+ A
A -
جريدة الوطن

الدوحة- قنا- تولي دولة قطر اهتماما كبيرا للتعاون الدولي والإقليمي، وذلك انطلاقا من حرصها على المساهمة في تحقيق الأمن والسلم العالميين، ودعم حوار الحضارات والمساهمة في التواصل الثقافي بين مختلف دول وشعوب العالم، ومن هذا المنطلق جاء انضمامها بوصفها «شريك حوار» إلى منظمة شنغهاي للتعاون عام 2023 (وقعت دولة قطر مذكرة تفاهم في 14 من سبتمبر 2022 للانضمام إلى المنظمة بوصفها «شريك حوار»، ووافق مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه العادي الذي عقد يوم الأول من مارس 2023 على اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصديق على مذكرة التفاهم المذكورة).

ويمثل هذا الانضمام، خطوة جديدة في إطار سعي دولة قطر لإقامة علاقات متوازنة مع مختلف القوى والمنظمات الإقليمية والدولية المؤثرة في العالم، ومواصلة القيام بدورها عضوا نشطا ومسؤولا في المجتمع الدولي، يسهم في إحلال السلام والأمن من خلال المبادرات السياسية والاقتصادية والمساعدات الإنمائية والإنسانية.

وسيزيد حصول دولة قطر على صفة «شريك حوار»، وعلى العضوية الكاملة مستقبلا، من جاذبية «منظمة شنغهاي للتعاون» بالنسبة للدول غير الأعضاء، وذلك للسمعة الطيبة التي تتمتع بها دولة قطر، بوصفها شريكا يوثق به ويفي بالتزاماته اقتصاديا وتجاريا، ووسيطا نزيها في النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية.

ومع تزايد النزاعات الدولية والتوترات الجيوسياسية في العالم، تتزايد الحاجة إلى وسيط نزيه، يحظى بثقة الجميع، وهنا يبرز دور دولة قطر بوصفها قوة دبلوماسية رائدة في فض النزاعات وتسوية الخلافات الدولية، حيث تحولت الدوحة إلى واحدة من أهم الفاعلين على الساحتين الدولية والإقليمية في استعمال الدبلوماسية الوقائية والوساطة والمساعي الحميدة كأداة فاعلة في تسوية العديد من الأزمات الدولية.. وهذا ما يجعل عضوية دولة قطر مكسبا لأي منظمة إقليمية ودولية.

وانضمت دولة قطر خلال السنوات الماضية إلى عدة منظمات إقليمية ودولية، كما أقامت علاقات متميزة مع منظمات أخرى دولية، في مقدمتها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي تعتبر قطر من أوائل الدول التي أقامت علاقة عملية وثيقة معه، من خلال مبادرة إسطنبول التي أعلن عنها في قمة الحلف بتركيا في يونيو 2004 بغرض التعاون الأمني الثنائي الذي يشمل تقديم الاستشارات في المجالات الدفاعية وتشجيع التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات والتعاون البحري، وتشجيع التعاون في مجال أمن الحدود.

ووقعت دولة قطر ممثلة بوزارة الدفاع اتفاقية أمنية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، عام 2018 بمقر الحلف في بروكسل.

ويوفر هذا الاتفاق الأمني، إطارا لحماية تبادل المعلومات، على النحو الذي حددته جميع البلدان الأعضاء، وقد جاء بعد نحو شهرين من انضمام دولة قطر إلى عملية «الدعم الحازم» التابعة لحلف «الناتو».

كما انضمت دولة قطر في عام 2014 إلى الاتحاد الإفريقي بصفة «عضو مراقب». ومنذ ذلك الحين تعزز التعاون بين الجانبين في المجالات الأمنية والاجتماعية، حيث قدمت دولة قطر خلال السنوات الماضية مختلف أنواع الدعم للاتحاد الإفريقي.

وفي يناير 2019 وجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإنشاء صندوق برعاية الاتحاد الإفريقي لتغطية تكاليف إجلاء المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الموجودين في ليبيا إلى بلدانهم وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم، تساهم دولة قطر فيه بمبلغ عشرين مليون دولار أميركي.

وظلت دولة قطر تضطلع بجهود مستمرة من خلال الدبلوماسية الوقائية، والوساطة في تسوية النزاعات، في صناعة وبناء السلام في إفريقيا، وفقا لأولويات مبادرة الاتحاد الإفريقي المتعلقة بإسكات البنادق، إضافة إلى جهود الأمم المتحدة بشأن عمليات صناعة، وحفظ، وبناء السلام في إفريقيا، حيث شملت جهود وساطة دولة قطر على سبيل المثال كلا من السودان، وتشاد، والصومال، والنزاع الحدودي بين جيبوتي وإريتريا، هذا بالإضافة إلى جهودها الإنسانية والإنمائية في بلدان إفريقية عديدة.

كما وقعت دولة قطر في أغسطس 2022 على الانضمام لمعاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وذلك على هامش افتتاح الدورة الــــ(55) للرابطة في العاصمة الكمبودية (بنوم بنه).

ويأتي انضمام دولة قطر للمعاهدة انطلاقا من الإرادة والرغبة المشتركة لخلق منطقـة آمنة ومستقرة للمجتمعات لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار المـشترك، فضلا عن إيجاد وحدة مشتركة بين الشعوب قائمة على التنوع وتقبل الآخر.

وتكتسب علاقات دولة قطر مع دول (الآسيان) أهمية قصوى لترسيخ أواصر التعاون في مختلف المجالات، ودعم كل الجهود لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والاهتمام بتطوير العلاقات والتعاون المشترك مع القارة الآسيوية بوجه عام، ومع رابطة (الآسيان) بوجه خاص.

وفضلا عن دورها السياسي، تقوم استراتيجية قطر للتعاون الدولي، من خلال المنظمات الإقليمية والدولية، على تنفيذ الهدف المتعلق بتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول ذات الدخل المنخفض، ودعم الشراكة العالمية من أجل التنمية للقضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، من خلال تقديم المساعدات للدول الأقل نموا، في إفريقيا أو آسيا، وحتى في أميركا الجنوبية. كما تقدم دعما خاصا للدول الأقل نموا لمساعدتها على تحقيق أهداف الألفية الإنمائية.

وتستمد دولة قطر قوتها الدافعة من موروثها الحضاري والثقافي الراسخ، وهي عضو فاعل في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الإقليمية كتلك القائمة لحماية حقوق الإنسان والمعنية بترسيخ العلاقات الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية كمجموعة الـ77 والصين وحركة بلدان عدم الانحياز. كما تعمل كجسر للتفاهم والتعاون من خلال تمثيلها المتنوع في تلك الكيانات العالمية بما يحقق الأمن والسلام والتنمية لشعوب المنطقة.

كما تدعم دولة قطر الدور الرائد الذي تضطلع به منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية في مجالات التنمية والمساعدات الإنسانية، وهي سادس أكبر مانح عالميا للأمم المتحدة، وتقدم دعما سنويا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وعلى مدار السنوات الماضية، وسعت دولة قطر برنامج مساعداتها الدولية على نحو كبير، وذلك من خلال تقديم التبرعات الحكومية إلى جانب تلك التي تقدمها المؤسسات الخيرية القطرية. ومنذ عام 2012 وحتى يونيو 2019، قدمت دولة قطر مساعدات بقيمة 6.75 مليار دولار أميركي لأكثر من 100 دولة حول العالم.

وتأسست منظمة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة دولية سياسية واقتصادية وأمنية، في 15 يونيو 2001 في مدينة شنغهاي بجمهورية الصين الشعبية، وتضم في عضويتها تسع دول هي: الصين، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان، والهند، وباكستان وإيران. وتتمحور أهداف المنظمة حول تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين الدول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة، والتعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وكذلك النقل والتعليم والطاقة والسياحة وحماية البيئة، وتوفير السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.

وتم إنشاء منصب «شريك الحوار» بالمنظمة في عام 2008. ويطلق مصطلح «شريك الحوار» على دولة أو منظمة تتشارك أهدافها ومبادئها مع منظمة شنغهاي للتعاون، وترغب في إقامة علاقات شراكة معها.

ويبلغ عدد الدول التي تحمل صفة «شريك حوار» مع المنظمة حتى الآن 14 دولة، هي دولة قطر، والمملكة العربية السعودية، وتركيا، والكويت، والإمارات، والبحرين، ومصر، وجزر المالديف، وأرمينيا، وأذربيجان، وكمبوديا، وميانمار، ونيبال، وسريلانكا.. فيما تتمتع كل من بيلاروسيا ومنغوليا بصفة عضو مراقب.

copy short url   نسخ
05/07/2024
15