+ A
A -
نزار السهلي كاتب فلسطيني

بعض المواقف الفلسطينية تفجر في النفوس مشاعر الحماس والاعتزاز والفخر، وبعضها الآخر لا يثير في القلوب والعقول سوى الحزن والخيبة والشفقة المريبة؛ من هذا النوع الأخير إدهاش السلطة الفلسطينية لمحتلها وحلفائه بمواقف باتت من فرط الكآبة التي أحدثتها طيلة مسيرتها المتعاونة مع الاحتلال سرا علنا، وفي ذروة العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني في مدن الضفة وغزة والقدس وارتفاع منسوب جرائم حرب الاحتلال ضد الفلسطينيين، أعجز الآن من أن تخلق أحزانا، كل ما تخلفه وراءها من مواقف وتصريحات وسياسات تعني تقديم الذرائع للمحتل وتبرير الجريمة بتحميل الضحية مسؤولية صموده فوق أرضه والدفاع عنها، حتى أصبحت السلطة ومواقفها أشبه بغصة كالحة من الصعوبة ابتلاعها والمضي قدما لمواجهة المحتل.

النوع الفلسطيني الأخير، الذي وجد نفسه منعزلا ومتشرنقا ببؤس مهامه الأمنية الوظيفية مع المحتل، بعد عملية «طوفان الأقصى» وفي معمعان المواجهة التي تخوضها المقاومة بالتصدي للعدوان، في حالة يأسٍ لكن لا تخلو جعبته من تقديم المفاجآت الباهتة المكتملة مع مفارقات التاريخ، والتي تذكرنا كفلسطينيين وعرب عاما بعد آخر ويوما بعد يوم بخيبتنا بهذه السلطة وبيادقها التي تحاول إجهاض الأحلام المؤجلة وتلك الضائعة على طاولة المصلحة الفئوية الضيقة الملتصقة بمهامها؛ بإعلاء الأناشيد الجنائزية التي تترحم على الفلسطيني المقاوم لمحتله. التناوب السخيف للسلطة للعمل برواية المحتل بتحميل المقاومة مسؤولية العدوان على شعبها، ومسؤوليتها عن إحداث المحتل لجرائم الإبادة والحرب، فيهما من الحماقة الغليظة التي يكررها دانيال هغاري وبنيامين نتانياهو وأفيخاي أدرعي من ذرائع سافلة لتبرير الجرائم.

والقول إن المقاومة تختبئ بين صفوف المدنيين، قول العاجز فالشعب الفلسطيني في جنين ونابلس وطولكرم وغزة والقدس والرملة وغيرها، تنجب مقاوميها من صلبها للتصدي لوحشية المحتل ولسياساته الفاشية.

سياسات العدوان وضم الأراضي والاستيطان والتهويد والتهجير لا تُلجم فلسطينيا عن شيطنة الذات، وهي بسياسات سمحت للمحتل بالتمدد والاتساع خصوصا مع سياسة غرق السلطة الفلسطينية في قاع المواقف والسياسات التي برهنت خدمتها للمحتل، وشكلت مأساة حقيقية للشعب الفلسطيني ولأرضه ومقدساته وضاعفت من مشاكل ومعاناة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

المطلوب اليوم، من الشرفاء والمخلصين في حركة فتح، التصدي لهذه السياسات بعد أن بلغت ذروتها بتحميل الفلسطينيين مسؤولية إنجابهم لمقاومين، وهذا موقف يحمل تفريطا تاريخيا يخدم المحتل وسياساته ويحمي عدوانه. ومطلوب من كل القوى والفصائل رص قواها وخلق مرجعية وطنية فلسطينية قادرة على حماية وصون حقوق شعبها والدفاع عنه لانتزاع كامل حقوقه، وتنفيذ هذه المطالب والمواقف يكفي لتفجير مشاعر الفخر والاعتزاز بشعب فلسطين بعيدا عن القاع الذي تتمترس به سلطة اليأس الفلسطيني.عربي 21

copy short url   نسخ
26/07/2024
10