+ A
A -
محمود جودت كاتب وباحث فلسطيني

القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد التي تسعى للحد من آثار النزاعات المسلحة وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية مثل المدنيين والجرحى وأسرى الحرب. من أبرز اتفاقيات هذا القانون اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية في سياق الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويعد تطبيق القانون الدولي الإنساني موضوعاً معقداً وحساساً بسبب النزاع المستمر بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، فتطبيق القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو موضوع معقد وحساس يتداخل مع العديد من القضايا السياسية والقانونية والإنسانية.

تنص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية على حماية المدنيين في أوقات الحرب وفي الأراضي المحتلة، وتفرض على القوة المحتلة واجبات معينة، مثل ضمان سلامة السكان المدنيين وتوفير الحماية والرعاية الطبية لهم. تُعَدُّ هذه الاتفاقيات الأساس القانوني الذي ينطبق على النزاعات المسلحة، بما في ذلك الاحتلال، حيث تلزم الاتفاقيات الاحتلال بحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وضمان حقوق الأسرى، في هذا الإطار، رغم ذلك، يضرب الاحتلال الإسرائيلي كل تلك الاتفاقيات والقوانين الدولية عرض الحائط، إذ لا يلتزم بأدنى معاييرها، بل يتحداها ويتجاوزها بشكل فج.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات إجرامية في قطاع غزة، تتسم بطابع إبادة ومجازر مستمرة. ورغم مرور نحو تسعة أشهر، لا يزال النظام الدولي والمؤسسات الدولية عاجزة عن إيقاف هذه الإبادة في غزة. لم يجتمع الفاعلون الدوليون والداعمون للنظام العالمي القائم بقوانينه لفرض عقوبات فعالة قادرة على وقف هذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يستهدف الأبرياء في غزة.

يتسارع الموت كل ساعة، ويخطف حياة آلاف الأطفال والنساء، بينما يظهر عجز العالم ومؤسساته عن إنفاذ القانون واتخاذ إجراءات فعّالة لمنع هذه الجرائم الجماعية. يبرز هذا التقاعس فشل الأمم المتحدة في تحقيق أهدافها، مثل «منع الحروب وتهديدات السلام» وإعادة إرساء «السلام» المأمول، مما يكشف عن هشاشة النظام العالمي الحالي ومؤسساته.

إن الحفاظ على سيادة القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمثل تحدياً بالغ الأهمية يستوجب تضافر الجهود الدولية المستمرة لحماية حقوق السكان المدنيين وتوفير المساعدات الضرورية لهم. يعتمد تحقيق السلام والعدالة في المنطقة بشكل كبير على التزام جميع الأطراف المعنية باحترام وتطبيق القوانين الدولية.

يعكس عدم التزام إسرائيل بهذه القوانين تحدياً جسيماً ليس فقط للفلسطينيين بل للنظام الدولي بأسره، حيث يُظهر احتلالها كأحد أبرز العوائق التي تعيق فعالية هذا النظام وتعرضه للخطر. إن استمرار هذا الوضع لا يؤدي فقط إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، بل يمثل أيضاً خطراً ينذر بالانحدار نحو الفوضى العالمية، إذ ظل الاحتلال الإسرائيلي واحداً من الاستثناءات في النظام الدولي التي تنخر قواعد النظام الدولي القائم وتفككه.{ عربي بوست

copy short url   نسخ
01/07/2024
15