النقطة التي جمعتني في حوار قديم الجذور مع أخ وصديق عزيز استقر في المهجر الغربي، رغم أنه من خيرة النخبة السعودية ومن أسر النبلاء العريقة للمجتمع النجدي الكريم، هي توافقنا على رأي كررته في مقالاتي السابقة، بأن النظام السياسي الأميركي، لن يتخلّى عن مصالحه القومية مع السعودية، التي تتدفق على الخزينة الأميركية، بغض النظر عن إعادة انتخاب ترامب من عدمه.
كان الأمل لدى هذه الشخصية، ذات الوعي الثقافي المتقدم للفكر اللبرالي الحقوقي، وليس عضواً فيما يسمى التيار اللبرالي السعودي، فالأخير حالة (عربجة) سلوكية، تزعم التمدن في غالبها، ولا علاقة لها بالقيم الدستورية للبرالية، التي مثّلها المجتمع المدني الغربي الحديث.
بأن تكون رسائل الضغط الإعلامي والسياسي، دافعا ليتحول ولي العهد لحالة وعي، تُذكّره بأن قيادته لدولة واسعة، تتمدد في جغرافيا كبيرة، سيقوم على إصلاح داخلي، وليس حفلات الصخب التي أنهكته أمام قطر، والتي لا تقارن مطلقاً بإمكانيات السعودية، وإنما بأن يقود دولته بنوع من الاستبداد الذكي، ولكن ما حصل العكس، فلا يزال ما يُطلق عليه السعودية العظمى، مجرد قنطرة في قبضة أبو ظبي، وما هي أبو ظبي التي لا يُعيّرها كما يفعل مع قطر؟ هذا الاستبداد الذكي ظهر غيابه، في التورط في اغتيال الشهيد جمال خاشقجي رحمه الله، ولكن كان بالإمكان أن يقرأ رسالة الفاجعة، لكن ما حصل هو العكس، فقد سحب أهم المتهمين، وأوحى للمحيط الاجتماعي المهم من تكنوقراط الدولة، بأنه عاجز عن الاعتماد على نخبة وطنية، موالية للأسرة الحاكمة.
وبالتالي تمسّك بالفريق الذي هيّئته أبو ظبي له، الذي واصل بعث الرسائل، باحتقار الضمير الإسلامي لكل المجتمع، وباتت رياح الترفيه نوعا من التنفيس، وخطاب البربوغندا، الذي يقول للغرب، (هيا شاهدونا ننفتح عليكم بلا هوية ولا قيم، وسنقتل كل من يرفض، أو نُضيّق عليه)، ووسعت دائرة الاعتقالات بكثافة.
مع أن معالجة الفقه الوهابي، لم تكن بذلك التعقيد، فالمذهب ذاته مرتبط بالدولة التي أنشأته، وهي من أعادت توظيفه مراراً، وكل محاولة الأشقاء في قطر، منافسة السعودية في مرجعيته لها، فشل تماماً، بحسب ما تقوله الرياض ذاتها، وأصبح الأمر اليوم لصالحها كمدخل تنفتح به قطر، على العالم السُني والفكر الاجتماعي لشعبها، دون استفزاز الضمير السلفي لمواطنيها.
في ذات الوقت هي بلد منفتح متمدن، بشهادة الحلفاء الغربيين، يغض النظر عن تقييمي كباحث عربي مستقل، للموقف من هذه التوجهات في كل الخليج العربي، وعدم حاجتنا لمباركات غربية تجمع الانفتاح والتقدم المدني مع هويتنا العربية الإسلامية.
إذن من هو الخاسر في هذا السياق؟
يُصر مشروع ولي العهد على تعزيز الهجوم، على منظومة التدين والإصلاح الدستوري، واستهداف حركة حسم أبرز تيار حقوقي صاعد، والتي تتمدد في الجمهور الاجتماعي الشبابي، وتتراجع المعارضة الوهابية أمامها، ولم يُغيّر الدعم الإعلامي القطري، بعد حرب السعودية على الدوحة الموازين، إنما غيّره التوجه الشعبي، لحسم ومنابرها في الخارج.
ومع إهانة الرموز الإسلامية والحراك النسوي، يتورط فريقه شخصياً في حرب اجتماعية عنصرية، على حاضرة الحجاز باسم الوطنية، تصاحبت مع اغتيال بو صلاح رحمه الله، فعن أي حداثة وانفتاح يتحدث فريق ولي العهد!
تساءل الصديق، هل دُفن الأمل، قلت لا أستطيع أن أجزم، لكن هناك بعد هام جداً، تعيشه المنطقة، قد يُحدث فارقا إن لم تسقط الدولة السعودية، وهو أن أبو ظبي اليوم، التي لا يُمكن أن يكون تضخمها إطارا طببعيا، وإنما ذكاء غربي واسرائيلي استثمر فيها، ومنحها الحماية السياسية، فتوسعت تحت ردائه.
أبو ظبي اليوم يرتد عليها ملفات عديدة، حتى ولو لم تخسرها كلياً، وهذا يعني بأن ولي العهد، حين يتابع يوما ما، تطلعه لتوجيهاتها، سيصل لحقيقة بأن القوم شُغلوا بشأنهم، وأن مسافتهم التاريخية مع إيران، أهم من مستقبل الرياض، قبل أن تُسقط الرياح حصنهم الوهمي.بقلم: مهنا الحبيل
كان الأمل لدى هذه الشخصية، ذات الوعي الثقافي المتقدم للفكر اللبرالي الحقوقي، وليس عضواً فيما يسمى التيار اللبرالي السعودي، فالأخير حالة (عربجة) سلوكية، تزعم التمدن في غالبها، ولا علاقة لها بالقيم الدستورية للبرالية، التي مثّلها المجتمع المدني الغربي الحديث.
بأن تكون رسائل الضغط الإعلامي والسياسي، دافعا ليتحول ولي العهد لحالة وعي، تُذكّره بأن قيادته لدولة واسعة، تتمدد في جغرافيا كبيرة، سيقوم على إصلاح داخلي، وليس حفلات الصخب التي أنهكته أمام قطر، والتي لا تقارن مطلقاً بإمكانيات السعودية، وإنما بأن يقود دولته بنوع من الاستبداد الذكي، ولكن ما حصل العكس، فلا يزال ما يُطلق عليه السعودية العظمى، مجرد قنطرة في قبضة أبو ظبي، وما هي أبو ظبي التي لا يُعيّرها كما يفعل مع قطر؟ هذا الاستبداد الذكي ظهر غيابه، في التورط في اغتيال الشهيد جمال خاشقجي رحمه الله، ولكن كان بالإمكان أن يقرأ رسالة الفاجعة، لكن ما حصل هو العكس، فقد سحب أهم المتهمين، وأوحى للمحيط الاجتماعي المهم من تكنوقراط الدولة، بأنه عاجز عن الاعتماد على نخبة وطنية، موالية للأسرة الحاكمة.
وبالتالي تمسّك بالفريق الذي هيّئته أبو ظبي له، الذي واصل بعث الرسائل، باحتقار الضمير الإسلامي لكل المجتمع، وباتت رياح الترفيه نوعا من التنفيس، وخطاب البربوغندا، الذي يقول للغرب، (هيا شاهدونا ننفتح عليكم بلا هوية ولا قيم، وسنقتل كل من يرفض، أو نُضيّق عليه)، ووسعت دائرة الاعتقالات بكثافة.
مع أن معالجة الفقه الوهابي، لم تكن بذلك التعقيد، فالمذهب ذاته مرتبط بالدولة التي أنشأته، وهي من أعادت توظيفه مراراً، وكل محاولة الأشقاء في قطر، منافسة السعودية في مرجعيته لها، فشل تماماً، بحسب ما تقوله الرياض ذاتها، وأصبح الأمر اليوم لصالحها كمدخل تنفتح به قطر، على العالم السُني والفكر الاجتماعي لشعبها، دون استفزاز الضمير السلفي لمواطنيها.
في ذات الوقت هي بلد منفتح متمدن، بشهادة الحلفاء الغربيين، يغض النظر عن تقييمي كباحث عربي مستقل، للموقف من هذه التوجهات في كل الخليج العربي، وعدم حاجتنا لمباركات غربية تجمع الانفتاح والتقدم المدني مع هويتنا العربية الإسلامية.
إذن من هو الخاسر في هذا السياق؟
يُصر مشروع ولي العهد على تعزيز الهجوم، على منظومة التدين والإصلاح الدستوري، واستهداف حركة حسم أبرز تيار حقوقي صاعد، والتي تتمدد في الجمهور الاجتماعي الشبابي، وتتراجع المعارضة الوهابية أمامها، ولم يُغيّر الدعم الإعلامي القطري، بعد حرب السعودية على الدوحة الموازين، إنما غيّره التوجه الشعبي، لحسم ومنابرها في الخارج.
ومع إهانة الرموز الإسلامية والحراك النسوي، يتورط فريقه شخصياً في حرب اجتماعية عنصرية، على حاضرة الحجاز باسم الوطنية، تصاحبت مع اغتيال بو صلاح رحمه الله، فعن أي حداثة وانفتاح يتحدث فريق ولي العهد!
تساءل الصديق، هل دُفن الأمل، قلت لا أستطيع أن أجزم، لكن هناك بعد هام جداً، تعيشه المنطقة، قد يُحدث فارقا إن لم تسقط الدولة السعودية، وهو أن أبو ظبي اليوم، التي لا يُمكن أن يكون تضخمها إطارا طببعيا، وإنما ذكاء غربي واسرائيلي استثمر فيها، ومنحها الحماية السياسية، فتوسعت تحت ردائه.
أبو ظبي اليوم يرتد عليها ملفات عديدة، حتى ولو لم تخسرها كلياً، وهذا يعني بأن ولي العهد، حين يتابع يوما ما، تطلعه لتوجيهاتها، سيصل لحقيقة بأن القوم شُغلوا بشأنهم، وأن مسافتهم التاريخية مع إيران، أهم من مستقبل الرياض، قبل أن تُسقط الرياح حصنهم الوهمي.بقلم: مهنا الحبيل