نتضرع إلى الله العلي القدير أن يجعل العام الهجري الجديد 1446 عام خير وسلام ووئام على الأمة الإسلامية جمعاء، وأن يجعل هذا العام عاما يرفل فيه عباد الله بآلائه ونعمائه، ويحقق فيه للأمة الإسلامية ما تصبو إليه من عزّة ورفعة وسُؤدد، وان تفوق الأمة كذلك من نومها، وتعرف مصالحها وتوحّد جهودها ليتحقق الرخاء والاستقرار في المنطقة والعالم.

فبين عام انقضى، وبين عام آتٍ، كثير من الأمنيات والتطلعات تحققت، وأخرى نتطلع لرؤيتها وتحققها، ونحن في سلطنة عُمان نأمل أن يكون عامنا هذا أفضل بكثير عن العام المنصرم، وإقليميا نأمل أن تحلَّ كل القضايا والإشكاليات بين بعض الدول التي ما زالت في عراك سياسي، لأن ما يحدث الآن هو خراب ودمار ووفيات دون ذنب، والمستفيد الأول من استمرارها هم أعداؤنا وأعداء الدين، وعالميا نرجو أن يسود السلام والعدالة وتتوقف الحروب ويتفق الجميع على حل الأزمات بالطرق السلمية والحوار الصادق والهادف.

لقد دخل العام الهجري الجديد، بخسارة حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات، وهذا يعني إننا أمام تغيرات قادمة، وأيضا فوز اليسار في فرنسا وصعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، ومن عادة الإنسان في هذا الكون، انه يتطلع إلى استقراء المستقبل، فالإنسان مُسيّر وليس مُخيَّرا في العديد من الجوانب، لذا عليه أن يضع خطة اقتصادية واجتماعية للمرحلة القادمة، فالاوضاع تتغير، وان يكون على إطلاع بما يسير حوله، ويعيش الواقع ويتعلم الدروس والعبر من الماضي فمستقبلنا ليس بالضروة ان يكون ورديا.

فالعجلة تدور، والدول الكبرى ـ رغم انها ليست كذلك الا لضعفنا ـ تبحث عن ثروات خارج الصندوق، والقطار العالمي يسير بسرعة تفوق سرعة الصوت والرصاص، فإذا نظرنا إلى كل الحروب التي تجري الآن فهي اقتصادية وللسيطرة على الثروات والمعادن وتأمين السلع الاساسية لشعوبها على حساب الآخرين، وصحوة افريقيا درس لمن يتعض.!!

وعلى الرغم من ذلك كله؛ هناك أمل بأن يكون العام الهجري الجديد، عام صحوة الشعوب والشباب في وجه هذه السياسات الهمجية والصهيونية، وفي وجه العبث الذي ستجني منه هذه الدول الكبرى لاحقا، ليأتي ما صنعته من أزمات صحية واقتصادية وحروب وخلافات حدودية كان يمكن حلها بالعقل والحكمة.

لذا نأمل في العام الجديد رؤية كل الدول العربية والاسلامية التي لديها خلافات أو حروب قد استقرت اوضاعها، وكلنا شوق بحل قضيتنا الأولى واستعادة الأراضي المحتلة وعودة فلسطين كما نتمناها، وكلنا أمل بفتح صفحة جديدة من العلاقات الناجحة العربية ونسيان الماضي بكل ما فيه من سلبيات.

وفي دول مجلس التعاون الخليجي، سقف الطموح والآمال لا يقتصر على تحسين الظروف المعيشية فقط، بل العمل على تحقيق التكامل الحقيقي من خلال المشاريع المستدامة والرافدة للاقتصاد الخليجي، وبناء مشاريع عملاقة ذات حراك وعمل يومي ودخل مناسب ومصادر متنوعة ليستطيع هذا المجلس قيادة السفينة بكل اريحية، وجعل العجلة الخليجية والقطار يحمل الركاب والمؤن والصناعات فيما بيننا والاستفادة من ثرواتنا الطبيعية، ولا ننتظر سنوات لادخال الهيدروجين بل يجب أن يبدأ العمل من اليوم وليس بعد سنين، كما تفعل الصين كل يوم.

عام جديد هلّ علينا، فالرخاء والتنويع الاقتصادي والانتقال لمرحلة أخرى ليس بالمؤتمرات والاستعراضات الإعلامية، وأن نسدل الستار على كل ما يُعطل خطواتنا للنجاح، ونتوخى الحذر، فالتحديات صعبة ومواجهتها تتطلب تكاملنا ووحدتنا في بعض الأمور، وأخيرا متفائلون بتحقيق مزيد من المنجزات على المستوى الوطني والخليجي في مختلف المجالات.

وأخيرا.. أدعو الجميع إلى التحلي بالطاقة الإيجابية في كل أرض عربية، وأن يتحقق النصر والعدالة في فلسطين وغزة وتحقق المقاومة المشرفة الانتصار وإلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي وإذلاله.. والله من وراء القصد.