أثنى سعادة الدكتور مصطفى كوكصو، سفير الجمهورية التركية لدى دولة قطر على دور الوساطة النشط الذي تقوم به دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكذلك الجهود المبذولة لتأمين وقف إطلاق النار، وتوفير مساعدات مالية وإنسانية كبيرة لمن هم في أمس الحاجة إليها في قطاع غزة.

وأكد أن تركيا تتابع عن كثب جهود دولة قطر للتوصل إلى وقف إطلاق النار والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة ونقدر جهود الوساطة الناجحة التي تبذلها، موضحا أن تركيا تعمل بشكل وثيق مع دول المنطقة، وخاصة دولة قطر، بشأن قضية غزة، كما هو الحال في جميع القضايا الإقليمية الأخرى.

جاء ذلك خلال إحاطة صحفية بمناسبة الذكرى الثامنة للمحاولة الانقلابية الفاشلة 15 يوليو عام 2016، حيث أشاد بالعلاقات التركية القطرية المتطورة وتضامن ودعم دولة قطر بعد أحداث 15 يوليو.

وقال السفير التركي: «لن ننسى أبدا تضامن أشقائنا في قطر مع وطننا؛ حيث كان صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أول زعيم اتصل بفخامة الرئيس أردوغان وأظهر الدعم، وكان معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من أول المسؤولين الذين زاروا تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة».

وتطرق الدكتور كوكصو إلى التطور الملحوظ في العلاقات بين البلدين قائلا إن الزيارة الرسمية الأخيرة للوفد التركي برئاسة نائب وزير الخارجية ياسين أكرم سريم خلال الفترة من 2-5 يوليو 2024 إلى الدوحة لمناقشة التعاون في مجال المساعدات الإنسانية في غزة ودول أخرى تعكس التزامنا الراسخ واستعدادنا للعمل مع إخواننا القطريين.

وأوضح أنه خلال الزيارة، بدأت تركيا وقطر التعاون لتبني «خطة الإنعاش المبكر» في غزة، بعد التجربة التركية في الاستجابة للأزمة الإنسانية في أعقاب الزلزال موضحا أن تركيا تتمتع بالقدرة والخبرة في الانشاءات والبنية التحتية الدائمة، وترغب في تقديمها في «خطة الإنعاش المبكر» في غزة ونهدف إلى تسخير هذه الإمكانات بالتعاون مع كافة الدول الصديقة، وخاصة قطر، لإعادة حياة إخواننا وأخواتنا في غزة إلى طبيعتها.

وأشار إلى أن تركيا تحتل المرتبة الأولى بنسبة 32 % من المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها إلى قطاع غزة بالرغم من الهجمات الإسرائيلية، وذلك من خلال إرسال حوالي 56 ألف طن من مواد المساعدات الإنسانية عبر 13 طائرة و12 سفينة كما تم نقل 3,000 شخص إلى تركيا بتنسيق من السلطات التركية، بما في ذلك المرضى والجرحى من سكان غزة لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.

وأكد أن تركيا ستواصل دورها كمدافع قوي عن العدالة والسلام في غزة حيث تؤمن تركيا بحل الدولتين، وتعتقد أن تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة يعتمد على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال: تعمل تركيا على تحقيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية على أمل أن يؤدي ذلك إلى حل دائم للصراع في غزة، كما تؤمن تركيا إيمانا راسخا بأن الحل الدائم للحرب في غزة لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحوار والدبلوماسية وتتعاون تركيا بنشاط مع الشركاء الإقليميين والعالميين لمعالجة القضايا الجوهرية للصراع.

وأكد أنه منذ 7 أكتوبر، وتحت قيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان، قام وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بدبلوماسية نشطة مكثفة منذ البداية، حيث عقد عدة اجتماعات مع نظرائه في مختلف الدول المعنية والمهتمة بالقضية الفلسطينية وعمل بجد للتوصل إلى حل دائم في غزة من خلال المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف (الأمم المتحدة، منظمة التعاون الإسلامي، مجموعة الثماني، جامعة الدول العربية).

وأكد ان الشعب التركي استطاع ان يحمي الديمقراطية في البلاد في 15 يوليو 2016 حيث تصدى للمحاولة الانقلابية، مشيرا إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، نجت تركيا من العديد من الأزمات العصيبة بعد تلك المحاولة مثل جائحة كوفيد-19، وأكبر زلزال كارثي في القرن الماضي الذي ضرب 11 مدينة في المنطقة الجنوبية من تركيا وأودت بحياة حوالي 60 ألف شخص، ونحن ممتنون لدولة قطر لتقديم المساعدة السخية لتركيا لتخفيف معاناة ضحايا الزلزال من خلال توفير الاحتياجات العاجلة.

وتابع إنه في السنوات الثماني التي تلت محاولة الانقلاب، حققت تركيا تقدما كبيرا في مختلف القطاعات ونتيجة لتعميق وتوسيع سياسات تركيا الشاملة، أصبحت تركيا خامس أكبر شبكة دبلوماسية على مستوى العالم مع 261 بعثة، 146 سفارة، 99 قنصلية عامة، 13 تمثيلا دائما، ومكاتب وممثليات أخرى.

وأوضح أنه على الرغم من التداعيات السلبية للمحاولة الانقلابية، وخروج مليارات الدولارات من البلاد، وتداعيات أزمة كورونا العالمية، والزلزال الكارثي، إلا أن الاقتصاد التركي يواصل نموه وتطوره بين أكبر 20 اقتصادا على مستوى العالم، موضحا أن إزالة تركيا من القائمة الرمادية من قبل فريق العمل المالي (FATF) تعد خطوة نحو تعزيز ثقة الأسواق الدولية في تركيا كما رفعت المؤسسات الدولية توقعاتها لمعدل النمو في تركيا خلال العام الجاري 2024.

وأضاف: حطمت صادراتنا الرقم القياسي لتصل إلى 260 مليار دولار في عام 2023، كما تشهد تركيا تزايدا للسياح من كافة أنحاء العالم، حيث كانت وستظل إحدى الوجهات المفضلة، وبلغ عدد السائحين في عام 2023 حوالي 57 مليون سائح.

وأكد حرص القيادة التركية على مواجهة الحالات الفردية التي تسعى إلى تشويه صورة البلاد وتهدف إلى الإضرار بعلاقات تركيا مع أشقائها العرب الذين تربطنا بهم روابط دينية وتاريخية ومصير مشترك.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، قال السفير التركي إن بلاده شرعت في العديد من المشاريع المهمة مثل نفق أوراسيا (Avrasya Tüneli) الذي يربط الجانبين الأوروبي والآسيوي لإسطنبول تحت مياه مضيق البوسفور، وجسر تشاناكالي 1915 (Çanakkale Köprüsü 1915) كأطول جسر معلق في العالم والاستثمار بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة (مبادرة الطاقة الخضراء)، إنشاء مجمعات تكنولوجية متعددة لدعم الشركات الناشئة.

وتابع إنه على مدى السنوات القليلة الماضية، خطت تركيا خطوات كبيرة في تعزيز قدراتها الدفاعية وترسيخ نفسها كلاعب رئيس في قطاع الدفاع العالمي من خلال شركات الدفاع التركية، كما أعطت تركيا الأولوية للاكتفاء الذاتي في مجال تكنولوجيا الدفاع من خلال تقليل الاعتماد على الأسلحة وأنظمة الدفاع الأجنبية من 80 % إلى 20 %.

وقال إن من أبرز الإنجازات هو تطوير الطائرات المسيّرة المحلية (Bayraktar TB2& Anka)، والمركبات المصفّحة (Kirpi, Ejder Yalçın) والدبابات (Altay)، والسفن الحربية البرمائية (TCG Anadolu)، ومشروع الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس (KAAN).، موضحا أن الطائرات المسيّرة المحلّية الصنع لم تثبت فعاليتها في مختلف العمليات العسكرية التركية فحسب، بل اجتذبت أيضا اهتماما دوليا، مما أدى إلى تصديرها إلى العديد من الدول.

وأوضح أن قطاع السيارات في تركيا يشهد تحولا كبيرا حيث يمثل طرح أول سيارة كهربائية منتجة محليا، TOGG، حقبة جديدة في صناعة السيارات لدينا، وفى قطاع التكنولوجيا، حققت تركيا تقدما مثيرا للإعجاب، خاصة مع إطلاق القمرين الصناعيين Türksat 5A وTürksat 5B في عام 2021، مؤكدا استمرار هذه المشاريع للمساهمة بشكل كبير في الاستقلال الاقتصادي لتركيا، وزيادة القدرة الإنتاجية المحلية والوطنية.

وأكد السفير التركي أن خططت منظمة فيتو الإرهابية (FETÖ) هي من خططت هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا وهو ما أثبتته جميع الأدلة الملموسة، بما في ذلك اعترافات المتآمرين، أن محاولة الانقلاب تم التخطيط لها وتنفيذها من قبل متآمري منظمة فيتو الإرهابية (FETÖ) الذين تسللوا إلى الدولة.

وقال: «إن فتح الله غولن، الذي لا يزال مقيما في الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاما في المنفى الاختياري، هو زعيم هذه المنظمة السرية والإجرامية والإرهابية التي لم يسبق لها مثيل من حيث انتشارها العالمي وطموحاتها وأساليبها».

وأوضح أن منظمة فيتو الإرهابية (FETÖ)، هي منظمة إرهابية وإجرامية، استهدفت الشعب التركي والمؤسسات الديمقراطية والحكومة المنتخبة ديمقراطيا وكذلك النظام الدستوري في تركيا، كما انها منظمة تجسس تعمل بمكر تحت ستار الدوافع الدينية، وتم تأسيسها في أواخر الستينيات من القرن الماضي بمسمى «الحركة الدينية التعليمية» تحت ستار التعليم وتعزيز الحوار بين الأديان، وتمكنت من إخفاء نواياها الخبيثة من خلال تصوير نفسها على أنها «تمثل الإسلام الحديث» والاختباء وراء مفاهيم مثل حوار الأديان.

وأضاف السفير التركي قائلا: «استغلّ الأفراد المنتمون إلى منظمة فيتو الإرهابية FETÖ أسوأ استغلال للقيم الوطنية والروحية الأكثر قدسية من خلال هويات متنوعة في المجتمع الذي يعيشون فيه من أجل تغطية نواياهم السيئة في بلدان مختلفة، وقام التنظيم بتجنيد افراده من خلال عملية تلاعب معقدة في المؤسسات التعليمية، حيث يقوم باختيار الطلاب الشباب الواعدين وتلقينهم أيديولوجيته تحت ستار تقديم الدعم التعليمي والديني».

وأوضح إن التسلل الممنهج والمخطط له جيدا على أوسع نطاق من قبل أعضاء منظمة فيتو الإرهابية FETÖ المندسّين في الجيش وجهات إنفاذ القانون والقضاء والعديد من المؤسسات الحكومية تم سرًا لعقود من الزمن وفقا لخطة شاملة تم تنفيذها في 15 يوليو 2016.

وأضاف قائلا: «من المؤسف أن العديد من الأفراد الذين فقدوا إرادتهم وعقولهم أمام منظمة فيتو الإرهابية FETÖ مازالوا غير قادرين على قبول هذه الحقيقة البسيطة.

كما إن هذا الهيكل التنظيمي المظلم وعناصره المتلاعبة والانتهازية والفاسدة، الذين يستخدمون جميع القيم العالمية لأغراضهم الشخصية، يشكلون خطرا على جميع المجتمعات».. وأكد السفير الدكتور مصطفى كوكصو أن بلاده تعمل بشكل فعال على مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره لعقود من الزمن بدءا من منظمة فيتو الإرهابية FETÖ إلى PKK /‏ YPG /‏ SDF، ومن جبهة تحرير الشعب الثوري اليسارية DHKP-C إلى الجماعات الإرهابية ذات الدوافع الدينية مثل داعش DAESH.