من الجميل أن يتقن الإنسان فن التفاوض ويمتلك القدرة على إقناع الآخرين، فيحصل على موافقتهم ودعمهم له. فكيف السبيل إلى ذلك؟

يطرح كتاب «الحصول على نعم»، لمؤلفيه «ويليام يوري» و«روجر فيشر»، مبادئ واستراتيجيات التفاوض الناجح، ويعلمك كيف تحصل على ما تريده بأساليب ذكية وطرق سلسة وسهلة، وكيف تتعامل مع العوامل العاطفية للمفاوضين وتَوجِد أرضية مشتركة لإنهاء الصفقات.

من المهم للغاية عندما تدخل في أي عملية تفاوض أن تتجنب النزاع مع الطرف المقابل لتحقيق نتيجة مرضية لكلا الطرفين. لذا فمن المستحب في البداية أن تكتشف طريقة جديدة للتفاوض. فكل تفاوض يتألف من قسمين هما: الأول هو الهدف الذي تريد تحقيقه، والثاني هو طريقة التفاوض أو الأسلوب المتبع خلال مفاوضة الآخرين. وعليك هنا أن تدرك أهمية التوصل إلى إجابات واضحة عن سؤال: كيف؟ أي كيف بإمكاني إقناع الآخر والحصول على نعم.

وهناك نوعان من التفاوض: النوع الأول، هو التفاوض السلس الذي يقبل فيه الطرف المقابل ما تريده بسلاسة، لكن من عيوب هذا النوع هو احتمالية إحساس الآخر بالاستياء إثر قبوله السريع لعرضك. والنوع الثاني هو التفاوض الصعب المبني على الصرامة، الذي يتطلب جهداً في إقناع من تتوجه إليه بعرضه وحنكة تجعله يوافق على ما تطرحه في نهاية المطاف.

لكن عوضاً عن الاختيار بين التفاوض السلس والتفاوض الصعب، يقدم مشروع جامعة هارفارد نوعاً جديداً يقوم على مبدأ يُبنى على نقاط أربع ألا وهي؛ الناس، وهنا عليك كمفاوض أن تفصل بين الشخص والمشكلة محل التفاوض. وثاني نقطة هي الفائدة، ركز على الفائدة المنشودة بدلاً من أن تتشبث برأيك وموقفك. أما الثالثة فهي توفير بدائل عديدة قبل أن تقرر ما تقوم به. والنقطة الرابعة هي المعايير، وهنا عليك وضع معايير للنتيجة التي تبتغي الحصول عليها من عملية التفاوض.

بعد أن تكتشف طريقة جديدة للتفاوض، فلا بد أن تفهم عواطف الطرف الآخر؛ لأن الناس بشكل عام يشركون عواطفهم في عملية التفاوض التي لا تكون أبداً حيادية. وأي شخص فينا يتعامل خلال التفاوض مع أشخاص من لحم ودم لديهم توجهات وتحيزات معينة يجب اكتشافها. ومن هنا فإن إدراك ما يشعر به من نفاوضه أمر مهم جداً لنجاح المفاوضات. فمتى امتلكت المفتاح إلى عقول الآخرين وقلوبهم أصبح من السهل إقناعهم. اسأل نفسك دوماً: هل يشعر الطرف المقابل بالسعادة أم الغضب أم الاستياء؟ وبدلاً من الاحتفاظ بأفكارك ومشاعرك لنفسك، عبر عما يعتمر في داخلك بالكلمات، واسأل الآخر باهتمام عما يفكر فيه ويشعر فيه بلغة واضحة وبسيطة، وبالتالي فإنك تكـــســر الجلـيـد وتحقق تواصلاً إنسانيّاً يسهل عليك مهمتك.

من الأهمية بمكان أن تعي جيداً أن سوء الفهم وارد كثيراً في المفاوضات. فإذا كان الأزواج الذين يسكنون بيتاً واحداً يتشاجرون ويسيئون فهم بعضهم البعض من وقت لآخر، فما بالك بأشخاص لا تجمع بينهم أي صلة أو قرابة.

وحتى تبدد ضباب سوء الفهم، عليك بالإصغاء بكل كيانك لما يقوله الآخر، والتكلم بوضوح وأنت تعبر عن رأيك ووجهة نظرك، والتحدث عن نفسك بدلاً من الحديث عن الطرف المقابل. كأن تقول مثلاً: أنا أحسّ بعدم الاحترام تجاهي؟ عوضاً عن أن تقول: أنتَ غير محترم؟ واحرص دوماً أن تقول شيئاً يضيف قيمة وإلا فلتصمت، وشارك من تفاوضه عملية البحث عن حلول والتوصل إلى القرار النهائي.

ابتعد خلال التفاوض عن الجدل، واسعَ إلى تحويل الخصوم إلى حلفاء، من خلال عدم التفكير في الطرف المفاوَض على أنه عدو، بل أنه مجرد شخص يقوم بنفس وظيفتك ويرنو لحل الموقف ذاته الذي تسعى إلى حله.

خلال التفاوض أيضاً احرص على الجلوس إلى جوار الشخص المقابل وليس مقابله، وعبر عن تقبلك واحترامك له، وحدد معه الهدف المشترك الذي تريدان تحقيقه، دون التركيز على من يربح التفاوض؛ أي أن تركز على الغاية النهائية وليس على الوسيلة ومن هو المنتصر.

استخدم في تفاوضك العبارات الإيجابية دوماً، وإذا اضطررت للتعبير عن رأيك في تصرف أو فعل غير مستحب فلا تقل مثلاً: إن ما قمت به سيئ! بل قل: إن ما فعلته أقل مما كنت أتوقعه!

ضع دوماً خططاً بديلة قبل أن تشرع في أي عملية تفاوض، حتى إذا أخفقت خطتك الأساسية كانت لديك استراتيجيات بديلة تنقذ الموقف. وبهذا كله، تضمن سير عملية التفاوض بنجاح مع حصول كلا الطرفين على نتيجة مرضية لكليهما.حمد حسن التميمي