+ A
A -
جريدة الوطن

انطلقت بالدوحة أمس فعاليات «منتدى الحوار الإقليمي حول حقوق الإنسان: المساواة ومناهضة التمييز، بما في ذلك في سياق الهجرة» والذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان – مقرها الدوحة - ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وبمشاركة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال الفترة من 15 إلى 16 يوليو الجاري.

ويسعى المنتدى إلى تحقيق عدة أهداف وهي توعية المشاركين بالمواثيق والآليات الدولية لحقوق الإنسان لمعالجة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب، وما يتصل بذلك من تعصب، ولفت انتباه المشاركين عن دور الدولة وأصحاب المصلحة الآخرين في التصدي للعنصرية والتمييز من خلال تطوير القوانين والسياسات والاستراتيجيات، وفي اتخاذ التدابير والإجراءات ضد هذه الأشكال من التمييز؛ وتعريف المشاركين على الأدوات لتقوية قدراتهم على تعزيز وحماية حقوق الإنسان لضحايا العنصرية والتمييز، في قضايا تتعلق بالمساواة وظروف العمل والعيش اللائقة في سياق الهجرة؛ ومشاركة الممارسات الجيدة والتحديات والمعرفة حول الإجراءات والسياسات لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري في الدول المعنية بالمنطقة.

وخلال كلمتها بالمنتدى أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على أهمية موضوع المنتدى، والذي يعتبر إحدى أولويات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تشهد تحولات مهمة في التعامل مع موضوع المساواة وعدم التمييز، فضلاً عن الاهتمام المتزايد بحقوق العمالة الوافدة.

وقالت العطية: «اننا نرحب بجميع التدابير المتخذة من قبل الدول الشقيقة، مثلما رحبنا بالتطورات ذات الصلة بتحقيق المساواة والقضاء على التمييز التي اتخذتها دولة قطر، بما في ذلك الإصلاحات التشريعية التي تضمن وتحمي حقوق العمالة الوافدة، تأسيساً على دستور الدولة الدائم الذي ينص على المساواة كواحدة من مقومات المجتمع القطري ودعاماته الأساسية، ووفاء لالتزاماتنا الدولية الواردة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وغيرها من المعاهدات ذات الصلة».

وأشارت إلى أن رؤية قطر الوطنية 2030 قد أسهمت في تعزيز هذا التوجه. وأن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ستواصل العمل مع جميع شركائها الوطنيين والاقليميين والدوليين لتحقيق المزيد من التقدم.

وأضافت رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قائلة: «سيتيح المنتدى فرصة جيدة لتبادل التجارب والممارسات الفضلى والتحديات التي تواجه موضوعه، ونأمل ان تُسهم توصياته في رسم خريطة طريق للعبور إلى المستقبل».

وتطلعت العطية إلى مواصلة العمل المشترك من أجل تعزيز حقوق الإنسان، وللمضي قدماً في تطوير معايير المساواة وعدم التمييز إقليمياً ودولياً، ودعت المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في المنطقة إلى مواصلة جهودها من أجل إحراز المزيد من التقدم، بما في ذلك تكثيف برامج التوعية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان بصفةٍ عامة وفي مجال المساواة وعدم التمييز بصفةٍ خاصة، متمنية أن يتواصل التفاعل والتعاون مع المؤسسات والآليات الإقليمية والدولية.

وخلال كلمة له في المنتدى أوضح سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أن الشبكة عملت خلال الأعوام الثلاثة عشرة المنصرمة، على تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وذلك من خلال مئات الفعاليات التوعوية والتثقيفية والتنسيقية والتدريبية، بما شملته من مؤتمرات ومنتديات وحوارات وورش ودورات وفرق عمل وأدلة وجهود، كان من شأنها بناء وصقل المهارات في شتى مجالات حقوق الإنسان وفق الولاية الواسعة للمؤسسات الوطنية في هذا المجال، ناهيكم عن دمج واستهداف فئات من خارج المؤسسات الوطنية وذلك من المؤسسات الحكومية والبرلمانات والقضاء ومنظمات المجتمع المدني وفق طبيعة النشاط وموضوعه وكذلك من النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وقال الجمالي: «هذه الأنشطة التي تناولت عددا من المواضيع التي ترتبط بشكل مباشر بموضوع منتدانا اليوم، ومنها تحديات الأمن وحقوق الإنسان ومناهضة خطاب الكراهية والتطرف، ومدونات سلوك الموظفون العموميون ورجال الأمن، وتعزيز الفضاء المدني وحرية الرأي والتعبير، والتربية على حقوق الإنسان ومناهضة التمييز ضد المرأة والفئات المهمشة والضعيفة، ومستقبل التعليم. بما تتضمنه هذه المواضيع من تناول لموضوع التمييز وكيفية الحد منه ومناهضته وصولاً للتخلص منه بخلق جيل متشبع بمفاهيم وثقافة حقوق الإنسان مؤمن بالإنسانية كما حض عليها ديننا الحنيف، مؤمن بالعدالة والمساواة وسيادة القانون، جيل بهذه الصفات يقود المرحلة القادمة نحو مستقبل يتطابق فيه القول والفعل لصون الكرامة الإنسانية التي هي غاية في نفسها».

وأشار الجمالي إلى أن الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تضم 17 مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان منشأة وفق مبادئ باريس لعام 93، وذلك في 17 بلد عربي، منها المؤسسات الوطنية المشاركة في هذا المنتدى، وهي الديوان الوطني لحقوق الإنسان في دولة الكويت واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، هذه الشبكة التي أسست في نواكشوط في أبريل 2011 والتي يترأسها لهذه الدورة المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وستنتقل الرئاسة هذا العام بشهر أكتوبر للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، ووفق نظامها الأساسي تستضيف الدوحة مقر أمانتها العامة.

وأضاف أن لدى الشبكة خطة استراتيجية تتضمن أهدافاً وأنشطة تلاقت بشراكات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية ولجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان ومنظمة اليونسكو وغيرهم من أصحاب المصلحة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.

وأشاد الجمالي بحسن تواصل وتعاون الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، متأملاً انضمامهم قريباً لعضوية الشبكة العربية، ومتمنياً لهما دوام التقدم والنجاح ومرحباً بانضمامهم للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان للمشاركة في المنتدى.

وفي كلمة افتتاحية للسيد مازن شقّورة للممثّل الإقليمي للمفوضية السامية قال إنه بمناسبة الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان السنة الماضية، قامت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتجديد التزامات الدول وإعادة التأكيد على قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتبارها السبيل الوحيد لمعالجة تحديات الحاضر والمستقبل. المادة 2 من الإعلان التي تنص على أن «لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دون تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً وغير سياسي، أو الاصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر، لذلك، تُعتبر مكافحة التمييز والعنصرية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق مجتمع عادل ومتساوي، حيث يمكن لجميع الأفراد التمتّع بحقوقهم دون تمييز أو تحيّز.

وأضاف شقورة قائلاً: «يسعدني أن ألاحظ التقدّم الملحوظ الذي حقّقته دول مجلس التعاون الخليجي في مجال حقوق الإنسان، وقد صادَقَت دول مجلس التعاون الخليجي جميعها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وحققت تقدُّمًا كبيراً في تنفيذها، كما نرى اليوم تطوّراً في السياسات والممارسات التي تهدف إلى حماية حقوق جميع الأفراد، بما في ذلك المهاجرين والمهاجرات، في المنطقة. قد أنشأت عدة دول من مجلس التعاون الخليجي أُطُر قانونية شاملة لمنع التمييز على أساس الأصل العرقي أو الجنسية، وتقوم بإجراء إصلاحات كبيرة في هذا الصدد».

وقال الممثّل الإقليمي للمفوضية السامية: «لقد لاحظنا أيضاً زيادة في التفاعل من دول مجلس التعاون الخليجي مع آليات حقوق الإنسان. هذا تطوّر إيجابي ويفتح الباب للمزيد من التعاون سوياً في مجال بناء القدرات وزيادة الوعي بأهمية حماية حقوق الإنسان لجميع الأفراد، كما إن هذه الجهود لا تسهم في تعزيز حقوق الإنسان فحسب، بل تساعد أيضاً على بناء مجتمعات أكثر تماسكاً وعدالة».

وأوضح شقورة أن تنظيم هذا المنتدى لمناقشة التمييز العنصري بشكل عام، والمعايير الدولية لمكافحة العنصرية، الأطر القانونية للهجرة في المنطقة، والتجارب الايجابية والممارسات الجيّدة للدول ومؤسسات حقوق الإنسان فيما يخص مكافحة التمييز العنصري.

قد جاء من منطلق الولاية المكلفة بها المفوضية السامية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وتنظيم المناقشات وتقديم الدعم التقني للدول وبناء القدرات اللازمة لحماية حقوق الإنسان.

ووجه شقورة الدعوة إلى جميع الجهات المعنية لمواصلة التعاون والعمل المشترك لتعزيز حقوق الإنسان في المنطقة. معاً،

قائلاً: «يمكننا تحقيق المزيد من التقدّم والنجاح في حماية حقوق الإنسان ومكافحة التمييز بجميع أشكاله. نحن على ثقة بأن جهودنا المشتركة ستؤدّي إلى تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة لصالح جميع الأفراد في دول مجلس التعاون الخليجي».

وناقشت الجلية الأولى في اليوم الأول للمنتدى المعايير الدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.

بمشاركة السيد معن سلمان، مستشار مكافحة التمييز العنصري - المكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والسيدة ليانا ملكونيان، موظفة معاونة لحقوق الإنسان -المكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

وحملت الجلسة الثانية عنوان مقدمة عامة عن الآليات الرئيسية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وشارك فيها السيدة إشراق بن الزين - نائبة رئيسة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق، بينما تناولت الجلسة الثالثة والأخيرة في اليوم الأول الأطر القانونية للهجرة في منطقة مجلس التعاون الخليجي وظروف العمل والعيش اللائقة للعمال المهاجرين، وتحدثت فيها السيدة ماري جوري الطياح، أخصائية تقنية للحوار الاجتماعي - منظمة العمل الدولية.

ومن المنتظر أن يشهد المنتدى في يومه الثاني اليوم جلسات عمل تتناول موضوعات متنوعة وهي الاندماج الاجتماعي والممارسات الجيدة، الرياضة والعنصرية، إلى جانب عرض أفضل الممارسات وتجارب الحكومات في معالجة العنصرية والتمييز العنصري، عرض تجارب الدول (قطر، الإمارات، الكويت، السعودية، عُمان، البحرين).

ويتطلع المشاركون في المنتدى إلى زيادة الوعي والفهم للإطار والآليات الدولية لحقوق الإنسان لتعزيز المساواة وعدم التمييز ومعالجة العنصرية والتمييز العنصري في دول مجلس التعاون الخليجي، مع التركيز على حقوق المهاجرين، فضلاً عن زيادة المعرفة بالتحديات والممارسات في معالجة العنصرية والتمييز وتعزيز حقوق المهاجرين في دول مجلس التعاون الخليجي.

copy short url   نسخ
16/07/2024
0