لا يوجد أفقٌ واقعيٌ قريب للحل لأزمة اليمن اليوم، وحجم التدخل المتوحش الذي مارسه الطرفان الداعمان للحرب، سواءً في إيران أو في تحالف أبوظبي والرياض، أنهك الجسم الاجتماعي والسياسي لليمن الجمهوري، ولليمن المقسم معاً، وقد يُرفض هذا الرأي مسبقاً بحكم أن اليمن الجنوبي يعيش أوضاعاً مستقرة أفضل من شقيقه الشمالي، بمنطق الوحدة أو بمنطق الانفصال، وسنرد على ذلك لاحقاً.
إن جريمة طرفي الحرب اليوم لا تُلغي دور شركائهم اليمنيين، سواء في واجهة الحكم الانقلابي أو في واجهة الشرعية، أو في الطبقة الثقافية المرتزقة على جانبي الصراع، والذي يتألم المرء اليوم، وهو يشاهد عشرات الآلاف من شباب اليمن، فضلاً عن الملايين الصامتة، كيف تؤذى مشاعر أجسادهم المنهكة، وكيف يتيه بهم الرأي ويقتلهم اليأس، في ظل هذه الحرب المتعفنة في الدماء وفي الخطاب الاجتماعي، بين مرتزقة إيران ومرتزقة النظامين.
وقد قدم اليمن حشوداً كبيرة من شبابه في تاريخ كفاحه، لأجل حلم الاستقلال والنهضة، وروح البردّوني تهتف فوق سواري الفقراء لتؤذّن في العالمين أن اليمن يجوع ويُحاصر، لكنه لا يسقط في شرف الكفاح وأمل النصر الكبير، والله يعلم كم تقسو عليَّ مشاعري وأنا أرقب شبابنا اليمني تحت قهر هذه الكمّاشة الخبيثة.
وبروز ظاهرة (الأقيال) لجذور اجتماعية لليمن القديم، وهي نزعة عنصرية، هناك من يغذّيها من خارج اليمن لصالح مشروعه، أمرٌ متوقع كردة فعل، فالطائفية السياسية اليوم باسم الهاشمية الجديدة، هي نموذج مستنسخ للحكم الإمامي المتخلف، غير أنه اليوم بحضن إيراني له مصالح واسعة، إذا نشب في جسم وطن لا يخرج منه إلا بعد أن يتركه خراباً.
وهو هنا المبرر الذي جعلني اعتبرت سابقاً أن الحرب حين يخوضها الشعب اليمني، ولو بدعم من إطار مصلحي إقليمي عربي مثله النظام السعودي، أن ذلك فرصة لاستعادة سريعة لاستقلال اليمن، الذي تسببت الرياض نفسها في مأزقه، وكانت المقالات تؤكد بأن تترك الحرب للشرعية، وتُنبذ اللغة الطائفية الحقيرة المفروضة على أتباع الإمام زيد والامام الشافعي، وأن تظل الجسور الاجتماعية ممتدة مع قبائل اليمن، وفقاً لتقدم عسكري مضطرد يؤمّن المناطق لتعود للجمهورية، بجسور سلام ممكنة.
وكانت هذه الفرصة في ظني قائمة بل ممكنة التحقيق، في فترة زمنية عسكرية قصيرة، فما الذي حصل؟
لقد نفّذت أبوظبي خطتها وأقنعت الرياض بذلك وأن هناك فرصة لجعل اليمن مشروع استثمار جيوسياسي، لا بد أن تسقط فيه قوى الدولة من الداخل، لتعيد أبوظبي خريطة المجتمع السياسي، وكانت أعينها مركزة على الجنوب، وبالطبع هذه الحماقة السعودية لم تكن كلها جهلاً، لكن تأمين تولي الحكم لولي العهد وما تطلبته المعركة الداخلية، كان العنصر المحفّز، فحفرت السعودية خنادق هزيمتها بيدها.
وحتى بعد تولي ولي العهد، ظلت مركزية قرارات الحرب بيد أبوظبي، وفاقم الأمر ورطة الرياض في دماء الشهيد جمال خاشقجي، فاستمر التعويل على توجيهات أبوظبي الكارثية داخلياً وخارجياً.
واليوم في ظل إعادة انتشار قوات أبوظبي واستكمال بنيتها العسكرية للجنوب بقيادة التنظيم الجامي الوهابي، ولك أن تتصور كيف تكون عدن، ورسالة الإيمان التي حملها الحضارم، تحت منظومة حكم لنموذج جديد من السلفية الجهادية، لا شيء يتغير سوى صورة الإنتاج الجديد، الذي تلاعب به النفط الخليجي، من أفغانستان إلى الصومال، وصولاً لمقبرة الهولوكوست الكبرى في سوريا، تعددت الأطراف واللعبة واحدة.
وهنا نسأل كيف لأهلنا في اليمن الجنوبي أن يستقروا، ولا يوجد هناك أفقٌ واقعي للاعتراف الدولي، وإنما فصل جغرافي وهمي متروك لحراك الحرب الأهلية في الشمال، وهي الحرب التي يُراهن عليها الحلفاء، لكن لا يُضمن أبداً أن تقف في الشمال بل العكس، ومن سيقود المجتمع الجنوبي؟ فالميلشيا الجامية لا يمكن أن تكون بديلاً للدولة، فنفس حسابات حرب الشمال ستتحول إلى مسطرة تحرق ما تبقى من الجنوب.بقلم: مهنا الحبيل
إن جريمة طرفي الحرب اليوم لا تُلغي دور شركائهم اليمنيين، سواء في واجهة الحكم الانقلابي أو في واجهة الشرعية، أو في الطبقة الثقافية المرتزقة على جانبي الصراع، والذي يتألم المرء اليوم، وهو يشاهد عشرات الآلاف من شباب اليمن، فضلاً عن الملايين الصامتة، كيف تؤذى مشاعر أجسادهم المنهكة، وكيف يتيه بهم الرأي ويقتلهم اليأس، في ظل هذه الحرب المتعفنة في الدماء وفي الخطاب الاجتماعي، بين مرتزقة إيران ومرتزقة النظامين.
وقد قدم اليمن حشوداً كبيرة من شبابه في تاريخ كفاحه، لأجل حلم الاستقلال والنهضة، وروح البردّوني تهتف فوق سواري الفقراء لتؤذّن في العالمين أن اليمن يجوع ويُحاصر، لكنه لا يسقط في شرف الكفاح وأمل النصر الكبير، والله يعلم كم تقسو عليَّ مشاعري وأنا أرقب شبابنا اليمني تحت قهر هذه الكمّاشة الخبيثة.
وبروز ظاهرة (الأقيال) لجذور اجتماعية لليمن القديم، وهي نزعة عنصرية، هناك من يغذّيها من خارج اليمن لصالح مشروعه، أمرٌ متوقع كردة فعل، فالطائفية السياسية اليوم باسم الهاشمية الجديدة، هي نموذج مستنسخ للحكم الإمامي المتخلف، غير أنه اليوم بحضن إيراني له مصالح واسعة، إذا نشب في جسم وطن لا يخرج منه إلا بعد أن يتركه خراباً.
وهو هنا المبرر الذي جعلني اعتبرت سابقاً أن الحرب حين يخوضها الشعب اليمني، ولو بدعم من إطار مصلحي إقليمي عربي مثله النظام السعودي، أن ذلك فرصة لاستعادة سريعة لاستقلال اليمن، الذي تسببت الرياض نفسها في مأزقه، وكانت المقالات تؤكد بأن تترك الحرب للشرعية، وتُنبذ اللغة الطائفية الحقيرة المفروضة على أتباع الإمام زيد والامام الشافعي، وأن تظل الجسور الاجتماعية ممتدة مع قبائل اليمن، وفقاً لتقدم عسكري مضطرد يؤمّن المناطق لتعود للجمهورية، بجسور سلام ممكنة.
وكانت هذه الفرصة في ظني قائمة بل ممكنة التحقيق، في فترة زمنية عسكرية قصيرة، فما الذي حصل؟
لقد نفّذت أبوظبي خطتها وأقنعت الرياض بذلك وأن هناك فرصة لجعل اليمن مشروع استثمار جيوسياسي، لا بد أن تسقط فيه قوى الدولة من الداخل، لتعيد أبوظبي خريطة المجتمع السياسي، وكانت أعينها مركزة على الجنوب، وبالطبع هذه الحماقة السعودية لم تكن كلها جهلاً، لكن تأمين تولي الحكم لولي العهد وما تطلبته المعركة الداخلية، كان العنصر المحفّز، فحفرت السعودية خنادق هزيمتها بيدها.
وحتى بعد تولي ولي العهد، ظلت مركزية قرارات الحرب بيد أبوظبي، وفاقم الأمر ورطة الرياض في دماء الشهيد جمال خاشقجي، فاستمر التعويل على توجيهات أبوظبي الكارثية داخلياً وخارجياً.
واليوم في ظل إعادة انتشار قوات أبوظبي واستكمال بنيتها العسكرية للجنوب بقيادة التنظيم الجامي الوهابي، ولك أن تتصور كيف تكون عدن، ورسالة الإيمان التي حملها الحضارم، تحت منظومة حكم لنموذج جديد من السلفية الجهادية، لا شيء يتغير سوى صورة الإنتاج الجديد، الذي تلاعب به النفط الخليجي، من أفغانستان إلى الصومال، وصولاً لمقبرة الهولوكوست الكبرى في سوريا، تعددت الأطراف واللعبة واحدة.
وهنا نسأل كيف لأهلنا في اليمن الجنوبي أن يستقروا، ولا يوجد هناك أفقٌ واقعي للاعتراف الدولي، وإنما فصل جغرافي وهمي متروك لحراك الحرب الأهلية في الشمال، وهي الحرب التي يُراهن عليها الحلفاء، لكن لا يُضمن أبداً أن تقف في الشمال بل العكس، ومن سيقود المجتمع الجنوبي؟ فالميلشيا الجامية لا يمكن أن تكون بديلاً للدولة، فنفس حسابات حرب الشمال ستتحول إلى مسطرة تحرق ما تبقى من الجنوب.بقلم: مهنا الحبيل