+ A
A -

يكتشف بعض الناس ذواتهم في سن مبكرة، فيستغلون طاقاتهم بالشكل الأمثل، ليحلقوا بأجنحة النجاح عالياً حتى يبلغوا أعلى المراتب، بينما يتخبط كثيرون في محاولة لاكتشاف ماهيتهم الحقيقية، فيمضون سنين طويلة من أعمارهم وهم تائهون في دوامة من الصراعات الداخلية، لا يدركون مواهبهم الفريدة وقدراتهم الفطرية، وأين تكمن قوتهم الحقيقية. فكيف السبيل إلى اكتشاف الكنوز الداخلية؟

بادئ ذي بدء يجب أن تدرك شيئاً في غاية الأهمية؛ ألا وهو أن كل إنسان انبثق إلى هذا الوجود يحمل في صميم كيانه صفات تميزه عن غيره من الناس. لا يوجد امرؤ في العالم أجمع - مهما كان بسيطاً ومتواضع الحال في الظاهر - إلا ولديه مواهب وقدرات خاصة، لكن بعضنا يشعر بأنه غير جدير بالنجاح ولا يملك أي مهارات استثنائية، لأنه لم يكتشف ذاته بعد، ولم يتلمس النور الذي بداخله، والذي قد تغطيه سحب الصراعات الداخلية ونقص المعرفة والخبرة الحياتية.

ربما تشكك في قدراتك لأنك لا تعلم ما هي بعد، فاقرأ قصص أولئك الأشخاص الذين سخر منهم المجتمع، وتوقع الجميع فشلهم بدعوى أنهم أغبياء؛ إلا أنهم حطموا حاجز المستحيل، وأثبتوا لكل المحبطين من حولهم أنهم أهل للنجاح، بعد أن اكتشفوا مكامن القوة لديهم، وأخرجوا القائد الذي بداخلهم.

في داخل كل إنسان قائد عظيم، فلقد خلقنا لنكون أسياد مصائرنا، لا لنكون عبيداً للظروف والآخرين. أما مهمتك الأولى فهي إعادة اكتشاف مهاراتك الدفينة، وسبر أغوار ذاتك البشرية للوقوف على نقاط القوة والضعف لديك، ومعرفة ماذا تحب وماذا تكره في هذه الحياة. يقول الفيلسوف اليوناني سقراط: «اعرف نفسك بنفسك».

من الصعب على إنسان لا يعرف نفسه جيداً أن يحقق النجاح ويستمر فيه، فكيف لطائر أن يحلق بلا جناحين. فإذا كان النجاح هو الطائر، فمعرفة الذات هي الجناحان اللذان لا يمكن التحليق من دونهما.

وحتى تعرف نفسك جيداً، ينبغي أن تكثر من التأمل والجلوس لوحدك. ابتعد عن الناس من وقت لآخر، واعتكف في غرفتك لتعيد اكتشاف ذاتك. أعد إحياء الطفل الداخلي الذي جاء إلى هذا العالم وكله فضول وحشرية. نقّب عن مكامن القوة الداخلية، وفتش عن الأشياء التي تتقنها أو يمكن أن تتقنها، واعرف كل صغيرة وكبيرة حول أفكارك ومشاعرك الذاتية.

لا شك أنك ستجابه بعض الصعوبات خلال المحاولات الأولى، فلا تيأس، بل واصل رحلتك، حتى تعثر على القائد الداخلي. فتلك السنوات التي قضيتها في محاولة إرضاء الآخرين، والسير مع التيار على حساب ذاتك، والتأثر بالظروف الخارجية والأقاويل المحبطة؛ تحتاج إلى بعض الوقت حتى تتعلم منها كيف تشق طريقك هذه المرة بنفسك، وتقود حياتك إلى حيث تريد لا إلى حيثما يريد الآخرون.

كن على يقين أنك لست ضعيفاً بل قوياً إلى أبعد الحدود، وما إحساسك بالضعف سوى وهم وظنون. في كل إنسان قوة جبارة تتخطى عالم الماديات، وكل ما تحتاج إليه هو إيقاظها من السبات لترى النور، وتبدأ في عيش واقع مختلف عن الواقع الذي تحياه اليوم.

تأكد تماماً أنه في اللحظة التي تكتشف فيها القائد الذي بداخلك، وتدرك جيداً أنك صانع حياتك الأول والأخير لا أحد آخر، وأن لديك مواهب خاصة وقدراتك فريدة تميزك عن غيرك؛ ستبدأ حياتك في التغير نحو الأفضل، وستعيش واقعاً جديداً مليئاً بلحظات النجاح السعيدة. كل الإحباطات السابقة، والفشل المتكرر، والتخبط هنا وهناك لسنوات مديدة سيتلاشى تدريجياً لتحل محله ثقة عالية بالنفس، وقدرة أكيدة على توجيه دفة السفينة إلى حيث تريد وتطمح.حمد حسن التميمي

copy short url   نسخ
22/07/2024
70