+ A
A -
باستثناءات قليلة نادرة حافظت الجيوش العربية في الأنظمة الاستبدادية على المبادئ الخفية التي من أجلها أسست وصنعت صناعة لا تخرج عن المسار الكبير الذي رُسم لدول سايكس بيكو منذ منتصف القرن الماضي. لم تكن الجيوش العربية في نشأتها إلا أجهزة مسلحة لحماية النظام الحاكم لا لحماية الأوطان والشعوب وهو ما أظهره تاريخ الأنظمة الحاكمة في مصر والعراق وسوريا وليبيا والجزائر وموريتانيا وكل الدول العربية تقريبا بنسب متفاوتة. بناء عليه فإن ما يقوم به الجيش السوداني أو عسكر السودان أو ميليشيات الجنجاويد التي تسمى قوات الدعم السريع الملحقة بالمؤسسة العسكرية السودانية إلا فعل طبيعي منتظر من هذه المؤسسة الحاملة للسلاح. فإطلاق النار على المدنيين وقنص المتظاهرين في الشوارع ورمي الجثث في النيل ليست إلا نفس الأعمال التي قام بها بالأمس القريب ولايزال الجيش المصري والسوري والليبي في حق المدنيين العزّل.
صحيح أن المؤسسة العسكرية العربية عرفت أبطالا وطنيين مثل سوار الذهب الذي فضّل تسليم السلطة إلى حكومة مدنية بعد انقلاب عسكري وهو نفس الأمر الذي فعله الموريتاني علي ولد محمد فال الذي وعد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية بعد سنتين من الحكم. صحيح أيضا أن الجيش التونسي رفض الانقضاض على السلطة وحمى المدنيين من بطش القناصة. كل هذا وغيره صحيح لكنها مظاهر تبقى استثناء نادرا في محيط مفخخ بالانقلابات العسكرية والمجازر التي ارتكبتها الجيوش العربية في حق الأوطان والشعوب. هذه الجرائم لا تقتصر على عمليات القتل والتهجير والتخريب والقصف والإبادة كتلك التي يقوم بها الجيش المصري ضد المدنيين في سيناء أو الحرب التي شنها جيش النظام السوري ضد شعب سوريا بل إن أكبر الجرائم المرتكبة في حق الشعوب إنما تتمثل في منع النهضة وتدمير التجارب الديمقراطية في البلاد العربية.
اليوم في السودان نقف مرّة أخرى على نفس الخلاصات التي خرجنا بها من التجربة المصرية والسورية والليبية وهي خلاصات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القوة المسلحة في البلاد العربية ليست لخدمة الأوطان والشعوب بل هي لخدمة النظام بما هو في غالب الأحيان وكيل مباشر لقوى خارجية. ليس هذا الأمر استثناء عربيا .. فدول كثيرة في أميركا الجنوبية وفي إفريقيا بقيت طويلا تحت نير العسكر وكذا تركيا التي كادت تغرق مرة أخرى في مستنقع الانقلابات لولا إرادة الشعب وعزيمته. لذا تبقى المنطقة العربية آخر المسارح الدولية لمغامرات العسكر وجرائمهم بشكل يجعل من تجاوز هذه المعضلة الكبرى أولى مراحل التحرر وشروطه الأساسية.بقلم: محمد هنيد
صحيح أن المؤسسة العسكرية العربية عرفت أبطالا وطنيين مثل سوار الذهب الذي فضّل تسليم السلطة إلى حكومة مدنية بعد انقلاب عسكري وهو نفس الأمر الذي فعله الموريتاني علي ولد محمد فال الذي وعد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية بعد سنتين من الحكم. صحيح أيضا أن الجيش التونسي رفض الانقضاض على السلطة وحمى المدنيين من بطش القناصة. كل هذا وغيره صحيح لكنها مظاهر تبقى استثناء نادرا في محيط مفخخ بالانقلابات العسكرية والمجازر التي ارتكبتها الجيوش العربية في حق الأوطان والشعوب. هذه الجرائم لا تقتصر على عمليات القتل والتهجير والتخريب والقصف والإبادة كتلك التي يقوم بها الجيش المصري ضد المدنيين في سيناء أو الحرب التي شنها جيش النظام السوري ضد شعب سوريا بل إن أكبر الجرائم المرتكبة في حق الشعوب إنما تتمثل في منع النهضة وتدمير التجارب الديمقراطية في البلاد العربية.
اليوم في السودان نقف مرّة أخرى على نفس الخلاصات التي خرجنا بها من التجربة المصرية والسورية والليبية وهي خلاصات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القوة المسلحة في البلاد العربية ليست لخدمة الأوطان والشعوب بل هي لخدمة النظام بما هو في غالب الأحيان وكيل مباشر لقوى خارجية. ليس هذا الأمر استثناء عربيا .. فدول كثيرة في أميركا الجنوبية وفي إفريقيا بقيت طويلا تحت نير العسكر وكذا تركيا التي كادت تغرق مرة أخرى في مستنقع الانقلابات لولا إرادة الشعب وعزيمته. لذا تبقى المنطقة العربية آخر المسارح الدولية لمغامرات العسكر وجرائمهم بشكل يجعل من تجاوز هذه المعضلة الكبرى أولى مراحل التحرر وشروطه الأساسية.بقلم: محمد هنيد