بخلاف المزاعم التي حاول الترويج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمام الكونغرس الأميركي، مساء الأربعاء، بخصوص استهداف المدنيين بقطاع غزة وعرقلة توصيل المساعدات، أكدت تقارير حقوقية وأممية مرارا مقتل مدنيين، بينهم نساء وأطفال، خلال عمليات الجيش الإسرائيلي وتدمير منازل وأحياء سكنية كاملة، ووفاة عشرات المدنيين جوعا في غزة نتيجة منع إدخال المساعدات.

ومع محاولته تغييب حقائق الخسائر البشرية والمادية التي أكدتها تقارير دولية وأممية بشأن حرب غزة، ادعى نتانياهو في كلمته أمام الكونغرس أن الفلسطينيين يعانون الجوع «لأن حماس تسرق المساعدات»، على حد زعمه.

وزعم أن عدد القتلى في غزة جراء الحرب التي تشنها إسرائيل «هو الأقل في تاريخ حروب المدن»، مدعيا أن حماس «تنشر الأكاذيب للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب».

وجاء خطاب نتانياهو أمام الكونغرس الأميركي، وسط احتجاجات ضخمة لآلاف المؤيدين لفلسطين في شوارع واشنطن مطالبين بوقف الحرب ووقف تزويد إسرائيل بالسلاح.

وهاجم نتانياهو المتظاهرين ضد إسرائيل، واتهمهم بأنهم يريدون تدمير الولايات المتحدة.

وزعم أن «كثيرا من المتظاهرين ضد إسرائيل اختاروا أن يقفوا مع الشر ومع حماس ويجب أن يشعروا بالعار». كما زعم أن «المتظاهرين أمام الكونغرس أصبحوا لعبة في أيدي إيران»، وادّعى أن طهران تمول الاحتجاج ضد إسرائيل، دون تقديم أدلة على مزاعمه.

كما هاجم نتانياهو المحكمة الجنائية الدولية التي سبق أن أكدت أن إسرائيل تجوع الفلسطينيين بغزة متهما إياها بـ«الهراء والتلفيق».

وزعم أن «أكاذيب محكمة الجنايات الدولية تحاول تقييد يد إسرائيل ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا».

وسبق أن طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق نتانياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية» في غزة.

وتواصل تل أبيب حربها على غزة متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.

وفي 6 مايو/‏‏ أيار الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في رفح متجاهلا تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين بالمدينة، وسيطر في اليوم التالي على معبر رفح الحدودي مع مصر. وأعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في 13 مايو، أن مئات الآلاف من الفلسطينيين يفرون من مدينة رفح جنوب قطاع غزة بعد أن أمرت القوات الإسرائيلية بمزيد من عمليات التهجير.

وكان يتواجد في المدينة نحو 1.4 مليون نازح، سبق أن دفعهم الجيش الإسرائيلي للنزوح إليها قسرا، بزعم أنها «آمنة» قبل أن يشن عليها هجوما بريا وغارات جوية مكثفة أسفرت عن قتلى وجرحى.

وفي 29 مايو، أعلنت مديرة التواصل والإعلام في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، جولييت توما، خلال تصريح صحفي في نيويورك، مقتل ما لا يقل عن 200 شخص جراء الهجوم الإسرائيلي على مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح. وفي 25 الشهر الماضي، قالت مسؤولة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة (أوتشا) ياسمينة جيردا، إن أكثر من 200 شخص من العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية قتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر/‏‏ تشرين الأول الماضي.

الأطفال ومعاناة سوء التغذية

وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الدكتور رامي عبدو، للأناضول: «الاحتلال الإسرائيلي قتل خلال العدوان على رفح أكثر من 620 فلسطينيا على الأقل بينهم أطفال ونساء مدنيين».

وأضاف: «دمرت قوات الاحتلال أكثر من 70 بالمائة من البنية التحتية في المحافظة، بما يشمل الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي، وخزانات وآبار المياه، والسوق المركزي، ومرافق البلدية».

وبشأن المجاعة في غزة في 7 يونيو/‏‏ حزيران قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» إن 9 من بين كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء، وأن سوء التغذية يزيد من الخطر على الحياة في القطاع.

وأفادت في تقرير، بأن «الوضع في غزة يظهر أن الأسر غير قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالها، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأطفال».

وفي إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن 34 فلسطينيا، أغلبهم من الأطفال، استشهدوا نتيجة المجاعة في مناطق متفرقة من القطاع.

وحذرت 13 منظمة دولية وإنسانية، في تقرير نشرته الخميس، من تواصل تعطل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة.

وحذرت «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى هذه المنظمات، من «تفاقم الكارثة الإنسانية بالقطاع، في حين تستمر المنظمات غير الحكومية في مواجهة العقبات التي يفرضها استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية».

وأكدت المنظمة أن «المعابر في جنوب القطاع مغلقة تماما، أو لا يمكن الوصول إليها من الناحية اللوجستية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية»، لافتة إلى أن «أطنانا من المساعدات الضرورية جدا معرقلة هناك».