لا تُغْلِقْ أُذنيك عن صوتِ أعدائك!
ثمة حقائق عن نفسك لا يُخبرك بها إلا العدو!
الأصدقاء يُحابوننا عادةً، ويحرصون على مشاعرِنا، أما أعداؤنا فيدلوننا على عيوبنا، ومن المهم جداً أن يرى المرءُ نفسَهُ بعيونِ أعدائه!
يروي «بلوتارخ»، وهو فيلسوف ومؤرِّخ روماني، في كتابه الشهير «السِّير المقارنة لعظماء اليونان والرومان»، قصةً يقول فيها:
عندما كانَ الملكُ «هيرو» يتكلمُ مع أحدِ أعدائه الأسرى، قال له هذا الأسير:
بالإضافة إلى كونك متعجرفاً، فإنَّ لكَ أنفاساً كريهةً أيضاً!
أرادَ الملكُ أن يتحققَ من هذا الأمر، وعندما عادَ إلى قصره، قالَ لزوجته بشيءٍ من التوبيخ: كيف لم تُخبريني أن رائحة أنفاسي كريهة، كان يجب أن أعرف الأمر منكِ لا من الناس!
وكانتْ الزوجةُ سيدةً بسيطةً، عفيفةً، وغيرَ مُؤذية، فقالتْ له:
يا سيدي، كنتُ أظنُّ أنَّ أنفاسَ الرجالِ جميعاً لها نفس الرائحة!
عندما تقع الخلافات استمعْ جيداً لما يُقال لك، لا شيء يكشفُ عن مكنوناتِ الصدورِ كالخلافات، وقد قالتْ العرب قديماً: خفايا القلب تُظهرها فلتات اللسان!
وقد وعى الحُكماء منذ فجرِ التاريخ أهمية الأعداء!
الفيلسوفُ اليوناني «فلوطرخس» يرى أن الأعداء المتربصين للزلاتِ يُشجعوننا على الانضباطِ، والتنظيمِ، وحُسنِ إدارةِ الأمور! لأن الشعور بالخطر يدفعنا إلى تقليلِ حدوثِ الأخطاء، وسَدِّ الثغرات التي قد يتسلل منها الأعداء!
الأمرُ أشبه أن تعرفَ أن أحد المدعوين إلى مائدةِ الطعامِ عندك كثير الانتقاد، هذا وإن كان شعوراً سيئاً بالنسبة لك، إلا أنه حافز لكَ على ألا تتركَ ثغرةً تُنتقدَ منها!
صحيحٌ أنه لأمر مُرهق أن يتعاملَ المرء مع أشخاص كل همهم أن يتصيَّدوا أخطاءه، ولكن هذا مدعاة للانضباطِ مهما حاولنا أن نُنكرَ هذا!
وجودُ نقد وطنيّ واعٍ ومسؤول يدفعُ الحكومة لتحسينِ أدائها، والمُدرِّس الشديد يجعلك تستعد بجديةٍ لامتحانه، ثمة قدرات كامنة فينا نحن مدينون بإظهارها للذين يُلاحقون عيوبنا!