واصل باحثو جامعة قطر تحقيق تقدم في مجال أبحاث القلب والأوعية الدموية من خلال تصميم وتطوير مَضخَّة قابلة للبرمجة لمحاكاة تدفق الدم في الجهاز الدوري الدموي تحمل اسم «QU-Vitro». تم تصميم هذا الجهاز المبتكر لمحاكاة تدفق الدم في نظام الجهاز الدوري الدموي بدقة، مما يعزز بشكل كبير التجارب المختبرية على خلايا القلب المستنبتة لدراسة هذه الخلايا في الحالات الصحية والمرضية.

يرأس الدكتور حسين يالسين، أستاذ باحث مشارك في مركز البحوث الحيوية الطبية بجامعة قطر، فريقاً متعدد التخصصات يضم خبراء من مختلف الأقسام. يتضمن الدكتور محمد شودري، أستاذ مساعد من قسم الهندسة الكهربائية، والدكتور عبد الله خالد العلي، أستاذ مشارك من قسم هندسة علوم الحاسب، والأستاذ الدكتور عبد العالي عقوني، أستاذ في العلوم الصيدلانية من كلية الصيدلة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم مساعدو البحث ساجد إسلام، أنور مطلو، نعمان مظهر، ومحمد زُهيب في هذا المشروع الرائد.

يلعب الجهاز الدوري الدموي من القلب والأوعية الدموية والدم دوراً حيوياً في توزيع العناصر الغذائية والأكسجين في جميع أنحاء الجسم وإزالة المخلفات وثاني أكسيد الكربون من الأنسجة. يعمل القلب كمضخة دافعة، بينما تقوم الأوعية الدموية بعمل شبكة التوزيع. تتكون الأوعية الدموية من ثلاث طبقات، وتبطِّنها من الداخل طبقة تعرف بالغلاف المُبطِّن وهي طبقة وحيدة من الخلايا، وتتعرض هذه الخلايا باستمرار لقوى ميكانيكية من الدم المتدفق، والمعروفة باسم ديناميكا الدم (حركة تدفق الدم). تعتبر هذه القوة الميكانيكية ذات أهمية بالغة للحفاظ على صحة الجهاز الدوري الدموي عن طريق إرسال الإشارات الحيوية.

من خلال محاكاة الظروف الفسيولوجية، توفر الأنظمة المخبرية التي تسمح بنمو الخلايا خارج الجسم وسائل قيمة لدراسة نشوء وتطور الأمراض القلبية الوعائية، كما أنها ضرورية لاختبار استجابات الخلايا للعلاجات الدوائية ولتطبيقات هندسة الأنسجة، حيث تكون الإشارات الميكانيكية من تدفق السوائل ضرورية لنمو الأنسجة القلبية، الطبيعة النابضة المعقدة لتدفق الدم تجعل من الصعب تكرار هذه الظروف في المختبر، مما يتطلب تحكماً دقيقاً في المعايير مثل إجهاد القص وسرعة التدفق.

الأنظمة الحالية المستخدمة لتوليد تدفق السوائل المستمر في المختبر، مثل المّضخَّات التَمعُّجيَّة، والمَضخَّات ذات المكبس، والمَضخَّات الهوائية، ومَضخَّات الحقن لتوليد تدفُق مستمر للسوائل على الخلايا التي تمت زراعتها، تعاني من قيود ملحوظة. ولا يقوم أي من الأنظمة التجارية المتوفرة حاليًا بتكرار أنظمة التدفق المُعقدة بشكلٍ كامل على مدى فترات طويلة مع الحفاظ على بيئة معقمة. على سبيل المثال، مَضخَّات الحقن غير مناسبة للتطبيقات المستمرة بسبب حجم السائل المحدود، في حين أن المّضخَّات التَمعُّجيَّة، رغم قدرتها على التدفق المستمر، تجد صعوبة في التحكم في ملف التدفق بدقة. المضخات الهوائية، على الرغم من كونها أكثر تقدماً، إلا أنها ضخمة وصعبة التشغيل، وغالباً ما تنتج ملفات تدفق غير متسقة بسبب قابلية انضغاط الهواء.

وقام الدكتور يالسين، بخلفيته في الهندسة الميكانيكية، بتصور حل جديد لتجاوز هذه التحديات، اقترح دمج مبادئ توليد التدفق المختلفة من الأنظمة الحالية لإنشاء مضخة مدمجة وقابلة للبرمجة وقادرة على تدفق السوائل المستمر. جهاز «QU-Vitro»، وهو جهاز مبتكر، يحاكي بدقة تدفق الدم الفسيولوجي في التجارب المخبرية لدعم أبحاث القلب والأوعية الدموية. وقد نجح فريق المشروع في تأمين منحة لتمويل تطوير «QU-Vitro»، وحصل على مراجعات إيجابية لإمكانية تأثيره على المجال. تهدف المضخة، التي أطلق عليها الفريق اسم «QU-Vitro» تحت عنوان المشروع «مَضخَّة محاكاة تدفُّق القلب والأوعية الدموية الفسيولوجية القابلة للبرمجة لتجارب الترويَّة الدموية في المختبر.» إلى توفير نظام محاكاة لتدفق القلب والأوعية الدموية الفسيولوجية للتجارب المخبرية. على الرغم من أن التفاصيل المحددة حول «QU-Vitro» سرية حالياً لحماية الاختراع، إلا أن المشروع يتقدم ومن المتوقع الانتهاء منه بحلول نهاية عام 2024. ومن المتوقع أن يحدث «QU-Vitro» ثورة في أبحاث القلب والأوعية الدموية عند اكتماله، من خلال توفير أداة أكثر دقة وعملية لدراسة الخلايا القلبية ستساعد في البحث في نشوء وتطور أمراض القلب والأوعية الدموية.

من ناحيته أعرب الدكتور يالسين، باحث الرئيسي للمشروع في مركز البحوث الحيوية الطبية بجامعة قطر، عن حماسه للمشروع قائلاً: «لقد أنتجت قطر أحدث العلوم والاختراعات في العديد من المجالات، ومن خلال هذا المشروع، نهدف إلى تطوير نظامٍ جديد ومُدمج وعملي مفيد لمختبرات أبحاث القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم».

وأشارت الأستاذة الدكتورة أسماء آل ثاني، نائب رئيس الجامعة للعلوم الطبية والصحية، ومديرة مركز البحوث الطبية الحيوية بجامعة قطر، إلى أهمية هذا المشروع للبحوث متعددة التخصصات. وقالت: «يُعد مركز البحوث الحيوية الطبية مركزًا رائدًا في الدولة يقوم بتنفيذ العديد من المشاريع المُهمة في المجالات الطبية والهندسية. ويعد هذا الاختراع الجديد مثالاً جيدًا للأبحاث متعددة التخصُّصات التي تجمع بين الهندسة والطب لتحسين صحة الإنسان محليًا وعالميًا، مما يتماشى جيدًا مع مهمتنا، كما يدعم هذا المشروع جهودنا لتعزيز الهندسة الطبية الحيوية في جامعتنا».