ناقشنا حتى الآن مجموعة من أنواع الشخصيات مثل الشخصية النرجسية، والمزاجية، والاجتماعية، والأنانية، واليوم نتحدث عن الشخصية الساذجة، والهدف من ذلك هو محاولة فهم الشخصيات في المجتمع من حولنا، لنكون أكثر نجاحاً في التعامل مع هذه الشخصيات المختلفة.
من خلال مسمى الشخصية الساذجة ندرك أن هذه الشخصية هي شخصية تقع في فخ الثقة المُطلقة، حيث إنها من الممكن أن تثق في جميع الناس، وغالباً ما تكون تلك الثقة في غير موقعها، وتندم على ذلك بعد فوات الأوان.
كما أن هذه الشخصية تغفل تماماً عما يدور حولها من أحداث، فهي غائبة عن التطورات والقضايا الحاصلة في المجتمع، أو على مستوى الوطن والعالم، وبالتالي من السهل أن تقع في أخطاء دعا الآخرون إلى تجنبها، وحذروا منها.
كما أنها شخصية تجد أنه من السهل عليها اتباع الآخرين، وتتبنى وجهات نظرهم بسهولة، حتى دون تفكير في حيثيات وجهات النظر تلك، ونرى تلك الشخصية وهي تقف عاجزة عن الدفاع عن وجهات النظر تلك، أو حتى تبرير موقفها في تبني تلك المواقف.
ولا تدرك الشخصية الساذجة الفرق بين التصرفات الصحيحة والخاطئة، وبالتالي تراها تقبل الانتقادات من الجميع، وتنسب التقصير والخطأ إلى ذاتها، بغض النظر ما إذا كان ما يقوم به صحيحا أم خطأ حقيقيا.
كما أن تلك الشخصيات ما زالت في مرحلة النضوج، ولم يكتمل نضوجها، بغض النظر عن عمرها، فتراها تتصرف كالأطفال، سريعة الغضب والخصام والرضى، كما تراها تتنازل عن حقها أو موقفها بكل سهولة، ودائماً ما تجدها لعبة في يد الآخرين.
تتصرف الشخصية الساذجة باندفاع دائماً، فتراها السبّاقة في كل شيء، وبالتالي تقع في الأخطاء دائماً، كما تراها تبالغ في الصراحة أمام الآخرين، وتكشف دائماً جميع أوراقها أمام الناس، وتكون عرضة للسخرية والاستهزاء، أو حتى النصب والاحتيال.
الشخصية الساذجة سريعة التعاطف مع الآخرين، لدرجة أنه وصلني أن أحدهم قد قام بالتبرع براتبه كله لأحد المتسولين بعد أن شكى له حاله، وأسقط البعض من دموع التماسيح على وجنتيه، فسارع صاحب الشخصية الساذجة إلى الوثوق به، وأعطاه راتبه كاملاً، وبقي هو يأكل التراب حتى نهاية الشهر.
صحيح أن الشخصية الساذجة على درجة كبيرة من الخطأ، ولكنها كما أسلفت في مرحلة النضوج، وجميعنا مررنا بتلك المرحلة، وقد تجد نفسك تضحك على تصرفك بسذاجة في أحد المواقف التي مرت عليك سابقاً، بل وربما تلوم نفسك، ولو عاد بك الزمن؛ لتصرفت بشكل مختلف.
على صاحب الشخصية الساذجة أن يُكثر من المطالعة والقراءة للتعرف على العالم من حوله، هو بحاجة إلى تطوير ذاته بشكل مكثّف، وأنا أدعو صاحب هذه الشخصية إلى إيجاد «كوتش» شخصي للتغلب على الصفات السلبية لتلك الشخصية، ومحاولة تسريع مرحلة نمو شخصيته، للخروج من القوقعة التي يضع نفسه فيها.