كان الإعلام وأدواته هما الركن الرئيس بعد القوة المسلحة في الخطة والأحداث التي مهدت الطريق لعسكر مصر للقيام بانقلابهم الدموي في يوليو 2013، ورغم زيف وفبركة الكثير مما كان يسوقه الإعلام حينها من أحداث ووقائع لكنه نجح في التأثير على الرأي العام وجعل قطاعا ليس بالهين من الشعب المصري يتعجل النتائج من النظام المنتخب مع عدم منحه الفرصة للعمل على تحقيق المأمول منه وكان ما كان،
ومثلما كان الإعلام حينها أحد أقوى الأدوات التي برهنت على مدى سيطرة الدولة العميقة وإحكامهم لخطة الإطاحة بالثورة، اليوم أصبح الإعلام وأدواته نفسها دليلا يتجدد يوميًا ويوضح مدى سوء إدارة وفساد نظام الحكم العسكري الحالي.
عندما استشهد الرئيس محمد مرسي في شهر يونيو الماضي وضمن مهزلة التغطية الإعلامية البالغة السوء للإعلام العسكري تم تداول مقطع للمذيعة «منى درويش» وهي تسرد بيان النيابة العامة حول الأسباب الملفقة لوفاة الرئيس وختمت قراءة البيان بعبارة «وتم الإرسال من جهاز سامسونج»، وهو ما كان دليلًا واضحًا على تلقي وسائل الإعلام داخل الدولة المصرية تعليمات موحدة النص من جهات سيادية وفي القلب منها جهاز «المخابرات» بشقيه العامة والحربية، وأيضًا انخفاض كفاءة وخبرة الكثيرين من العاملين في المجال الإعلامي، وهو ما أعاد إلى الأذهان موقف مماثل لوزير خارجية الانقلاب سامح شكري أثناء قراءته لبيان رسمي في مؤتمر مشترك مع وزيرة الخارجية لدولة المكسيك إثر مقتل سياح مكسيكيين في حادث بالواحات وقع في شهر سبتمبر 2015، حين ختم البيان بعبارة «End of text» والتي تشير إلى نهاية البيان وغير مطلوب قراءتها، وهو ما أثار حينها موجة عارمة من السخرية من الوزير والنظام، وبرهن على أن حتى أعضاء الحكومة من وزراء ومسؤولين هم أشبه بموظفي العلاقات العامة والتسويق، وينفذون ما يرد إليهم من تعليمات من الإدارة العليا دون تفكير أو مناقشة، وغير مسموح بالتحرك خارج الإطار المرسوم والمحدد، وحتى في الحالات الطارئة، كان هذا يتم سابقًا بشكل سريع نسبيًا ويتم توزيع النص على الوسائل الإعلامية لتغطية الحدث دون السماح بتغطية حقيقية ومستقلة، ويتم التضييق باستمرار والحد من قدرة الشبكات الإخبارية الدولية والخاصة على الوصول والتفاعل مع الأحداث ضمن مخطط غلق المجال الإعلامي للدولة المصرية بالكامل، وهو أمر لا تخطئه العين، وجعل الرواية الرسمية للدولة هي الرواية الوحيدة المتاحة- هذا لو صدرت من الأصل- فالنظام العسكري وصل حاليًا لمرحلة من اللامبالاة بحبك رواية متماسكة إلى حد ما ومتزامنة مع الأحداث نسبيًا كما كان يفعل في السابق.
مساء الأحد الماضي وقع انفجار مروع خارج معهد الأورام بمنطقة المنيل بمحافظة القاهرة، وتضاربت الأنباء والروايات حول أسباب الانفجار ومداه وأسلوبه وحتى عدد الضحايا من القتلى والجرحى، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الرئيس في ما يخص الحادث المأساوي، في ظل تلكؤ وتقاعس الدولة المصرية ممثلة في الضابط المسؤول عن توجيه الأجهزة الإعلامية لتغطية الحدث بأي شكل كان، رغم تواجد مسؤولين على مستوى عال من الحكومة في محيط معهد الأورام، وهم وزيرة الصحة ووزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة، وهو ما أطلق العنان لروايات شتى ومتضاربة تم تداولها عبر فضاء السوشيال ميديا، ولتأتي التغطية الأولى للحادث عبر وسائل إعلام خارج مصر، سواءً من قناة «العربية»، ويمكن اعتبارها قناة النظام، فدومًا ما تتناغم تغطيتها للأحداث مع وجهة النظر والرؤية العسكرية، فالكفيل والممول واحد، وفي كثير من الأحيان تكون العربية هي قناة مصر الرسمية وتنقل الأخبار عنها القنوات المصرية المملوكة للدولة والخاصة منها على حد سواء، فالجميع داخل مصر خاضع للتوجيه الانقلابي، وأي تغريد خارج السرب كفيل بنفي صاحبه خارج المنظومة وربما خارج مصر نفسها أو الزج به في غياهب السجون والمعتقلات.
(يتبع)بقلم: جمال الهواري
ومثلما كان الإعلام حينها أحد أقوى الأدوات التي برهنت على مدى سيطرة الدولة العميقة وإحكامهم لخطة الإطاحة بالثورة، اليوم أصبح الإعلام وأدواته نفسها دليلا يتجدد يوميًا ويوضح مدى سوء إدارة وفساد نظام الحكم العسكري الحالي.
عندما استشهد الرئيس محمد مرسي في شهر يونيو الماضي وضمن مهزلة التغطية الإعلامية البالغة السوء للإعلام العسكري تم تداول مقطع للمذيعة «منى درويش» وهي تسرد بيان النيابة العامة حول الأسباب الملفقة لوفاة الرئيس وختمت قراءة البيان بعبارة «وتم الإرسال من جهاز سامسونج»، وهو ما كان دليلًا واضحًا على تلقي وسائل الإعلام داخل الدولة المصرية تعليمات موحدة النص من جهات سيادية وفي القلب منها جهاز «المخابرات» بشقيه العامة والحربية، وأيضًا انخفاض كفاءة وخبرة الكثيرين من العاملين في المجال الإعلامي، وهو ما أعاد إلى الأذهان موقف مماثل لوزير خارجية الانقلاب سامح شكري أثناء قراءته لبيان رسمي في مؤتمر مشترك مع وزيرة الخارجية لدولة المكسيك إثر مقتل سياح مكسيكيين في حادث بالواحات وقع في شهر سبتمبر 2015، حين ختم البيان بعبارة «End of text» والتي تشير إلى نهاية البيان وغير مطلوب قراءتها، وهو ما أثار حينها موجة عارمة من السخرية من الوزير والنظام، وبرهن على أن حتى أعضاء الحكومة من وزراء ومسؤولين هم أشبه بموظفي العلاقات العامة والتسويق، وينفذون ما يرد إليهم من تعليمات من الإدارة العليا دون تفكير أو مناقشة، وغير مسموح بالتحرك خارج الإطار المرسوم والمحدد، وحتى في الحالات الطارئة، كان هذا يتم سابقًا بشكل سريع نسبيًا ويتم توزيع النص على الوسائل الإعلامية لتغطية الحدث دون السماح بتغطية حقيقية ومستقلة، ويتم التضييق باستمرار والحد من قدرة الشبكات الإخبارية الدولية والخاصة على الوصول والتفاعل مع الأحداث ضمن مخطط غلق المجال الإعلامي للدولة المصرية بالكامل، وهو أمر لا تخطئه العين، وجعل الرواية الرسمية للدولة هي الرواية الوحيدة المتاحة- هذا لو صدرت من الأصل- فالنظام العسكري وصل حاليًا لمرحلة من اللامبالاة بحبك رواية متماسكة إلى حد ما ومتزامنة مع الأحداث نسبيًا كما كان يفعل في السابق.
مساء الأحد الماضي وقع انفجار مروع خارج معهد الأورام بمنطقة المنيل بمحافظة القاهرة، وتضاربت الأنباء والروايات حول أسباب الانفجار ومداه وأسلوبه وحتى عدد الضحايا من القتلى والجرحى، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الرئيس في ما يخص الحادث المأساوي، في ظل تلكؤ وتقاعس الدولة المصرية ممثلة في الضابط المسؤول عن توجيه الأجهزة الإعلامية لتغطية الحدث بأي شكل كان، رغم تواجد مسؤولين على مستوى عال من الحكومة في محيط معهد الأورام، وهم وزيرة الصحة ووزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة، وهو ما أطلق العنان لروايات شتى ومتضاربة تم تداولها عبر فضاء السوشيال ميديا، ولتأتي التغطية الأولى للحادث عبر وسائل إعلام خارج مصر، سواءً من قناة «العربية»، ويمكن اعتبارها قناة النظام، فدومًا ما تتناغم تغطيتها للأحداث مع وجهة النظر والرؤية العسكرية، فالكفيل والممول واحد، وفي كثير من الأحيان تكون العربية هي قناة مصر الرسمية وتنقل الأخبار عنها القنوات المصرية المملوكة للدولة والخاصة منها على حد سواء، فالجميع داخل مصر خاضع للتوجيه الانقلابي، وأي تغريد خارج السرب كفيل بنفي صاحبه خارج المنظومة وربما خارج مصر نفسها أو الزج به في غياهب السجون والمعتقلات.
(يتبع)بقلم: جمال الهواري