تستحق أن تروى، خاصة أن الزميل ربيع من النوع الذي يشعرك بما تحتويه الحكاية من كل مكونات الرواية.. بالأمس والحديث عن الشأن العربي.. والحريات الممنوعة والتي ساهمت في ارتقاء تخلفنا إلى القمة وانحدارنا إلى حضيض الأمم.. وردت رواية رجل من عائلتي كان طوله مترين وتزوج سيدتين أنجب من الأولى ولدين وابنتين ومن الثانية ولدين وابنتين أيضا.. وتزوج الثالثة وكانت جميلة جدا جدا.. حتى يروى أنه حين خرجت غاضبة من بيته وقال الناس إنها اختفت.. وقف رجل على منبر البلدة وصاح: يا ناس من يجد زوجة «الرجل» له جائزة كبرى وفوقها «زوجتي» هدية.. عادت إلى بيتها راضية لكن الرجل قرر تطليقها وإعادتها إلى دمشق فلم تنجب له الولد فقال مثله الذي بات مشهورا «الشجرة بلا ثمر حلال قطعها» هذا الرجل كان «عثمانيا» أي أنه يرتدي زي أهل الأستانة الطربوش وحين قامت الثورة الفلسطينية عام 1936 وقررت فرض ارتداء الكوفية على الجميع التي اعتمرها أبو عمار رمزا للثورة فيما بعد.. ومن يخالف هذا القرار يعاقب فر «أبو سيف» إلى دمشق.. وقال الناس عنه إنه ضد الثورة وخائن.. لكن الرجل كان وطنيا حتى النخاغ.. فله بيارة برتقال في يافا مساحتها عشرات الدونمات احتلها الصهاينة عام 1948 وجاؤوا له عام 1967 يعرضون عليه بيعها بـ «10» ملايين دولار، فقال لهم: هذه ليس للبيع.. فقالوا نحن نحتلها وأصبحت ملكنا.. فقال: تحتلونها نعم.. لكنكم لا تمتلكونها هي أرضي ورثتها عن أجدادي ولتبقى محتلة إلى الأبد سيرثها في يوم من الأيام.. أحد أحفاد أحفادي..
التقيت ابن حفيده من ابنه الثاني.. ولديه جنسية خليجية.. سألته ماذا تملك في فلسطين؟ فقال بيارة جدي في يافا..
إذن لن ينسى أصحاب الأرض المحتلة أراضيهم.. أما الذين باعوا ومعظمهم مستثمرون غير فلسطينيين.. لن يكون لهم أرض في وطن اسمه فلسطين.
بقلم : سمير البرغوثي