كتبت أم شريف البرغوثي على صفحتها في الفيس بوك، نقلا عن ابنة شهيد نجت بعد أن قصفت إسرائيل خيام النازحين في رفح وقطعتهم أشلاء.. كتبت: لا تخافوا سيجمعونا معا ولو كنا أشلاء..

رفضت أمّي أن يكتب على جسدنا أحد غيرها، ادخلتها إلى داخل الخــيمة وبين أصابعها الجافة قلم حبر أسود كانت تحبه وتضعه في درج المكتبة قبل نزوحنا.. لكنها حرصت على أن تحتفظ به، بدأت بي ثم نادت على أخي «أحمد»

كتبَت على يده اسمه: أحمد راشد صالح.....

اسم الأم: عبير

العمر: 9 سنوات

فصيلة الدم: A+

مكان السكن الأصلي: حيّ الشجاعية

كتبت مع قبلات كثيرة، على كفّه الأيمن والأيسر، على ذراعه، على ظهره، على فخديه الأيمن والأيسر،

كتبت على بطنه، على باطن قدمه، على صدره...

نادت هبة أختي، كنت أقرأ ما تكتب، نفس المعلومات الا أنّ هبة عمرها 5 سنوات، ثم راشد وعمره 3 سنوات لكنّ جسده لم يتسع لكل الكلمات.

تنهّدت وقالت: «راشد ما رح يضيع عنّا، رح يعرفوه، بضلّ بحضني»، ونظرت إلينا برأس مائل وابتسامة صغيرة وقالت: «تخافوش أنا كتبت ع جسمي بكل مكان إني، أم أحمد وراشد وهبة وكتبت زوجة الشهيد فهمي صالح»

«سيجمعوننا معاً سيجمعوننا... ولو كنّا أشلاء !!!!»

ونلتقي في مكان اعده الله لنا أفضل من مكان لم يستطع احد حمايتنا فيه من بطش سفاح.. سيجمع الله حتى البنان ونفس العيون الخضر والبشرة السمرة.. فنحن قتلنا ظلما وحرقنا ودفنا كل جزء من الجسد في مكان..

ستنتهي الحرب وسيعود النازحون الباقون إلى ظلم الحياة.. وسيأتي المهنئون بالنصر والمعزون بفقد مليون إنسان بين شهيد، قتيل وجريح وأسير.. سيعود وبينهم حقول ألغام واجساد مجزنرة معده ليوم لا لوم فيه لعاصمة معتصم ولا لعاصمة صلاح الدين ولا لعاصمة عمر.. سلام إلى أم شريف التي استحضرت الحكاية وإلى روح أم احمد تجمع أشلاء الأبناء.. وسلام إلى قوافل الشهداء تعود أرواحهم تسأل بأي ذنب قتلنا..؟؟سمير البرغوثي

كاتب وصحفي فلسطيني