شهد المؤتمر العالمي لأخلاقيات الطب الحيوي السابع عشر مشاركة متميزة لفتت الأنظار لوفد جامعة جورجتاون في قطر ضمن فعاليات ونقاشات المؤتمر الذي أقيم مؤخرًا في الدوحة خلال الفترة من 3 إلى 6 يونيو، وهذه هي أول مرة يقام فيها المؤتمر في دولة عربية. المؤتمر الذي تنظمه الجمعية الدولية للأخلاقيات الطبية والحيوية كل عامين هو أكبر تجمع لخبراء أخلاقيات الطب الحيوي في جميع أنحاء العالم، ويوفر منصة فريدة للحوار حول الدين والثقافة والأخلاق في مجال الرعاية الصحية.

وضم وفد الجامعة في المؤتمر كلا من الأستاذ المشارك الدكتور أيمن شبانة، والطالبات فاطمة العمادي (دفعة 2026)، ورافال ساروت (دفعة 2025) ومايا صقر (دفعة 2025) الذين شاركوا في جلسة نقاشية حول الخصائص والسمات الدقيقة والشائكة لتدريس وتعلم أخلاقيات علوم الصحة والحياة بما تتطلبه من مهارات تعليمية استثنائية لكونها محفوفة بالمعضلات الأخلاقية المعقدة.

وعلّق الدكتور شبانة قائلًا: «عبّرنا عن وجهة نظرنا المستمدة من المقرر الدراسي حول الإسلام وأخلاقيات علم الطب الذي أدرّسه في الجامعة منذ عام 2015. وكان لافتاً أن نتابع هذه النقاشات بصوت شباب اليوم الذين أعادوا صياغتها، وأن نتلمّس صداها وتأثيرها على هذا الحضور العالمي».

أبرزت الطالبات أهمية تناول أخلاقيات علوم الصحة والحياة من عدة زوايا. وحظيت محاضرة فاطمة العمادي حول اختبار تشخيص الأجنة قبل نقلها للرحم (PGT) بالكثير من الاهتمام لكونها تركز على تقنية تستخدم في فحص الأجنة للكشف عن المشكلات الوراثية المحتملة. وتقول فاطمة العمادي: «الأخلاقيات الطبية في الشريعة الإسلامية لها دور محوري في إرشادنا وتوجيهنا في القضايا المعاصرة مثل نقل الأعضاء والهندسة الوراثية».

أما رافال ساروت فقد سلطت الضوء على أوجه التكامل بين أخلاقيات الطب الإسلامية والمنظور النفسي للصحة النفسية، مشيرة إلى «ضرورة دمج المبادئ الإسلامية في صنع القرار، خاصة البيئات ذات الثقافات المتعددة». أما مايا صقر فتطرقت إلى موضوع التبرع بالأعضاء من منظور الشريعة الإسلامية، وهو ما أثار نقاشاً ثرياً مع الجمهور. وعن أهمية البيئة المحيطة التي تشجع على التعلّم، قالت صقر: «تكتسب نقاشاتنا ثراء وزخمًا كبيرًا بفضل التنوع الثقافي والديني لزملائنا».

وأكدت النقاشات التي شهدها المؤتمر العالمي لأخلاقيات الطب الحيوي على ضرورة الحوار بين التخصصات المختلفة لتعزيز المعايير الأخلاقية العالمية. وعلق الدكتور شبانة على ذلك بالقول: «هذا النوع من الحوار بين الثقافات يساعد في التوصل إلى حوكمة فعّالة لأخلاقيات الطب الحيوي. فقد أتاح هذا المؤتمر الفرصة للباحثين لإعادة التواصل، خاصة بعد العزلة التي تسببت بها جائحة كوفيد- 19».وكان د.شبانة شارك أيضاً في جلسة حوارية بحثت حول مدى ضرورة أن يكون علماء الأخلاقيات الطبية الإسلامية من فقهاء الشريعة الإسلامية.

ويتوقع أن تؤثر الأفكار المستفادة من هذا المؤتمر على التوجهات الأكاديمية والمهنية المستقبلية لطالبات جورجتاون في قطر اللاتي شاركن في المؤتمر، وهو ما يؤكده الدكتور شبانة في التركيز على الأثر الدائم الذي تسفر عنه هذه الخبرات قائلاً: «إشراك الطلاب في مناقشة أخلاقيات الطب الحيوي عبر مثل هذه الفعاليات العالمية يعمّق من فهمهم لهذه القضايا ويمكّنهم من الإسهام المؤثر مؤثر في هذا المجال». كان حضور المؤتمر للطالبات الثلاث نقطة تحول ثرية في خبراتهن. تقول رافال: «لا شك أن هذه المشاركة سيكون لها تأثير كبير في رسم ملامح مستقبلي المهني في المحاماة وصنع السياسات». جدير بالذكر أن الدكتور أيمن شبانة لديه خبرة واسعة في التاريخ الشرعي والفكري الإسلامي وأخلاقيات علم الأحياء، ويدير مشروع الأخلاقيات الحيوية الإسلامية الذي يحظى بمنح متتالية من برنامج الأولويات الوطنية التابع للصندوق القطري لرعاية البحث العملي.