هناك مؤشر متعاظم يرصد تناول الأزمة الخليجية، وتوثيق ملفاتها عبر التحليل السياسي، وهي أن الأزمة الخليجية أضحت منعطفاً شاملاً يُساهم أو يحدد مسارات المستقبل العربي، والخطاب الفكري المتدافع في أجواء هذا الشحن، والأخطر من ذلك أن تطورات الأزمة والعقل الهستيري الذي يُصعّد فيها بلا حسابات.
هو اليوم جزء من منظومة سياسية وسوق استثماري يَغرف منه العالم، أميركياً وإسرائيلياً أولاً وغربياً ثانياً، وإقليميا في اتجاه إيران وتركيا، ثم بقية السوق الآسيوي وأبرزه الصين، لا لشيء سوى تحقيق خطوات سبق في صراع الأزمة، أو لمجرد أثرها النفسي لما بعد اندلاعها، بمعنى أن بعض السياسيات تنطلق من مجرد، روح محتقنة بالقهر لفشلها فيما مر من مراحل الأزمة الخليجية.
الأمر الآخر أن منظومة الاستثمار الأميركي وصلت إلى أعلى مستويات الابتزاز للمنظومة الخليجية، وخاصة الدولة السعودية، وتلاعبت بالعقلية التي راهنت على حرب واهمة مع إيران، رغم أن كل الدلائل تقول إن حرباً شاملة بين واشنطن وطهران خارج إطار قواعد اللعبة الكبرى في الإقليم.
وأن الحرب الباردة لن تُسقط التوافق على مسارات مصالح بين القطبين غير أنها تفاعل مواسم يسخن ويهدأ، قبل بوادر اتفاق نووي جديد يتيح للرئيس ترامب مساحة اقتصادية أكبر مع طهران، يخرج بها منتصراً على اتفاق الرئيس السابق باراك أوباما، ويعزز بها حظوظه الانتخابية.
أما الضفة الأخرى لأهل الخليج العربي المحكومة بتطرف محور أبوظبي، فهي تواصل إمداد عناصر هذا الابتزاز، ويدفعهم الصراع الجديد في الأزمة الخليجية التي تستنزف قطعاً في قدرات الخليج العربي، وتنهي أي تصور للأمن القومي الذاتي، ثم تدفعه للبازار الأخير الذي يتسابق فيه المحور مع غيره من الأنظمة العربية، لاسترضاء المشروع الصهيوني المركزي.
إن هناك ارتداد عكسي مستمر عند كل سقوط خليجي يتجه أثره على تعزيز الانقسام والتشرذم العربي، وتمكين المشروع الصهيوني كمشروع كراهية ضد الإنسان العربي لا الفلسطيني وحسب، وكفكر ترويج متتال يسقط الأحقية التاريخية للشعب الفلسطيني والأمة في القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبقية الأرض المحتلة.
لا توجد اليوم حاجة للقول إن هنا مؤامرة، فالمشروع يطبق بإصرار وتتابع، وما كان يعتبر مؤامرة مظنونة هو واقع اليوم بحذافيره، أما البوابة الأخرى فإن الخشية لخسارة المحور، الذي قاد التطرف في الأزمة الخليجية، طوّر تحفزه في اتجاهين:
الأول: مشاريع الدعم للفوضى الهدامة في الوطن العربي، حيث يتم دعم أي مشروع انقضاض قمعي للآمال العربية وحركات النهضة، التي تسعى إلى إنشاء منظومة اجتماعية جديدة حرة في الوطن العربي بكل قُطر تخرج من احتلال المستبد الداخلي، وقهر القرار الغربي وهيمنته.
الثاني: حالة فوضى فكرية تسعى إلى هدم كل أرضية فكر عربية، تعي إشكاليات البناء الثقافي والأزمة الحضارية، وتسعى إلى فهم رسالي إسلامي جديد يزرع أيقونات النهضة للأجيال القادمة.
لقد ألقت دول المحور بكتلة شذوذ أخلاقية وفكرية واسعة في المفاهيم والعلاقات العربية - العربية والعربية - الإسلامية والعربية - الإنسانية، قدمت صورة مشوهة تسقط نموذج الإنسان في الخليج العربي، وتزرع بؤر توتر مع كل أصقاعه، وتحيي كل إشكاليات عنصرية بين شباب الخليج العربي أنفسهم، وبينهم والشباب العربي.
لا يمكن اليوم إلا أن نُذكّر الرأي العام الخليجي والعربي بأن هذا المشروع الذي نعايشه اليوم في أزمة الخليج، والذي قاده قرار أبوظبي والرياض وراء هذا السقوط، وهو تحميل مسؤولية سياسية وأخلاقية لفهم كيف وصل الوضع إلى الحضيض، وكيف باتت رياح الصهيونية مرحب بها عبر قلة مدفوعة سياسياً وأمنياً، في حين تغلق حرية الشعوب بقرار أمني.
ولا يعني ذلك تقدم مشروع الشراكة الوطنية لإنسان الخليج العربي في دول المحور الآخر، لكن هناك فوارق في السلوك وفارق ضخم في المسؤولية، وبعد كل ذلك لا يجب أن يتبجح فريق التطرف بصراخ التدخل الإيراني والتركي، فهو من فتح بوابته وفتح بوابة الصهاينة الكبرى، على أهل الخليج العربي.بقلم: مهنا الحبيل
هو اليوم جزء من منظومة سياسية وسوق استثماري يَغرف منه العالم، أميركياً وإسرائيلياً أولاً وغربياً ثانياً، وإقليميا في اتجاه إيران وتركيا، ثم بقية السوق الآسيوي وأبرزه الصين، لا لشيء سوى تحقيق خطوات سبق في صراع الأزمة، أو لمجرد أثرها النفسي لما بعد اندلاعها، بمعنى أن بعض السياسيات تنطلق من مجرد، روح محتقنة بالقهر لفشلها فيما مر من مراحل الأزمة الخليجية.
الأمر الآخر أن منظومة الاستثمار الأميركي وصلت إلى أعلى مستويات الابتزاز للمنظومة الخليجية، وخاصة الدولة السعودية، وتلاعبت بالعقلية التي راهنت على حرب واهمة مع إيران، رغم أن كل الدلائل تقول إن حرباً شاملة بين واشنطن وطهران خارج إطار قواعد اللعبة الكبرى في الإقليم.
وأن الحرب الباردة لن تُسقط التوافق على مسارات مصالح بين القطبين غير أنها تفاعل مواسم يسخن ويهدأ، قبل بوادر اتفاق نووي جديد يتيح للرئيس ترامب مساحة اقتصادية أكبر مع طهران، يخرج بها منتصراً على اتفاق الرئيس السابق باراك أوباما، ويعزز بها حظوظه الانتخابية.
أما الضفة الأخرى لأهل الخليج العربي المحكومة بتطرف محور أبوظبي، فهي تواصل إمداد عناصر هذا الابتزاز، ويدفعهم الصراع الجديد في الأزمة الخليجية التي تستنزف قطعاً في قدرات الخليج العربي، وتنهي أي تصور للأمن القومي الذاتي، ثم تدفعه للبازار الأخير الذي يتسابق فيه المحور مع غيره من الأنظمة العربية، لاسترضاء المشروع الصهيوني المركزي.
إن هناك ارتداد عكسي مستمر عند كل سقوط خليجي يتجه أثره على تعزيز الانقسام والتشرذم العربي، وتمكين المشروع الصهيوني كمشروع كراهية ضد الإنسان العربي لا الفلسطيني وحسب، وكفكر ترويج متتال يسقط الأحقية التاريخية للشعب الفلسطيني والأمة في القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبقية الأرض المحتلة.
لا توجد اليوم حاجة للقول إن هنا مؤامرة، فالمشروع يطبق بإصرار وتتابع، وما كان يعتبر مؤامرة مظنونة هو واقع اليوم بحذافيره، أما البوابة الأخرى فإن الخشية لخسارة المحور، الذي قاد التطرف في الأزمة الخليجية، طوّر تحفزه في اتجاهين:
الأول: مشاريع الدعم للفوضى الهدامة في الوطن العربي، حيث يتم دعم أي مشروع انقضاض قمعي للآمال العربية وحركات النهضة، التي تسعى إلى إنشاء منظومة اجتماعية جديدة حرة في الوطن العربي بكل قُطر تخرج من احتلال المستبد الداخلي، وقهر القرار الغربي وهيمنته.
الثاني: حالة فوضى فكرية تسعى إلى هدم كل أرضية فكر عربية، تعي إشكاليات البناء الثقافي والأزمة الحضارية، وتسعى إلى فهم رسالي إسلامي جديد يزرع أيقونات النهضة للأجيال القادمة.
لقد ألقت دول المحور بكتلة شذوذ أخلاقية وفكرية واسعة في المفاهيم والعلاقات العربية - العربية والعربية - الإسلامية والعربية - الإنسانية، قدمت صورة مشوهة تسقط نموذج الإنسان في الخليج العربي، وتزرع بؤر توتر مع كل أصقاعه، وتحيي كل إشكاليات عنصرية بين شباب الخليج العربي أنفسهم، وبينهم والشباب العربي.
لا يمكن اليوم إلا أن نُذكّر الرأي العام الخليجي والعربي بأن هذا المشروع الذي نعايشه اليوم في أزمة الخليج، والذي قاده قرار أبوظبي والرياض وراء هذا السقوط، وهو تحميل مسؤولية سياسية وأخلاقية لفهم كيف وصل الوضع إلى الحضيض، وكيف باتت رياح الصهيونية مرحب بها عبر قلة مدفوعة سياسياً وأمنياً، في حين تغلق حرية الشعوب بقرار أمني.
ولا يعني ذلك تقدم مشروع الشراكة الوطنية لإنسان الخليج العربي في دول المحور الآخر، لكن هناك فوارق في السلوك وفارق ضخم في المسؤولية، وبعد كل ذلك لا يجب أن يتبجح فريق التطرف بصراخ التدخل الإيراني والتركي، فهو من فتح بوابته وفتح بوابة الصهاينة الكبرى، على أهل الخليج العربي.بقلم: مهنا الحبيل