+ A
A -
الدوحة الوطن

نظم المركز القطري للصحافة يوم الثلاثاء 2 يوليو الجاري الجلسة الثالثة من جلسات مقهى الصحافة، تناولت تداعيات العدوان الإسرائيلي على أهل غزة، وآثار الانتهاكات والقصف والقتل والدمار بعيون أطفال القطاع، بعد الإعلان عن استشهاد 15 ألف طفل في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر الماضي. استضافت الجلسة صانع المحتوى الفلسطيني رمضان أبو جزر «الخوارزمي الصغير» الموهوب في إلقاء الشعر والنثر والبلاغة وسفير الطفل الغزي ووالده السيد محمود والطفل وليد، فضلا عن كوكبة من الكتَّاب والإعلاميين وصناع المحتوى.

أدار الندوة الإعلامية أمل عبد الملك، وتحدث فيها الناشط رمضان أبو جزر عن جهود دور دولة قطر الداعمة للقضية الفلسطينية، والجهود الدبلوماسية المستمرة من أجل الوصل لوقف دائم لاطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات، واستضافة عدد من جرحى العدوان وأسرهم للعلاج بالدوحة، فضلا عن التضامن الشعبي الواسع مع أهل غزة.

وأوضح أنَّ طفولته انتهكت بسبب حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائلي فلم تعد حقائبهم المدرسية تحمل كتبهم وكراساتهم بل باتت خزائن متنقلة تحمل أوراقهم الثبوتية، وكان أصعب ما عايشه ولا يزال يعيشه هو استشهاد عدد من أفراد عائلته (عمه وعمته وعدد من أبناء عمومته) خلال نزوحهم من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان الذي بات كلمة مجردة من معناها في قطاع غزة. وانتقل الطفل رمضان أبو جزر في حديثه إلى حالة الخوف والهلع التي كان يعيشها وكل أطفال غزة منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن، لاسيما عند سماع دوي انفجار يتبعه آخر، متسائلا في نفسه هل هو وأسرته الهدف القادم؟، أم سيكتب له الله العمر لاستكمال رسالته في دعم القضية الفلسطينية، ونقل صوت أهل غزة للعالم مستفيدا من شهرته خدمة لوطنه ولدينه، مؤكدا أنَّ خروجه من قطاع غزة رغم قسوته إلا أنه فرصة لكي يتحدث عن فلسطين الجريحة، ومرارة الاحتلال وقسوة الحصار والعدوان، لإيمانه بأن الشهرة وسيلة يمكنه من خلالها ترسيخ الوعي ونقل حقيقة ما يجري من انتهاكات وجرائم ومجازر مروعة بحق الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال.

وقال: أنا أحد الأطفال الذين قدر الله لهم أن يأتوا للحياة على وقع أصوات القصف والانفجارات ورائحة البارود، فقد جاء مخاض والدتي خلال نزوح والداي من مكان لآخر خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، إلا أن هذه الظروف جعلت والداي يأخذان على عاتقهما مسؤولية تربية إنسان عظيم، وقائد وخطيب، وقد بدأت في حفظ القرآن الكريم في عمر العامين، وفي عمر العامين ونصف العام ألقيت خطبة في ليلة القدر نالت إعجاب كل من سمعها لصغر سني، ومنذ ذلك الحين تضاعف شغفي بالقراءة.

تقاعس دولي

واستنكر رمضان أبو جزر تقاعس الهيئات والمنظمات الدولية، عن حماية حقوق الطفل الفلسطيني في الحياة والتعليم والغذاء والمأوى الآمن، مؤكدا أن تلك المنظمات خذلت أطفال فلسطين، والقضية الفلسطينية.

وأكد ان العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة لا يفرق بين طفل وشاب أو مسن، فأهل غزة يعانون المجاعة والتهجير والإبادة الجماعية، وقال: «كنا نقضي ساعات طوال أمام طوابير الطعام أو المياه للحصول على رشفة ماء، فالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية التي تدخل غزة قليلة جدا، ولا تصل لكل المناطق، ولا تلبي حاجاتنا فكان الحطب عوضا عن الغاز والأكفان عوضا عن الأدوية، وبعد إغلاق (معبر رفح) أصبح من يملك علبة فول أو حمص كأنه ملك الدنيا بما فيها، ومع تصاعد المجاعة وشح المياه النظيفة اضطررنا إلى تناول مياه غير صالحة للشرب.

القصف والحصار

وأشار رمضان إلى أنَّه قام خلال العدوان بتأليف كتاب بعنوان «سيرة طفولة وبطولة» في المدارس التي خصصت لنزوح أهل غزة هربا من القصف الإسرائيلي، كشهادة على مأساة أهل غزة تحت القصف والحصار.

من جانبه أعلن السيد صادق محمد العماري -مدير عام المركز القطري للصحافة- تحمل المركز تكاليف طباعة كتاب الطفل رمضان أبو جزر.

وأكد مدير عام المركز أهمية دور المدونين والمؤثرين وصناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، في صنع رأي عام محلي وعربي ودولي تجاه تداعيات العدوان الإسرائيلين، بالصور ومقاطع الفيديو ومقالات الرأي والإحصائيات، والرسوم البيانية (الانفوجرافيك) التي ترصد الانتهاكات والجرائم الوحشية التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، فضلا عن تشكل الوعي لدى النشء والشباب بعدالة القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة، وتفنيد الروايات الإسرائيلية التي تتعمد طمس الحقائق وترويج الأكاذيب وتشويه التاريخ.

وشدد على التضامن القطري الواسع رسميا وشعبيا مع أهل غزة، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم والمستمر منذ 9 أشهر، لافتا إلى التضامن الراسخ مع الشعب الفلسطيني الشقيق، وقضيته العادلة لاستعادة أرضه ومقدّساته وحقوقه غير القابلة للتصرف التي تدعمها كل الشرائع والمبادئ الدولية والإنسانية.

وكان للشقيق الأصغر وليد (الشهير بالدكتور) صبغة خاصة خلال الجلسة الحوارية، حيث أصرَّ أن يبدأ مداخلته وتعريف الجمهور بنفسه بأبيات شعرية رحّب من خلالها بالحضور ببلاغة حظيت بإعجاب الجمهور، مشيدا بدور والده ووالدته بدفعه نحو تعلم القرآن وحفظه وتعلم القراءة والخطابة والإلقاء، لا سيما أن وليد كان يظهر بعدد من الفيديوهات التي يقوم شقيقه الأكبر بمساعدة والديهما بتصويرها قبل الحرب وبعدها، رغم المخاطرة التي كانت تحيط بهم بسبب الاستهداف المستمر لجيش العدو الصهيوني.

وعن سبب حرصه أن يسبق اسمه لقب دكتور.. قال وليد: «هكذا والدي يناديني دوما، وهكذا أحب أن أقدم نفسي لمن أخاطبهم أو أعرفهم بنفسي، الأمر الذي جعلني أكثر ثقة».

وعلق والد الطفلين رمضان ووليد أبو جزر على دوره في تنشئة أبنائه، مؤكدا أن هذا نهج تبناه وزوجته في تنشئة أبنائهما، وتعهد في أن يجعل من رمضان إنسانا عظيما لمصادفة ميلاده في الحرب عام 2014، مطبقا قاعدة من رحم الألم يولد الأمل، لذا يعد الاستثمار بالإنسان أعظم الاستثمارات.لهذا كانت تنشئة رمضان أحد أهم المشاريع من خلال التركيز على حفظ القرآن والقراءة وتعليمه فن الخطابة والإلقاء، لا سيما أنه من المهم الاستفادة من السبع سنوات الأُولى للطفل ليكون غرسا صالحا، مع عدم حرمانه من أن يعيش طفولته بأن يلعب، ويلهو، لكن كانت حياته وحياة أيضا إخوته منظمة ومجدولة، لافتا إلى أن رمضان للآن لم يجد أي مؤسسة تتبناه وتتبنى موهبته، موضحا أن موهبة ابنه تتطلب مؤسسة تقوم على توفير احتياجاته التي تسهم في تطوير مداركه أكثر وأكثر.

واختتم السيد محمود أبو جزر والد الطفلين مؤكدا أنه رغم قساوة الحرب، إلا أنها أيقظت ضمير العالم الراقد في سباته لسنوات، وباتت كالصحوة التي أعادت للقضية الفلسطينية مكانها حتى لا تنسى، كما أن هذه الحرب خلقت جيلا واعيا ليس من العرب بل من الغرب الذي اعترف بأنه كان يعيش في جهل سرديات الاحتلال الإسرائيلي.

شهدت الجلسة الحوارية عددا من المداخلات التي أكدت جميعها على ضرورة أن تتبنى إحدى المؤسسات المحلية أو الدولية موهبة الطفلين رمضان ووليد، والبعض اقترح أن يتم النهل من خبرة والدَيّ الطفلين في الآلية والكيفية التي تعاملا بها من أطفالهما.

فيما كانت بعض المداخلات للثناء على الوالدين اللذين أنجبا طفلين وأحسنا تربيتهما في ظل العولمة وتغول وسائل التواصل الاجتماعي التي أسهم بعض ما تقدمه في إفساد الأجيال القادمة، إلا أن نموذج رمضان ووليد يجب أن يُدعم حتى يكونا قدوة لأبناء جيلهما.

وكانت أكثر المداخلات تأثيرا على الحضور هي مداخلة الطفلة سارة نصار التي أكدت أنها تتابع الطفل رمضان أبو جزر على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي أحد مشاريعها المدرسية عن فلسطين وتحديدا النكبة استعانت بالفيديوهات التي قام بها الطفل رمضان أبو جزر، للدلالة على أن ما يقدمه أسهم في تعريف الأطفال بالقضية الفلسطينية بشكل يجعلهم يدركونه.

copy short url   نسخ
04/07/2024
5