على الرغم من الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، ومجمل الأراضي الفلسطينية، إلا أن التهديدات الإسرائيلية بالهجوم على لبنان، تنذر بكارثة أخرى، وحرب جديدة متعددة الأبعاد، ما لم تدرك حكومة الحرب في تل أبيب أن المفاوضات وحدها هي الكفيلة بإنهاء النزاع، ليس ما يتعلق بوقف الحرب على غزة فقط، وإنما للتوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للصراع القائم.

لقد أدرك المجتمع الدولي مضار النهج الإسرائيلي المتّبع في التعامل مع الصراع في الشرق الأوسط، وجاءت الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين، والتي بدأتها أيرلندا وإسبانيا والنرويج، وتبعتها دول أخرى، بمثابة ثغرة في جدار الصد الأوروبي للحقوق الفلسطينية ولو بحدها الأدنى، وعلى الرغم من استخدام الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن الدولي في «18» أبريل «2024» لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فإن الجمعية اعتمدت في «10» مايو قرارا بأحقية فلسطين لهذه العضوية، ما يؤكد على الضرورة الملحة لنهج مختلف يقوم على الحل الشامل والعادل.

حتى الآن فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي ليس لديه مشروع سلام لفلسطين، كما أن الموقف الأميركي، الذي يشكل شبكة حماية سياسية لتل أبيب، لم يرق إلى مواكبة القرارات الدولية الصادرة بهذا الشأن، فما طرحته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هو مشروع حل سياسي للقضية الفلسطينية قائم على أساس الاعتراف الإسرائيلي بقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ولكن ضمن سياق المفاوضات مع الفلسطينيين، مما يعني أن نتيجة المفاوضات سيحددها الطرف الأقوى وصاحب الأمر الواقع على الأرض، الأمر الذي يفرغ مصطلح الدولة من مضمونه الحقيقي.