+ A
A -
جريدة الوطن

وارسو- قنا- وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أمس، إلى قاعدة شوبان الجوية بالعاصمة وارسو، وذلك في زيارة رسمية إلى جمهورية بولندا الصديقة.

وكان قد غادر حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، أمس، العاصمة أستانا بجمهورية كازاخستان الصديقة، بعد المشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، متوجها بحفظ الله ورعايته إلى جمهورية بولندا الصديقة في زيارة رسمية.

وكان في وداع سمو الأمير المفدى لدى مغادرته مطار أستانا الدولي، دولة السيد أولجاس بيكتينوف رئيس الوزراء، وسعادة السيد أرمان إيساغالييف السفير الكازاخستاني لدى الدولة، وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة الكازاخية والسادة أعضاء السفارة القطرية.

يرافق سمو الأمير وفد رسمي.

وتربط دولة قطر وجمهورية بولندا علاقات صداقة تاريخية وطيدة تستند على مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وتشهد هذه العلاقات نموا متواصلا يعكس رغبة البلدين في دعمها وتطويرها في شتى المجالات وحرصهما على تنميتها ودفعها لآفاق أرحب.

وسعيا للوصول إلى هذه الأهداف والغايات، بدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، زيارة رسمية لجمهورية بولندا، يبحث خلالها مع فخامة الرئيس أندجي دودا، العلاقات بين الدوحة ووارسو وسبل تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.

ومن المنتظر أن تدشن زيارة سمو الأمير ومحادثاته مع فخامة الرئيس البولندي مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين، وتفتح آفاقا جديدة للشراكات والاستثمارات المشتركة بينهما في العديد من القطاعات.

وترتبط دولة قطر وجمهورية بولندا بعلاقات قوية في القطاعات السياسية والاقتصادية وغيرها، وتتميز هذه العلاقات بعمق تاريخي، حيث تمتد إلى زمن طويل رغم تأسيس سفارات البلدين في وقت قريب نسبيا، فقد كانت بولندا من أوائل الدول التي اعترفت بدولة قطر بعد إعلان استقلالها عام 1971 ودعمت طلبها لدخول منظمة الأمم المتحدة، في حين بدأت العلاقات الدبلوماسية رسميا بين البلدين في سبتمبر من عام 1989.

وبدأ التبادل الدبلوماسي بين البلدين عام 2000، وكان يمثل دولة قطر سفيرها في روسيا باعتباره سفيرا غير مقيم لدى بولندا، فيما تأسست السفارة البولندية في قطر في 1 سبتمبر 2006، وكان الافتتاح الرسمي يوم 28 أبريل 2007، وعلى أساس المعاملة بالمثل قررت دولة قطر فتح سفارة لها في جمهورية بولندا في يونيو 2007 وبدأت العمل فيها في 17 أبريل 2008، وتم تعيين قائم بالأعمال بتاريخ 4 أكتوبر 2008.

وفي العام 2009 تم تعيين سعادة السيد هادي بن ناصر منصور الهاجري سفيرا لدولة قطر لدى بولندا، تلاه في العام 2015 سعادة السيد أحمد بن سيف المعضادي، وتلاه في عام 2020، سعادة السيد عبدالله بن عبدالرحمن فخرو، أما سفير جمهورية بولندا لدى الدوحة حاليا فهو سعادة السيد يانوش يانكي.

ويتبادل البلدان الزيارات على أعلى المستويات، فقد قام صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة بولندا في يونيو عام 2002، وفي ديسمبر عام 2013 زار الدوحة فخامة الرئيس البولندي السابق برونسواف كوموروفسكي، فيما قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة بولندا في مايو 2017، وفي مايو 2021 قام فخامة الرئيس البولندي أندجي دودا بزيارة الدوحة، وعقد حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وفخامته، جلسة مباحثات رسمية بالديوان الأميري، وجرى خلال الجلسة بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها لا سيما في مجالات الاقتصاد والطاقة والثقافة والرياضة، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وكان عام 2016 نقطة تحول في العلاقات التجارية بين دولة قطر وجمهورية بولندا، عندما بدأ تسليم الغاز الطبيعي المسال القطري إلى بولندا، بعد افتتاح محطة الغاز في سوينوجيسي البولندية على بحر البلطيق. وتستورد بولندا ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال من قطر، والتي أصبحت أكبر مورد للغاز الطبيعي لبولندا، خاصة عقب الاتفاقية التي تم توقيعها عام 2017 والتي تضاعف كمية الغاز المصدر لبولندا.

وتجمع البلدين توجهات واعدة وتطلعات كبيرة من أجل توفير الاستقرار والازدهار لشعبيهما الصديقين، وتنظر جمهورية بولندا بتقدير كبير لدور دولة قطر المتنامي سياسيا واقتصاديا في المنطقة، وتثمن عاليا دورها الدولي والإقليمي في إحلال الأمن والاستقرار في أكثر من مكان من العالم. وفضلا عن التنسيق السياسي بين البلدين في المحافل الدولية، تعقد منذ عام 2014، مشاورات سياسية منتظمة بين الطرفين، يجري خلالها استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات وسبل دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى عدد من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.

وخلال زيارته للدوحة عام 2021، دعا فخامة الرئيس أندجي دودا رئيس جمهورية بولندا، رجال الأعمال القطريين إلى الاستثمار في بلاده، لافتا إلى الدور المهم لمجلس الأعمال القطري البولندي الذي تأسس عام 2020 في تعزيز الشراكة بين الطرفين، ووصف خلال لقاء المائدة المستديرة مع رجال الأعمال القطريين، العلاقات بين بلاده ودولة قطر بأنها استراتيجية، وتشهد نموا وديناميكية، مشيرا إلى أن بولندا تستورد 2.1 مليون طن من الغاز القطري المسال مما يثبت أهمية قطر كشريك تجاري استراتيجي لها.

وتنظم العلاقات بين الدوحة ووارسو مجموعة من الاتفاقيات التي تعكس عزم الدولتين على تنمية وتطوير التعاون بينهما في العديد من المجالات، ويشهد التبادل التجاري بين البلدين نموا متصاعدا، وقد بلغ حجمه عام 2020، وفق سعادة السيد يانوش جانكي سفير جمهورية بولندا بالدوحة 7.2 مليار ريال قطري.

لقد أصبحت دولة قطر شريكا مهما ووثيقا لبولندا في مجال التعاون الاقتصادي، وتمتلك الدولتان إمكانيات كبيرة تتيح لهما زيادة أوجه التعاون في مجالات مختلفة، ويوجد عدد من الشركات البولندية تعمل في السوق القطرية بشراكة مع شركات قطرية في مجالات متنوعة، مثل المقاولات والتجارة والتصميم، والخدمات التقنية، والصحة، والاستشارات، ويعقد مجتمع الأعمال في البلدين اجتماعات ولقاءات منتظمة، إلى جانب تبادل الزيارات، لبحث آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الطرفين، خاصة في القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثل الزراعة، والتصنيع، والأمن الغذائي والنقل، والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات.

وبهدف بحث فرص جديدة لدعم ودفع التعاون الاقتصادي والاستثماري والسياحي، زار الدوحة في نوفمبر الماضي، سعادة السيد باول جابلونسكي نائب وزير الخارجية للدبلوماسية الاقتصادية في بولندا، على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى، حيث اجتمع الوفد مع عدد من كبار المسؤولين القطريين عن الاقتصاد والتجارة ورجال الأعمال القطريين وناقش معهم سبل تعزيز التعاون مع مجلس الأعمال القطري البولندي ومركز قطر للمال، وهيئة قطر للمناطق الحرة، ووكالة ترويج الاستثمار، ورابطة رجال الأعمال القطريين، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، ومايكروسوفت قطر، كما افتتح رئيس الوفد، المنتدى القطري-البولندي للتكنولوجيا الجديدة، بمشاركة نحو 20 شركة بولندية، والذي استعرض في نسخته الثالثة، الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في البلدين لا سيما في المجال التكنولوجي.

وفي أغسطس عام 2022، وقع مركز قطر للمال مذكرة تفاهم مع مؤسسة بولندا الرقمية تهدف إلى تعزيز التعاون بينهما في القطاع الرقمي وتسريع الخطى نحو ابتكار تقنيات رقمية جديدة. وتعد مذكرة التفاهم هذه هي الخطوة الأولى في إطار سعي مركز قطر للمال لإقامة تعاون طويل الأمد مع المؤسسات البولندية.

وتعد بولندا حاليا واحدة من أكبر الاقتصادات في أوروبا الشرقية، ولديها طموح متنام لتصبح مركزا للطاقة، وتمتاز بتنوع جغرافي يؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال في كافة القطاعات، وتحتل المرتبة الرابعة على مستوى العالم من حيث معدل الاستثمارات، بسبب المناخ الاستثماري المميز وكثرة الفرص الاستثمارية فيها، كما تمتلك حزمة مشروعات قابلة للشراكة والاستثمار مع دولة قطر إلى جانب قطاع الطاقة، وعلى رأس تلك القطاعات الواعدة الأغذية والزراعة، والخدمات الطبية، والبحث والتطوير، فضلا عن المساعدة الإنسانية المشتركة، كما أن هناك فرصا كبيرة في قطاعات السياحة والرياضة والثقافة وهي سادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وقدر ناتجها المحلي الإجمالي، عام 2022 وفق إحصاءات البنك الدولي بستمائة وثمانية وثمانين مليار دولار أميركي.

وتقدر مساحة بولندا بأكثر من ثلاثمائة واثني عشر ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها بثمانية وثلاثين مليون نسمة، وتعد بوابة الدخول لشرق أوروبا، والذي يضم 250 مليون نسمة، ويلعب إنتاج الغذاء في بولندا دورا هاما حيث إن خمسين بالمائة من مساحة أراضيها يستغل في الزراعة.

copy short url   نسخ
05/07/2024
5